اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
اختُتمت في القاهرة أعمال الدورة العاشرة للجنة العليا اللبنانية - المصرية المشتركة، برئاسة رئيس مجلس الوزراء اللبناني الدكتور نواف سلام، ورئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، وبحضور عددٍ من الوزراء وكبار المسؤولين من الجانبين.
وضمّ الوفد اللبناني المشارك: وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور عامر البساط، ووزير الخارجية والمغتربين السفير يوسف رجّي، ووزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، ووزير المالية ياسين جابر، وأمين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكيه، ومدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة الدكتور محمد أبو حيدر، وسفير لبنان لدى جمهورية مصر العربية السفير علي الحلبي، ومستشارة رئيس مجلس الوزراء السفيرة كلود الحجل.
وجرى خلال الاجتماعات التوقيع على خمس عشرة اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي في مجالاتٍ متعددة، شملت الاقتصاد والتجارة، النقل، التعليم العالي، الزراعة، الطاقة، المالية، الإدارة العامة، البيئة، التنمية الإدارية، التعاون الصناعي، حماية المستهلك، وتنظيم العمل المشترك بين الأجهزة الرقابية في البلدين.
وفي ختام الاجتماعات، عقد الرئيسان سلام ومدبولي مؤتمراً صحافياً مشتركاً، أكّدا خلاله عمق العلاقات بين لبنان ومصر وحرص البلدين على تطويرها في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
سلام
وألقى الرئيس سلام كلمة قال فيها: «يشرّفني أن أكون في القاهرة، مهد التاريخ والحضارة، في مناسبةٍ تجمع بين بلدين شقيقين تشهد علاقتهما على عمق الروابط العربية وصدق الأخوّة. لقد مرّت ست سنوات على انعقاد الدورة السابقة في بيروت عام 2019. ست سنوات تغيّر فيها الكثير في عالمنا وفي منطقتنا، لكنّ الثابت الوحيد هو الإيمان بأن ما يجمع لبنان ومصر أعمق من أي تبدّل سياسي أو ظرف اقتصادي».
وتابع: «لقد كان اجتماعنا مناسبةً لتجديد التزامنا بالعمل العربي العملي لا الشعاراتي، ولتأكيد حرص بلدينا على إرساء نموذجٍ صادقٍ في التعاون القائم على تبادل الخبرات وتكامل القدرات وتوحيد الرؤى. ناقشنا ملفات تمسّ جوهر حياة مواطنينا: ووقّعنا عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تُجسّد هذا التعاون في مؤسساتٍ ومشاريع واقعية تُترجم الأقوال إلى أفعال. تميّزت هذه الدورة بروحٍ من الجدّية والمسؤولية، وبإرادةٍ واضحة لتحويل التفاهمات إلى إنجازات. وهذه الروح هي التي تمنح العمل العربي بعده الحقيقي: أن يكون عملاً لا اجتماعاً، وشراكةً لا مجاملة».
وأردف: «يقدّر لبنان عالياً الدور الرائد الذي تضطلع به جمهورية مصر العربية بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في دعم الاستقرار الإقليمي، وفي الدفاع عن القضايا العربية، وفي مقدمتها قضية فلسطين، وفي السعي إلى ترسيخ الحلول السلمية للنزاعات وتعزيز منظومة العمل العربي المشترك. كما لا ننسى مواقف مصر الأخوية الداعمة للبنان سياسياً ودبلوماسياً في أحلك الظروف الاقتصادية والاجتماعية، ومساندتها له في مختلف المحافل الدولية والعربية».
وأشار الى أنّ «العلاقات اللبنانية - المصرية ليست نتاج ظرفٍ آنيّ، بل هي تاريخ طويل من التفاعل الفكري والثقافي والإنساني».
مدبولي
وأكد رئيس الحكومة المصريّ أن «مصر تدعم كلّ ما تقوم به الحكومة اللبنانية للحفاظ على أمن لبنان واستقراره»، مشيراً إلى أن بلاده تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على الجنوب اللبناني، وداعياً الجيش الإسرائيلي إلى الانسحاب من النقاط الخمس، تمهيداً لبدء إعادة الإعمار.
وأعرب الرئيس مدبولي عن امتنانه لما تم توقيعه من مذكرات تفاهم مع لبنان، مشدّداً على ضرورة تنفيذها، خصوصاً في الجانب التجاري والاستثماري، ومعلناً أن مصر تشجّع شركاتها على المشاركة في مؤتمر الاستثمار المزمع عقده في بيروت قريباً.
وقال: «نحن سعداء بعودة انعقاد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين مصر ولبنان، فالعلاقات الثنائية بين بلدينا لطالما كانت في مستوى متقدم».
وختم بالإعلان عن زيارة مرتقبة له إلى بيروت الشهر المقبل، برفقة عدد من الوزراء، لمواصلة تفعيل العلاقات الثنائية بين لبنان ومصر.
عبد العاطي
وفي وقت سابق، التقى سلام وزير الخارجية والهجرة المصري الدكتور بدر عبد العاطي، حيث تم البحث في العلاقات الثنائية بين لبنان ومصر، وتطورات الأوضاع في غزة والمنطقة، ولا سيّما المرحلة التي تلت اتفاق غزة وقمّة شرم الشيخ وما رافقها من جهود إقليمية ودولية لتثبيت الاستقرار.
وأكد عبد العاطي خلال اللقاء حرص مصر على مواصلة التنسيق والتشاور مع لبنان في مختلف القضايا ذي الاهتمام المشترك، مشيراً إلى الزخم الذي تشهده العلاقات الثنائية على المستويين الرئاسي والوزاري، والتطلّع إلى تعزيز هذا المسار الأخوي وتطوير التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين البلدين.
وجدّد عبد العاطي تأكيد موقف مصر الثابت في دعم سيادة لبنان ووحدته الوطنية، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة، مشدّداً على ضرورة التنفيذ الكامل وغير الانتقائي للقرار 1701.
من جهته، ثمّن الرئيس سلام الدور المصري المحوري في تثبيت اتفاق غزة ورعاية الجهود الإقليمية من أجل الاستقرار، مؤكداً أنّ لبنان يسعى إلى الاستفادة من المناخ الإقليمي الجديد لتثبيت وقف الأعمال العدائية.
وأشار الرئيس سلام إلى أنّ «الظروف الحالية تشكّل فرصة لإطلاق مرحلة جديدة من التعاون العربي والدولي لدعم الاستقرار في لبنان».
رئيس ألمانيا الاتحادية
وكان سلام، التقى ، رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية فرانك-فالتر شتاينماير والوفد المرافق، وأكّد الرئيس شتاينماير «دعم بلاده الثابت للبنان في جهوده للحفاظ على استقراره وتعزيز مؤسّساته، ولا سيّما الجيش اللبناني»، مشيراً إلى «استعداد ألمانيا للمشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي المرتقب لدعم الجيش، وللإسهام في مشاريع التعاون الاقتصادي والتنموي».
مشيراً إلى «أهمية الوصول إلى اتفاقٍ نهائي مع صندوق النقد الدولي باعتباره خطوة محورية لإعادة الثقة الدولية وتحريك عجلة الاقتصاد».
من جهته، أكّد الرئيس سلام أنّ «لبنان يسعى جاهداً للاستفادة من مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في غزة وقمّة شرم الشيخ لتطبيق وقف العمليات العدائية وتثبيت الاستقرار في الجنوب والبلاد»، مشيراً إلى أنّ «استقرار لبنان جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة».
ودعا الرئيس سلام إلى «الضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب اللبناني ووقف اعتداءاتها المتكرّرة»، مؤكداً «التزام لبنان الكامل بالقرار 1701 وبترتيبات وقف الأعمال العدائية»، مشيراً إلى أنّ «الحكومة ماضية في تنفيذ خطة حصر السلاح بيد الدولة التي تهدف بدورها إلى تثبيت الاستقرار وتعزيز سلطة المؤسسات الشرعية».
مقر الجامعة العربية
ومساء، زار الرئيس سلام والوفد اللبناني المرافق مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة، حيث عقد اجتماعًا مع الأمين العام للجامعة السيد أحمد أبو الغيط، تناول الأوضاع الإقليمية والتطورات في لبنان والعلاقات اللبنانية–العربية وسبل تعزيز العمل العربي المشترك.
وبعدالاجتماع، توجّه الرئيس سلام إلى القاعة الكبرى في مقرّ الجامعة، حيث ألقى كلمةً أمام المندوبين الدائمين للدول الأعضاء، مما جاء فيها: تقع جامعة الدول العربية في قلب معادلةٍ جديدة: لم تعُد فقط مرجعًا رمزيًا للعروبة، بل هي مطالبة اليوم اكثر من أي يوم مضى بأن تتحوّل إلى أداةٍ استراتيجية لحماية المصالح الجماعية، وإذا كانت الأمم المتحدة تجسّد الشرعية الدولية بمفهومها القانوني، فإنّ الجامعة العربية تجسّد الشرعية الإقليمية بمفهومها الوجداني كما السياسي.
وقال : إنّ الحاجة اليوم هي إلى إعادة بناء مفهوم الأمن القومي العربي على أسسٍ حديثة: أمنٌ لا يُختزل في البعد العسكري وحده، مهما كانت أهميته، بل يشمل البعد الاقتصادي والتعليمي والتكنولوجي والاجتماعي.
من هنا رهاننا اليوم هو على إنهاء الاحتلال، ووقف الاستيطان، وحماية المدنيين، ودعم مسار الاعتراف بدولة فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي تبنّيناها في قمة بيروت عام 2002، و»إعلان نيويورك» لحل الدولتين الذي رعته كل من المملكة العربية السعودية وفرنسا.
واشار ان « الدولة اللبنانية تعمل اليوم على الالتزام الحقيقي باتفاق الطائف الذي يشكل أساس دستورنا وعلى تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 تنفيذًا كاملًا، ولقد شهد العالم على التزام لبنان بوقف الأعمال العدائية، لكنّ الخروقات الإسرائيلية ما زالت مستمرة، واحتلال أجزاء من أرضنا قائم، وملف الأسرى والمفقودين لم يُقفل بعد. ومن هنا، ندعو أشقاءنا العرب إلى الضغط على المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل من أراضينا ووقف اعتداءاتها المتكررة واطلاق سراح اسرانا، والمطلوب من العالم العربي اليوم ليس الانكفاء ولا التنافس، بل بناء شراكاتٍ واقعية قائمة على المصالح الاستراتيجية المشتركة.











































































