اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ١٧ أذار ٢٠٢٥
في لبنان، تتناقض صورة 'سويسرا الشرق' مع واقع مأسوي تعيشه العاملات المنزليات في ظل نظام الكفالة، الذي يحوّل حياتهن كابوساً يومياً. جوازات سفرهن مصادرة، حريتهن مسلوبة، وأجسادهن وأرواحهن مستباحة. إنهنّ لا يُعتبرنَ بشراً، بل مجرد أدوات لتلبية احتياجات أصحاب المنازل.
في هذا البلد الذي يتغنى بحقوق الإنسان، تُباع وتُشترى كرامة العاملات بأبخس الأثمان. وتقول الدكتورة لمياء رمضان، أمينة سر جمعية 'رغبة وإرادة': 'يواجه بعض العاملات المنزليات في لبنان ظروفاً قاسية تتضمن مصادرة جوازات سفرهن، وعزلهن عن عائلاتهن، وحرمانهن من أجورهن وأوقات الراحة. ويُمنعن من التواصل مع أصدقائهن أو الاستمتاع بأوقات فراغهن، ويُجبرن على تناول طعام رديء. كما يُحرمن من الرعاية الصحية، ويتعرضن للضرب والمعاملة القاسية، وقد يُجبرن على النوم في ظروف جوية قاسية. يُكلَّفن برعاية أطفال من ذوي احتياجات خاصة أو مسنين من دون تدريب، ويُحرمن من الراحة أو التفكير في أنفسهن. هذه المعاملة غير إنسانية وتمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان. وتشمل الإساءات التي تتعرض لها العاملات المنزليات في بعض الحالات الاعتداء الجسدي والجنسي، والحرمان من الأجور، والعزلة الاجتماعية، وعدم احتساب أوقات الراحة، وانتهاك الإنسانية. هذه الظروف القاسية تدفع العديد منهن إلى الهرب، وقد يتعرضن خلال هربهن لمخاطر إضافية، مثل الاستغلال الجنسي'.
وترى رمضان 'أن نظام الكفالة ليس قانوناً بالمعنى المتعارف عليه، بل هو نظام داخلي وُضع لسد فراغ قانوني في قانون العمل. هذا التمييز الدقيق يكشف عن هشاشة الوضع القانوني للعاملات، حيث يفتقرن إلى الحماية التي يوفرها القانون الصريح'.
وتوضح رمضان 'أن النظام هو مجموعة من القواعد التي تضعها مجموعة لتنظيم عملها، مثل نظام داخلي لمؤسسة أو نظام لإدارة عامة. أما القانون، فهو أعلى مرتبة من النظام، ويتطلب تعديله إجراءات أكثر تعقيداً، مثل موافقة مجلس النواب'.
وتشير رمضان إلى 'أن نظام الكفالة في لبنان ليس قديماً، لكنه يستند إلى بعض العادات. وقد تم وضع نظام الكفالة الخاص بالعمال المنزليين لسد الفراغ القانوني الذي كان موجوداً في قانون العمل، حيث تعفي المادة السابعة من قانون العمل العمال المنزليين والمزارعين وبعض الفئات الأخرى من الخضوع لأحكامه'. تفاقمت هذه المشكلة، بحسب رمضان، خلال فترة جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية، حيث ازداد عدد العاملات الهاربات بشكل ملحوظ. هذا الوضع يطرح تساؤلات حول دور نظام الكفالة ومكاتب الاستقدام، التي يبدو أنها فشلت في توفير الحماية اللازمة للعاملات. كما يثير قضايا تتعلق بالاتجار بالبشر، إذ يستغل بعض المكاتب وضع العاملات الهاربات لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
وتلخص رمضان الخيارات المتاحة للعاملات الهاربات، قائلة: 'تواجه العاملات المنزليات اللواتي يتركن منازلهن وضعاً معقداً ومأسوياً، حيث تتعدد التحديات وتتنوع الحلول المتاحة، ولكنها غالباً ما تكون محدودة وغير مستقرة. والخيار الأول الذي تفكر فيه الكثيرات هو العودة إلى بلادهن، لكن هذا ليس بالأمر السهل. وهناك بعض الجمعيات والمنظمات التي تقدم برامج 'العودة الطوعية'، لكن هذه البرامج غالباً ما تكون ذات قدرة استيعابية محدودة وتعتمد على معايير صارمة لاختيار المستفيدات، ما يجعلها متاحة لعدد قليل فقط من العاملات'.
وتضيف: 'في بعض الأحيان، تقوم السفارات برعاية بعض العاملات المنزليات لتأمين عودتهن إلى بلادهن، لكن هذا أيضاً ليس حلاً متاحاً للجميع. أما الخيار الآخر، فهو محاولة تسوية الوضع القانوني، إما من خلال الحصول على مساعدة قانونية من محامين في بعض الجمعيات لتسوية النزاعات مع الكفيل السابق والانتقال إلى كفيل جديد، أو السعي للحصول على وضع قانوني مستقل خارج نظام الكفالة'.
وتختم رمضان حديثها بالإشارة إلى 'أن العاملات المنزليات الهاربات يواجهن في بعض الأحيان مخاطر كبيرة، مثل الاستغلال والإتجار بالبشر، والنبذ الاجتماعي والعنف، والإساءة والاستغلال من قبل أفراد آخرين في نفس وضعهم. وهناك قصص مأسوية تتضمن العنف والسرقة والاعتداء، وصعوبة تقديم شكاوى بسبب الوضع غير القانوني. علماً أن معاناة العاملات المنزليات في دول أخرى قد تكون أشد قسوة'.