اخبار لبنان
موقع كل يوم -الكتائب
نشر بتاريخ: ١٣ أيار ٢٠٢٥
باتت بعض الأوساط الأجنبية المتعاطفة مع إصرار لبنان على إزالة الخروق الإسرائيلية لاتّفاق وقف الأعمال العدائية في الجنوب وغيره تعترف بعدم القدرة على وضع حدّ لانتهاكات بنيامين نتنياهو لنصوصه.
لهذا البعض بتسلسلٌ في المنطق ينتهي بنصح لبنان أن يقبل باقتراح إدخال عنصر سياسي أو دبلوماسي على المفاوضات غير المباشرة بين البلدين، لتطبيق اتّفاق وقف الأعمال العدائية. يرى هؤلاء أنّ سلوك هذا المسار ربّما يوفّر على البلد المزيد من المعاناة. وإذا فشل قد يحفّز عندئذٍ الضغوط على الدولة العبرية مقابل الإيجابية اللبنانية.
يتعامل جزء من المجتمع الدولي مع الخروق الإسرائيلية في لبنان على أنّها أمر واقع، وأنّها “الحقيقة المرّة” التي لا بدّ من التسليم بها. لسان حال جهات تتحرّك على خطّ تطبيق اتّفاق 27 تشرين الثاني الماضي لوقف الأعمال العدائية بين إسرائيل و”الحزب” أنّ أحداث السنة الماضية أثبتت أنّ للدولة العبريّة “اليد العليا” في المنطقة بفعل تفوّقها العسكري.
حجّة إسرائيل “الدّفاع عن النّفس” والتّفوّق العسكريّ
مجيء عهد جديد في أميركا بعد وقف النار في لبنان استغلّته إسرائيل لمواصلة احتلال التلال الخمس. تقرّ الجهات الساعية إلى تطبيق الاتّفاق بأنّ إسرائيل بدأت خرق الاتّفاق بإخلالها بمهلة الستّين يوماً لانسحابها من القرى الجنوبية الأمامية. ويعتبر مسؤولون من هذه الجهات أنّ مواصلتها الضربات جنوب الليطاني وشماله إمعانٌ في انتهاكه، على الرغم من تذرّع قادتها بما نصّ عليه في شأن “حقّ الدفاع عن النفس” (الفقرة الثالثة من نصّ الاتفاق).
لكنّه تفسير من جانب واحد يعتمد على التفوّق الإسرائيلي في ميزان القوى، ويفضي إلى خطوات أحاديّة. تعترف الجهات نفسها بأنّه لا تستقيم الحجّة الأمنيّة الإسرائيلية التي تبرّر الاحتفاظ بالتلال الخمس بمراقبة تحرّكات معادية لها. فالإسرائيليون “يعرفون كلّ شيء” في لبنان من دون الحاجة إلى التلال.
تتابع هذه الجهات منطقها: صحيح أنّه كان للاتّفاق وقع إيجابي، لكنّ استمرار الخروق الإسرائيلية يجعل لبنان غير مستقرّ على الرغم من الأثر الإيحابي لانتخاب الرئيس جوزف عون وتشكيل حكومة برئاسة نوّاف سلام وإجراءات الجيش المتقدّمة في الجنوب. المطلوب إيجاد حلّ لاستمرار الخروق الإسرائيلية التي تعيق التعافي. حاولت موفدة الرئيس دونالد ترامب إلى لبنان مورغان أورتاغوس إيجاد مخرج باقتراحها مفاوضات غير مباشرة في شأن الانسحاب والإفراج عن الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل وترسيم الحدود البرّية.
تطمينات للبنان إلى أن لا تطبيع؟
تطمئن الجهات نفسها إلى أنّ صيغة المفاوضات هذه لا تعني التطبيع وليست في سياق سعي ترامب إلى استكمال الاتّفاقات الإبراهيمية بين الدول العربية وإسرائيل، بل تنحصر بآليّة تطبيق اتّفاق وقف النار وتنفيذ القرار 1701. وتؤكّد أنّها غير مباشرة تشمل سياسيّاً أو دبلوماسيّاً من الجانبين، إضافة إلى العسكريّين. والطرفان لا يتخاطبان مباشرة بل يوجّه كلّ منهما كلامه إلى رئيس الجلسة. وهو في هذه الحال الرئيس الأميركي للّجنة الخماسية التي نصّ عليها الاتّفاق لمتابعة تطبيق بنوده، وتضمّ إلى لبنان وإسرائيل أميركا، فرنسا والأمم المتّحدة.
علم “أساس” أنّ جولة اتّصالات جديدة ستجري مع إسرائيل في الأسابيع المقبلة لإحداث تقدّم في تنفيذ الاتّفاق. في الانتظار تتقاطع النصائح التي تسديها الجهات العاملة على تطبيق اتّفاق 27 تشرين الثاني إلى لبنان بقبول رفع مستوى التفاوض، مع تقارير وردت إلى فرقاء لبنانيين عن حوارات وفود دبلوماسية قبل بضعة أسابيع مع مسؤولين إسرائيليين في الخارجية والدفاع حول الوضع الإقليمي. أشارت هذه التقارير بشأن لبنان إلى الآتي:
تل أبيب مستعدّة لبحث مزارع شبعا؟
– لن تنسحب إسرائيل من التلال الخمس وستواصل عمليّاتها ضدّ “الحزب” (كما يحصل في شكل شبه يوميّ)، ويشمل قصفها استهداف كوادر لـ”حماس”.
– تراهن تل أبيب على حصول مفاوضات على المستوى السياسي مع لبنان. ومقابل اقتراحها عبر أحد الوسطاء أن يمثّلها وزير الشؤون الاستراتيجيّة رون ديرمر، المقرّب من بنيامين نتنياهو، تأمل أن يكون من الجهة اللبنانية “رمز سياسي”. لكن لا يحدّد الإسرائيليون ما هو المطلوب، أيكون مستوى وزاريّاً أم دبلوماسيّاً؟
– تل أبيب مستعدّة في هذه الحال لمناقشة كلّ المواضيع التي تهمّ لبنان، بما فيها حلّ لمسألة مزارع شبعا.
– يعتبر الجانب الإسرائيلي أنّ لبنان يتأخّر في تنفيذ ما هو مطلوب منه لجهة سحب سلاح “الحزب”، ويتوقّع أنّه إذا طالت الحلول أن تبلغ واشنطن لبنان بأنّها لم تعد مهتمّة بأوضاعه لأنّها ستكون منشغلة بأمور أهمّ في المنطقة والعالم، وهو ما يعني تركه لإسرائيل. وهذا ما كرّرته أورتاغوس في تصريحات لها الأسبوع الماضي.
على الرغم من تطمين لبنان إلى أنّ رفع مستوى التفاوض لا يعني تطبيعاً أو تفاوضاً على السلام، طُرحت أسئلة على الجهات الساعية إلى مخرج التفاوض: لماذا يوافق لبنان على ذلك وإسرائيل ترفض الانسحاب، والجيش قام بواجبه في مصادرة سلاح “الحزب” جنوب الليطاني وينفّذ إجراءات شماله، ورئيس الجمهورية والحكومة يصرّان على حصريّة السلاح بيد الدولة، و”الحزب” يلتزم وقف النار على الرغم من استهداف إسرائيل المتواصل لكوادره؟
منطق “الواقعيّة” وخفض الخسائر
تقرّ الجهات نفسها بصحّة هذه الحجج، لكنّها تتلبّس منطق “الواقعيّة” في الردّ:
– نحن في شهر أيّار فيما وقف النار وإنهاء الأعمال العدائية وانسحاب إسرائيل كان يجب أن تتمّ في 26 شباط الماضي (بعد تمديد المهلة). وفي الفترة الفاصلة عن ذلك التاريخ فقدَ كثر من اللبنانيين حياتهم ودُمّرت آلاف المنازل وبقيت إسرائيل محتلّة. وما يزال معظم الأهالي عاجزين عن العودة لقراهم. أليس الأفضل محاولة وضع حدّ لذلك عبر جلسات التفاوض غير المباشر مع رفع مستواه؟
– يوقف التفاوض على هذا المستوى السجال في تفسير نصّ اتّفاق وقف النار. فدول عدّة ترفض التفسير الإسرائيلي.
– إذا كانت إيران تفاوض الولايات المتّحدة، فباستطاعة لبنان مفاوضة إسرائيل.
– بإمكان لبنان الانسحاب من المفاوضات في حال لم يتحقّق أيّ تقدّم، لكنّ عليه وضع سيناريو لهذه العمليّة قبل المباشرة بها.
Like our kataeb.org Facebook Page