اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٦ حزيران ٢٠٢٥
كتب جوزف القصيفي نقيب محرري الصحافة في 'الجمهورية'
يعترف مصدر ديبلوماسي إيراني، أنّ الجمهورية الإسلامية تعرّضت إلى ضربة إسرائيلية كبيرة غير مفاجئة، وهي ضربة سريعة خاطفة، على غرار ما فعلت أوكرانيا أخيراً في روسيا، من خلال العملية الأمنية – العسكرية المركّبة في سيبيريا.
ويُضيف الديبلوماسي، أنّ عملاً أمنياً واسعاً شهده الداخل الإيراني عبر خلايا زرعها «الموساد» في شتى أنحاء البلاد، مهّد الطريق للضربة التي كانت موجعة، سواء باغتيال القادة العسكريِّين والأمنيِّين، واستهداف الدفاعات الجوية ومنظومة الاتصالات، ما أربك القيادة العليا في طهران لفترة. لكن تمّ امتصاص الضربة سريعاً، وبدأت إيران بهجومها الصاروخي منذ منتصف ليل الجمعة – السبت الماضي، ما وضع العالم أمام حرب بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وليس أمام مجرّد اعتداء وردّ عليه. كما لم يَعُد الحديث عن تبادل ضربات يعبّر عن واقع الحال. إنّ «الوعد الصادق 2» وفي رأي هذا الديبلوماسي، كان تبادل لكمات، لكن هذه المرّة اندلعت حرب حقيقية ستخوضها الجمهورية الإسلامية، لن تكون لمصلحة إسرائيل في حال تحوّلت حرب استنزاف، وهي ستصبح كذلك. وتوقّع الديبلوماسي الإيراني أنّ ما يحصل من ضرب لمواقع حيَوية واقتصادية في إسرائيل، هو مَوجة من سلسلة موجات قد يتلقّاها الكيان الصهيوني خلال الفترة المقبلة، بنسق تصاعدي يومياً كمّاً ونوعاً، وأنّ التطوّرات تُظهِر أنواعاً جديدة من الأسلحة والصواريخ، والحشوات القوية. وإنّ إسرائيل ستصبح كلها تحت النار، بدليل تدرّج الردّ الإيراني من حيفا، تل أبيب، وربما جنوبها في الأيام الآتية. وإنّ ما فعله نتنياهو بأدائه المتهوّر أعطى إيران فرصة لتصفية حساباتها مع إسرائيل، وهي كانت تبحث عن هذه الفرصة منذ السابع من تشرين الأول 2023 بعد الذي حصل في غزة، لبنان، واليمن. واعتبر المصدر نفسه، أنّ واشنطن شريكة في ما حصل، وأنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان وما زال يهدف إلى الإفادة من الضربة الإسرائيلية لحمل إيران على الخضوع إلى مقترحات موفده ستيف ويتكوف، والقبول بأمور واردة في لائحة شروط بديلة أعدّها، وهي أكثر تشدّداً في الملف النووي، ويستعد لعرضها بعد الإعتداء الأخير. على أنّ الإعتداء كان السبب الرئيس لعدم مشاركة الجمهورية الإسلامية في جولة المفاوضات التي كانت مقرّرة أمس الأحد في الخامس عشر من حزيران في مسقط، وكان الردّ «لا يمكن أن نشارك في مفاوضات، فيما تُخاض الحرب علينا في الداخل»، لأنّ مجرّد المشاركة وسط احتدام المعركة يعني أنّ طهران في موقع ضعف، وهذا ليس دقيقاً، لأنّ المعركة لا تزال قائمة. وبعد انتهاء الحرب سيكون هناك موقف آخر».
وفي قراءة هذا الديبلوماسي، أنّ رسالة نتنياهو إلى الإيرانيِّين كشفت بوضوح أنّه يُريد رأس النظام وإسقاطه، فيما لو نجحت الضربة ولم تُمتَصّ، لكنّ النتيجة جاءت عكسية، إذ توحّد الشعب الإيراني بكل أطيافه، سواء المحافظين منهم أو الإصلاحيِّين.
واعتبر المصدر عينه أنّ المفاوضات النووية أصبحت جوفاء، وإن لم تنتهِ بإعلان رسمي. وإنّ إيران هي في صدد مراجعة علاقاتها مع الولايات المتحدة والغرب ووكالة الطاقة الذرية، لأنّها لم تَعُد تثق بهؤلاء. وكذلك جدوى وجودها في الوكالة، واستمرار المفاوضات في ظل ما تتعرّض له من ضغوط. وأكّد المصدر ورود رسائل تهدئة عبر أطراف خليجية، لأنّ دول مجلس التعاون تخشى من حال عدم الاستقرار التي ولّدها الإعتداء الإسرائيلي على إيران، كذلك تخشى استهداف موقع بوشهر النووي الذي قد يتسبّب بتسرّب المواد المشعّة منه إلى تلوّث كبير وخطير يطاول المياه، الهواء، النباتات وكل مرافق الحياة في بلدان الخليج. إنّ تصرّف نتنياهو وجموحه الذي لم يُلجَم، دفعا تلقائياً إلى تشكيل محور يضمّ متضرّرين من سياساته يتألف من: روسيا، تركيا، باكستان والسعودية، لأنّ التوسّع الإسرائيلي يضع المنطقة في مسار آخر مختلف، فيصبح الكيان العبري طليق اليد تماماً في المنطقة، ويقضي على القضية الفلسطينية قضاءً تاماً بإنجاز «الترانسفير» الكامل.
ولم يشأ هذا المصدر التكهّن بالمدى الزمني لانتهاء هذه الحرب. وإنّ إسرائيل أعطت لنفسها مهلة أسبوعَين أو ثلاثة لتحقق انتصاراً من خلال السيطرة الجوية المطلقة على إيران، كما هي الحال في لبنان وسوريا وغزة. وإنّ إيران في المقابل ستزيد القوة الصاروخية المتنوّعة والمتدرّجة في الردّ. ولم يُخفِ الديبلوماسي الإيراني رغبة بلاده في الانتقام من إسرائيل، وتدفيعها الثمن باسترداد المبادرة، وأنّ أي حل مقبل سيكون مسماراً يُدق في مسيرة السقوط السياسي لنتنياهو.