اخبار فلسطين
موقع كل يوم -راديو بيت لحم ٢٠٠٠
نشر بتاريخ: ٥ تشرين الثاني ٢٠٢٥
بيت لحم 2000 -تتواصل المشاورات المكثفة بين الأطراف الدولية والضامنة في أعقاب قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم مشروع قرار إلى أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يقضي بإنشاء قوة دولية في قطاع غزة لمدة عامين على الأقل، مع إمكانية التمديد بناءً على نتائج المفاوضات القادمة. وتهدف هذه الخطوة إلى نشر أولى القوات بحلول يناير/كانون الثاني المقبل، وذلك التزاماً ببنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من الشهر الماضي بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية وتركية.
المشروع الأمريكي يأتي في وقت تشهد فيه المشاورات جدلاً واسعاً حول أربعة نقاط خلاف رئيسية تتعلق بتشكيل القوة الدولية ومهامها، مما يزيد من صعوبة تمرير القرار في مجلس الأمن، لا سيما بين الدول الخمس الدائمة العضوية: الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، وبريطانيا. وأثار إرسال مشروع القرار الأمريكي ردود فعل متباينة، إذ أعربت الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية عن تحفظات على بنود محددة اعتبرها كل طرف تتعارض مع مصالحه الوطنية.
التحفظات الفلسطينية والإسرائيلية
أفادت مصادر فلسطينية أن السلطة الفلسطينية ستناقش مشروع القرار الأمريكي مع المجموعة العربية بهدف المطالبة بإدخال تعديلات على نص القرار. بينما نقلت وسائل إعلام عبرية عن قبول إسرائيل لأغلب نصوص المشروع، لكنها أعربت عن تحفظها على نقاط محددة، من أبرزها مشاركة السلطة الفلسطينية والقوات التركية المحتملة، إضافةً إلى دور القوة الدولية في عملية نزع السلاح من قطاع غزة، وهو بند يثير رفضاً واسعاً من الجانب الفلسطيني.
منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عامين، لم تؤدِ اللقاءات القليلة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس إلى اتفاق متكامل، ما جعل الوضع في غزة أكثر تعقيداً. فالخلافات الداخلية حول رئاسة اللجنة الإدارية، التي يفترض أن تدير القطاع، ما زالت قائمة، وهو ما يطرح تساؤلات حول تأثير هذه الانقسامات على تنفيذ اتفاق غزة وحلم الدولة الفلسطينية المستقلة.
تحليل سياسي لمستقبل القوة الدولية
وفي هذا السياق ناقشت المحللة السياسية، تمارة حداد، في حديث خلال 'جولة الظهيرة مع الزميلة سارة رزق، التي تبث عبر أثير راديو 'بيت لحم 2000':طبيعة مشروع القرار الأمريكي وأبعاده السياسية والأمنية. وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تسعى عبر هذا المشروع إلى إنشاء قوة دولية تحت غطاء نزع سلاح حركة حماس، وهو ما قد يمثل شكلًا من أشكال الوصاية على غزة، إذ يمكن لهذه القوات أن تتحول إلى سلطة تنفيذية على الأرض، حتى مع عدم وجود قوات إسرائيلية مباشرة، ما يفتح الباب أمام تغييرات سياسية واسعة في بنية الحكم داخل القطاع.
وحذرت د. حدادمن أن نشر هذه القوة دون توافق فلسطيني داخلي قد يؤدي إلى حكم انتقالي دائم وتدويل قطاع غزة، خاصة وأن المشروع يقترح فترة أولية تمتد لعامين حتى 2027، دون وجود ضمانات رسمية حول تسليم السلطة بعد هذه الفترة. وأضافت أن هذا السيناريو قد يترتب عليه فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، وتحويل المشاريع الاقتصادية المحلية لصالح مصالح أمريكية وإسرائيلية، ما يشكل تهديداً لمستقبل الدولة الفلسطينية.
موقف إسرائيل والتحفظ على القوات التركية
أكدت المحللة أن إسرائيل تقبل بعض البنود المتعلقة بالقوة الدولية، لكنها ترفض مشاركة السلطة الفلسطينية أو القوات التركية، رغبةً منها في الحفاظ على سيطرتها على الأرض، وإنشاء ما وصفته د. حداد بـ 'منطقة عازلة' تغطي 58% من الأراضي الفلسطينية، مع بناء قواعد عسكرية لتعزيز النفوذ الإسرائيلي، دون أي ارتباط بالبعد الفلسطيني أو الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
التخوفات الفلسطينية والانقسامات الداخلية
أما التحفظات الفلسطينية، فتأتي من السلطة وحماس على حد سواء. فالسلطة تخشى أن تتحول القوة الدولية إلى أداة لإنهاء دورها، بينما تحذر حماس من أن وجود القوات الدولية لنزع السلاح قد يؤدي إلى إنهاء حكمها في غزة. وأكدت د. حداد أن الحل يكمن في توافق فلسطيني داخلي يضمن وجود قوة وطنية فلسطينية وليس مجرد تواجد دولي يفرض سياسات خارجية على القطاع.
دور الوسطاء الإقليميين
ولفتت د. حداد إلى الدور المتوقع للوسطاء الإقليميين، مثل مصر وقطر وتركيا، في توجيه النقاش حول هذا الملف. وأوضحت أن هذه الدول تسعى لضمان مراقبة الوضع داخل غزة، وتحديداً الانتهاكات الإسرائيلية، بما يحافظ على الحقوق الفلسطينية ويضمن عدم تحويل القوة الدولية إلى أداة احتلال أو تهجير.
وأضافت أن غياب توافق دولي وفلسطيني حول مشروع القرار قد يؤدي إلى تعطيل تمريره في مجلس الأمن، خاصة في ظل المواقف المحتملة لروسيا والصين، اللتين قد تضعان الفيتو إذا شعرتا بأن القوة الدولية تُفرض على القطاع بعيداً عن التوافق الفلسطيني، فيما قد تمتنع فرنسا وبريطانيا عن التصويت إذا رأت أن المشروع يضع غزة تحت سلطة جديدة تفرضها الولايات المتحدة.
انعكاسات محتملة على المدنيين وإعادة الإعمار
وحذرت المحللة من التداعيات الإنسانية للمشروع، مشيرة إلى أن أي تأخير أو فرضية نقل القوة دون مشاركة فلسطينية قد يطيل فترة المعاناة لسكان غزة، خصوصاً في مجالات التعليم والإعمار، حيث سيبقى الأطفال معرضين لغياب الخدمات الأساسية، ما يزيد من الهجرة القسرية والنزوح، ويعقد فرص إعادة بناء المدينة بعد سنوات من النزاع.
وأكدت د. حداد أن الحل يجب أن يرتكز على مشروع وطني فلسطيني شامل يضمن وجود قوات فلسطينية مسؤولة، ويعزز الحقوق المدنية والسياسية، بدلاً من فرض سلطة دولية أحادية، مع الحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية ومشروع الدولة المستقبلي.
المزيد من التفاصيل في المقطع الصوتي أدناه:

























































