وظيفة وحيدة لسلاح "الحزب"… وهذا ما يهمّ إيران

من الوهم القول، كي لا نقول من الغباء، إنّ سلاح حزب الله قادر بعد على خلق توازن رعب مع إسرائيل، وقادر على طردها من المواقع التي احتلّتها، أو قادر على سلوك طريق القدس وصولاً إلى إزالة إسرائيل، وفق السرديّات السابقة. فما الحاجة بعد ذلك إلى السلاح؟

لن تكون لسلاح حزب الله وظيفة سوى إذكاء النزاعات بين اللبنانيين، وهي مواجهة تعلن جميع الجهات رفضها. ومن الطبيعي حينها أن تتخذ الدولة قراراً بسحب السلاح من الجميع.غير أنّ قرار الحكومة اللبنانية بنزع سلاح التنظيمات غير الشرعية أثار غضب “الحزب”، الذي هبّ مهدداً ومتجاهلاً الاتفاق الذي سبق أن أقرّه. وفي الوقت نفسه، خرجت شخصيات بارزة في النظام الإيراني لتهاجم القرار، مدافعة عن حق “الحزب” في الاحتفاظ بسلاحه.لو كان المسؤولون الإيرانيون حريصين فعلاً على لبنان، وعلى “الحزب” وبيئته، لدرسوا ملياً – كما جرت عادتهم – مذكرة مبعوث الرئيس الأميركي توماس بارّاك إلى الحكومة اللبنانية، ولنصحوا “الحزب” بقبولها فوراً، إذ تضمنت المبادئ الأساسية لإنهاء الصراع المدمر مع إسرائيل وتحقيق المطالب اللبنانية الجوهرية. فقد نصت المذكرة، التي وافقت عليها الحكومة، على انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانية، وانتشار الجيش اللبناني حتى الحدود الدولية، ووقف الانتهاكات والأعمال العدائية، وعودة السكان إلى قراهم وممتلكاتهم، ودعم الجيش وقوى الأمن الداخلي، إضافة إلى عقد مؤتمر اقتصادي لدعم الاقتصاد وإعادة الإعمار. وكل ذلك مقابل شرط واضح: سحب السلاح من جميع القوى غير الشرعية، بما فيها “الحزب”. علماً أنّ السلاح ليس قادراً على تحقيق أيٍّ من تلك المكاسب.

لكنّ إيران، التي لم تعتد النظر إلى القضايا الإقليمية بموضوعية خالصة، ترى في حلفائها وجيرانها العرب أدوات لخدمة مشروعها الأكبر الذي أطلقه الإمام الخميني: إقامة الإمبراطورية الفارسية الكبرى، التي تضم العراق وسوريا ولبنان وصولاً إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط. غير أن هذا الحلم التوسعي يواجه عقبات جوهرية تضعف موقف إيران في أي مفاوضات محتملة مع الولايات المتحدة.

من هنا، تنظر إيران إلى سلاح حزب الله على أنّه ورقة ستُستخدم، يوماً ما، حين يجلس على طاولة المفاوضات مع الأميركيّين. أمّا الأذى الذي يتسبّب به هذا السلاح للبنان فهو، ببساطة، آخر هموم المرشد الأعلى ومَن حوله.