اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ١٨ حزيران ٢٠٢٥
كتبت لارا يزبك في 'نداء الوطن':
المنطقة تغلي وتشهد بين ليلة وضحاها، تحوّلات تحتاج إلى عقود لتتحقّق. الأنظمة المُعمّرة تنهار وتتهاوى والحروب تشتعل بلا هوادة وتتنقّل من دولة إلى أخرى، بتوقيع إسرائيلي وهدفٍ واحد: إنهاء أيّ تهديد محتمل لأمن الدولة العبريّة وفتح الطريق أمام الاتفاقات الإبراهيمية ونقل الشرق الأوسط من عصر إلى آخر.
العواصم العربية والخليجية فهمت كلّها هذه التبدّلات، والتي شكّلت عمليةُ 'طوفان الأقصى'، الصاعقَ الذي فجّرها، باستثناء بيروت. فرغم أنّ لبنان دفع غاليًا ثمن إسناده 'حماس'، مرغمًا، بقرارٍ اتخذه 'حزب اللّه' منفردًا، إلّا أن 'الحزب' ومعه القوى التي أيّدته في قراره 'إشعال بيروت كرمى لغزة وطهران'، لا يزالان يتصرفان وكأنّ لا شيء تبدّل، لا في لبنان ولا من حولنا، بحسب ما تقول مصادر نيابية سيادية لـ 'نداء الوطن'.
ضحك على أهل الحكم
ففي السياسة وفي الإدارة وفي الاستراتيجيا، ذهنية 'حزب اللّه' وحركة 'أمل' البائدة، التي قوّضت الدولة ومنعت قيامها لعقود، على حالها. لا أطنان المتفجّرات التي دُكّ بها الجنوب والضاحية الجنوبية، ولا اتفاق الإذعان المدوّي الذي انتهت إليه حرب الإسناد، تمكّنا من تغيير شيء في أداء 'الثنائي'.
في ملفّ حصر السلاح بيد الدولة والذي ينصّ عليه 'الطائف' قبل اتفاق وقف النار، 'الحزب' يضحك على أهل الحكم. يشتري الوقت، يساير رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ويبيعه مواقف جميلة لا تُصرف في أي مكان هي بمثابة شيكات بلا رصيد، لكنه في الواقع يعيد بناء قدراته العسكرية، بإقرارٍ صريح من أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الذي أكّد الأمر مساء الخميس. كما أن 'الحزب' يعتمد غموضًا غير بنّاء في مسألة مشاركته في الحرب الإسرائيلية الإيرانية الدائرة اليوم، منتظرًا كلمة سرّ من طهران، مثبتًا مرة جديدة أن هويته وانتماءه إيرانيان لا لبنانيان، وأن خراب بيروت لم يرفع منسوب اللبنانيةِ في دمائه ولو غرامًا واحدًا. فعندما تنادي إيران، يلبّي 'الحزب' النداء كالتلميذ الشاطر، أما عندما ينادي رئيس الجمهورية ويدعوه إلى الحوار فـ 'ما حدا ورانا'، على حد تعبير رئيس كتلة 'الوفاء للمقاومة' النائب محمد رعد.
ما أريد وإلا!
إلى هذا السلوك الذي يحول دون إعادة الإعمار ودون قيام دولة، وقد يرمي لبنان من جديد في فم آلة القتل الإسرائيلية، فإن سلوك 'الأخ الأكبر' لـ 'الحزب'، رئيس مجلس النواب نبيه بري في 'اليوميات' لا يقل ضررًا على لبنان ونهضته. الرجل لا يزال يقف في زمن 'إما ما أريد، أو أعطّل'. هذا ما يفعله في التعيينات، حيث يتمسّك بزاهر حماده كمدّع عام مالي ويرفض إقرار التعيينات إذا لم يحصل على مراده، بينما تلوّح أوساطه بأن وزير المال المحسوب عليه، قد لا يوقّعها إذا لم تكن على ذوق 'الإستيذ'. أما في قانون الانتخاب، فيحاول 'الثنائي الشيعي' أيضًا التذاكي وفرض قانون يؤمّن له، على حساب كل الفئات الأخرى، أكبر 'سكور' نيابي ويعوّض عليه خسائره السياسية والعسكرية التي لا تعدّ ولا تحصى منذ اتفاق وقف النار.
'إيرانيةُ' 'حزب اللّه' وحساباته، ومنطقُ الفرض والتعطيل الذي يعتمده حليفه رئيس حركة 'امل'، خلطةٌ قاتلة للدولة ولأحلام اللبنانيين. فهل مَن يبلغهما أنّ 'الزمن الأوّل تحوّل' وأن عقليّتهما بحاجة إلى تحديثٍ سريع وإلّا سيجد لبنان نفسه بعد أشهر تحت القصف مجددًا أو غارقًا في عزلته ودماره بينما محيطُه كلّه ركب قطار الازدهار؟