اخبار لبنان
موقع كل يوم -الكتائب
نشر بتاريخ: ١٩ أيار ٢٠٢٥
ومع أنها تحترف إطلاق المواقف المتناقضة والتنصّل منها، في تعبير عن ثقافة متجذّرة في التيارات الأيديولوجية والجماعات الإسلامية، إلا أن ثبات 'حماس' على روايتها يدعم توجّه الدولة لسحب سلاحها خلال مهلة زمنية قصيرة، وتجميد أي نشاط سياسي لها على الأراضي اللبنانية، لا العكس حسبما تفترض عقولها السياسية.
ذلك أن الرواية التي ساقتها تزيد من حجم المخاطر التي يحملها هذا السلاح على السلم الأهلي في لبنان. فإن كانت هي نفسها عاجزة عن ضبط الزُمر المنتمية إليها، والتي لديها القدرة على التخفّي في أزقة المخيمات، وتمتلك الوصول والتحكّم بشبكة واسعة من الأسلحة النوعية والصواريخ، فذلك يعني أنه ما من حائل يقف أمام اختراق أطراف داخلية وخارجية لـ 'غير المنضبطين'، وتوظيفهم من أجل تنفيذ اغتيالات أو تفجيرات أو أعمال تهدد الاستقرار في بلد يمرّ بمرحلة انتقالية صعبة ويتّسم بتوازنات هشة وشديدة الحساسية.
إزاء هذه الرواية، ما من ضمانة موثوقة يمكن الركون إليها، ولا سيما في ظل تحول بعض المخيمات، والتي 'يصدف' أنها تحت هيمنة 'حزب الله' إلى بؤر لتصنيع السلاح وتدريب الشبكات التخريبية التي يطال أذاها دولاً شقيقة وصديقة تربطها علاقات وثيقة مع لبنان.
ناهيكم عما تشكّله هذه المجموعات من تهديد للأمن الاجتماعي حيث تسبغ حماية معنوية، سواء عن قصد أو غير قصد، على إرهابيين وتجار مخدرات يلوذون بالمخيمات، ويمكن في أي لحظة أن تستخدم الأسلحة والصواريخ التي تحت يدها من أجل التصدي لعملية ملاحقة هذا التاجر أو ذاك الإرهابي ودائماً باسم 'القضية الفلسطينية' أو تحت ستار 'حمية' دينية تصوّر الأمر على أنه 'مؤامرة على السنة'. الدلالة الأوضح على ذلك تتمثل في 'مخيم عين الحلوة' الذي تحول تحت رعاية مشتركة من 'حماس' و'حزب الله' إلى موئل لتشكيلات متنوعة من المنظمات الإرهابية والمجرمين المطلوبين للعدالة اللبنانية.
أما العنصر الأشد خطورة، فهو انكشاف هذه المجموعات أمام اختراقات إسرائيلية عميقة، مثلما أظهرت مجريات الحرب، لتصبح إذ ذاك خنجراً إسرائيلياً بهوية فلسطينية مسلّطاً على 'حماس' قبل غيرها. وترتفع خطورة هذا العنصر بالنظر إلى الروابط الهشّة بين المستويين العسكري والسياسي ضمن هرمية التنظيم، والتي زادت هشاشة تحت وطأة آلة الحرب الإسرائيلية.
في موازاة ما تتّسم به 'الحركة'، وسائر التنظيمات والأفرع الإخوانية، من مرونة على صعيد استقطاب تيارات فكرية وسياسية ودينية تحت جناحها، والانعكاس السلبي لذلك على آليات اتخاذ القرار المركزي ومدى الالتزام به.
ما سبق يسري أيضاً على سائر التنظيمات العقائدية الفلسطينية التي تنشط على الساحة اللبنانية، ويظهر بشكل أكثر فجاجة لدى بعضها، التي تحولت في الماضي إلى 'بندقية للإيجار' أو 'بيدق' بيد زعيم عربي 'ممانع' أو 'ملّا ثوري'، يحركه أنّى يشاء لتخريب الأمن والاستقرار في لبنان.
وعليه، فإن الرواية التي تتمسك بها 'حماس' هي في الواقع حجّة عليها. وطالما أنها غير قادرة على فرض الانضباط بين صفوفها، وإلزام عناصرها التقيّد بالتفاهمات التي أبرمتها قياداتها مع المسؤولين اللبنانيين، فإن الأولى بها أن تسارع إلى تسليم سلاحها قبل أن تحصل كارثة تتجاوز آثارها مسألة إطلاق الصواريخ، فتصبح حجّتها غير قابلة للاستخدام في ظل تشكّل رأي عام واسع يعتبرها ببساطة 'ميليشيا' واجب محاسبتها.