اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
ينظر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بعين الريبة إلى زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخليجية، والتي استثنت بلاده من جدولها الصاخب، في وقت تشهد فيه الكيمياء بين الرجلين تراجعاً ملحوظاً، وإن ظرفياً، لأسباب عدة، بعدما كان بيبي وصف قبل أشهر ترامب فور دخوله المكتب البيضوي بـ صديق بلاده الأعزّ.
فاختيار الرئيس الأميركي الخليج ليكون باكورة زياراته الخارجية، له دلالات وأبعاد اقتصادية كبيرة، تتماهى مع شخصية رجل الأعمال والمطوّر العقاري، وقد نجح قائد سفينة العمّ سام، الذي استُقبل استقبال الأبطال والملوك في كلّ من السعودية وقطر والإمارات، في إبرام صفقات اقتصادية عملاقة وتاريخية.
وترامب الذي فاجأ المراقبين بلقائه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في كنف الرياض، غداة رفعه العقوبات الاقتصادية عن سوريا الشرع، بعدما كانت مفروضة على سوريا الأسد، أثبت للعالم ولإسرائيل أن جوهر زيارته اقتصادي ومالي، وقد غلّب الملفات الاقتصادية على تلك السياسية والأمنية والتطبيعية، بعدما ثَبُت له أن مضي إسرائيل في حربها المدمّرة على قطاع غزة، وضع العصي في دواليب التطبيع مع السعودية في الوقت الراهن.
وقد استشفّت الأقلام العبرية من جولة ترامب بأنها تبرز تحوّلاً جذرياً في أولويات واشنطن، التي أرجأت ملف التطبيع بين الرياض وتل أبيب لمصلحة ملفات اقتصادية واستثمارية كبرى.
هذا التحوّل أطلق العنان لمواقف متباينة ضجّت بها وسائل الإعلام العبرية، ففيما عبّر بعضها عن مخاوف من تهميش دبلوماسي متعمّد لإسرائيل، اعتبر بعض آخر أن اللحظة مؤاتية لفتح نافذة تتيح مراجعة الاستراتيجية الإسرائيلية حيال واشنطن والمنطقة.
طوق نجاة ترامب
الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تامير هايمان جزم لـ قناة N12 أن هدف زيارة ترامب الخليجية مرتبط بالاقتصاد الأميركي، وأن المال هو الموضوع المركزي والوحيد تقريباً، وأن المواضيع الأخرى كلّها خاضعة له. وأضاف هايمان أن الاعتقاد بأن الرئيس الأميركي سيُخرج إسرائيل من الأزمة اعتقاد ساذج بعض الشيء، لأنها ليست مركز العالم، وليست الأهمّ بالنسبة إلى رئيس الولايات المتحدة، وعليها أن تحلّ مشكلاتها بنفسها. وختم هايمان بأنه عندما تتضارب مصالح تل أبيب مع الإدارة الأميركية، سيُترك الإسرائيليون وحيدين مرّة أخرى، والسيناريو السلبي هو أن يحصل ترامب على المال ويهرب، ويترك إسرائيل في الخلف مع مشكلاتها لتحلّها بنفسها.
الكاتب تسفي برئيل وصف في مقال نشرته هآرتس، التحرّكات الأخيرة لترامب بأنها تضحية بإسرائيل في مقابل صفقة قرن اقتصادية مع دول الخليج.
في المقابل، رأت الصحيفة عينها في إحدى افتتاحياتها أن على إسرائيل التمسّك بما أسمته طوق النجاة الذي ألقاه ترامب، وإنهاء الحرب على غزة. وأضافت: لا ينبغي اعتبار تحرّكات الرئيس الأميركي الأخيرة في الشرق الأوسط صفعة لإسرائيل، بل دعوة أخيرة لها لوقف عملية عربات جدعون في قطاع غزة، قبل أن تنطلق تلك العربات على طريق سيقودها إلى كارثة، برعاية زعيم فاشل لم يعد ينظر يميناً ولا يساراً، وهو بنيامين نتنياهو.
توأمة أزلية
يشير مراقبون للشأن الإسرائيلي إلى تنامي شعور الإحباط داخل الشارع الإسرائيلي، نتيجة استبعاد زيارة إسرائيل من جدول جولة ترامب. وفي هذا السياق، أبرزت مقالات رأي نشرتها يديعوت أحرونوت هذا القلق، محذرة من أن الإدارة الأميركية باتت تبتعد عن القضايا الأمنية الإسرائيلية، وتركز بدلاً من ذلك على تحقيق مكاسب اقتصادية، ما يُلزم صناع القرار في تل أبيب بإعادة تقويم علاقتهم بالضمانات الأميركية التقليدية.
ورغم كلّ المخاوف والانتقادات التي ساقها الإعلام العبري لزيارة ترامب الخليجية، تبقى هواجس الإسرائيليين ظرفية، فبين واشنطن وتل أبيب توأمة أزلية لا تقف عند زيارة بعينها ولا عند فتور آني بين حكام البلدين. علاوة على ذلك، فإن الخطوط العريضة التي رسمها ترامب للسياسة الخارجية الأميركية بأقلام خليجية خلال زيارته، ستعود بالنفع على الدولة العبرية عاجلاً أم آجلاً، فتعزيز علاقة ترامب مع الخليج المعتدل، ولقاؤه الشرع الذي خلع عنه رداء التطرّف، وإبداء إعجابه به، عوامل تزيد من فرص السلام في المنطقة، وتوسّع بالتالي مروحة التطبيع مع إسرائيل.