اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ١١ أيلول ٢٠٢٥
خاص الهديل…
حين تبدأ المؤسسات مسيرتها على الطريق الصحيح، لا تحتاج إلى الكثير من الوقت لتثبت قدرتها على استعادة هيبتها وثقة الناس بها. هذا ما تؤكده الخطوات الأخيرة في قوى الأمن الداخلي بقيادة اللواء رائد عبدالله، الذي أثبت أن الإدارة بعقلية القانون والمؤسسة، لا بعقلية الصفقات والمحسوبيات، قادرة على إحداث فارق ملموس وإعادة الاعتبار لجهاز أرهقته سنوات من التسييس والمحسوبيات.
فما تحقق مؤخراً من ضبط المخالفات إلى ضبط كميات هائلة من الكبتاغون في عكار لم يكن تفصيلاً عابراً، بل محطة مفصلية أظهرت أن المؤسسة ما زالت حية، وأنها قادرة على الإنجاز النوعي حين يتقدم معيار الكفاءة على أي حسابات أخرى. غير أنّ هذه النجاحات لم تمر مرور الكرام، إذ سرعان ما ارتفعت أصوات مشبوهة، لا تنتقد الفشل بل تحارب النجاح، لأنها اعتادت أن ترى المؤسسة أداة طيّعة بيدها، توزع فيها المواقع والامتيازات على مقاس النفوذ والمصالح.
أخطئوا هؤلاء الذين اعتادوا التعامل مع الأمن الداخلي كملكية خاصة، حين ظنوا أن الماضي سيبقى كما هو؛ فهم لم يستسيغوا أن تأتي قيادة جديدة تضع النقاط على الحروف وتعيد الاعتبار للمعايير المهنية. فاندفعوا إلى حملات تشويه واتهامات واهية، ظناً منهم أن الضجيج يعيد عقارب الساعة إلى الوراء. لكن الحقيقة أبسط وأقوى: المؤسسة بدأت مساراً إصلاحياً، وهذه التشكيلات الأمنية ليست سوى خطوة في سياق طويل يعيدها إلى جادة الصواب.
الهجوم الذي يُشنّ اليوم باسم 'النزاهة' و'المصلحة العامة' لا يهدف إلى حماية الدولة، بل إلى الدفاع عن امتيازات خُسرت وصفقات توقفت. من يرفع هذه الشعارات هو نفسه من غطّى لسنوات صفقات الفساد، وشارك في تهريب الملفات وإقفالها، واستفاد من شبكة التعيينات الزبائنية لترسيخ نفوذه. واليوم، بعد أن خرج القرار من يديه، يحاول عبر الإعلام والسياسة افتعال ضجيج يعيد إليه ما فقده.
المشهد تغيّر. ما لا يفهمه هؤلاء أنّ لبنان لم يعد يحتمل إدارة مؤسساته بالعقل المريض نفسه. اليوم هناك من قرر أن يواجه التسييس بالمهنية، وأن يحصّن قوى الأمن بالشفافية والالتزام. واللواء عبدالله يثبت بالوقائع أنّ الإنجاز الصامت أقوى من كل خطاب مرتاب، وأن العمل بالمؤسسة أمتن من أي افتراء إعلامي.