اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٢٠ أيار ٢٠٢٥
دعا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، خلال لقاء القمة الذي عقده مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية في القاهرة، إلى 'قيام نظام المصلحة العربية المشتركة، لتجديد الاخوة على مفهوم عروبة المستقبل'، مؤكدا أننا 'نطمح إلى إقامة سوق إقليمية مشتركة قد نبدأها بخطوة واحدة بين بلدين اثنين، ثم نتوسع بها عبر القطاعات والجغرافيا حتى نحقق خير بلداننا وشعوبنا كافة'.
واعتبر ان الامر 'يتطلب استقرارا ثابتا لا يقوم إلا على سلام دائم وفق ما أقرته الدول العربية في مبادرة بيروت للسلام سنة 2002، نتطلع الى ترسيخه في اقرب وقت'.
وإذ اكد الرئيس عون ان 'السلام يبدأ بالنسبة للبنان بالتزامه الكامل بالقرار 1701 والتشديد على اهمية دور القوات الدولية وضرورة وقف الاعمال العدائية التي تقوم بها اسرائيل والعودة الى أحكام اتفاقية الهدنة للعام 1949'، دعا المجتمع الدولي الى 'تحمل مسؤولياته في إلزام اسرائيل تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل اليه في 26 تشرين الثاني الماضي، والانسحاب الكامل من الاراضي اللبنانية، واعادة الاسرى اللبنانيين كافة'، كما اكد 'حرص لبنان على قيام أفضل العلاقات مع سوريا وعلى اهمية التنسيق معها وخصوصا في ما يتعلق بملف النازحين السوريين'، معربا عن 'دعم لبنان لكل الجهود الهادفة الى حفظ وحدتها وسيادتها'، وترحيبه بقرار 'رفع العقوبات عنها'.
السيسي: نرفض الانتهاكات
'الاسرائيلية' على لبنان
بدوره، اكد السيسي ان بلاده 'لا تتدخل في شؤون لبنان الداخلية، لكنها تحرص على علاقات متينة معه'، مشددا على 'الحرص على دعم جهود لبنان فى إعادة الإعمار'، مجددا دعوة المجتمع الدولي 'لتحمل مسؤولياته في هذا الاطار'، كما شدد على 'موقف مصر الثابت فى دعم لبنان، سواء من حيث تحقيق الاستقرار الداخلي، أو صون سيادته الكاملة ورفضها القاطع لانتهاكات إسرائيل المتكررة ضد الأراضي اللبنانية، وكذلك احتلال أجزاء منها'.
وقال: 'ان مصر تواصل مساعيها واتصالاتها لدفع إسرائيل نحو انسحاب فوري وغير مشروط من كامل الأراضي اللبنانية، واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل والمتزامن للقرار 1701 دون انتقائية'.
الوصول الى قصر الاتحادية
وكان الرئيس عون وصل الى قصر الاتحادية والوفد المرافق عند الساعة الحادية عشرة قبل ظهر امس، حيث كان في استقباله الرئيس السيسي عند مدخل القصر. وبعدما عزفت موسيقى حرس الشرف النشيد الوطني اللبناني ثم النشيد الوطني المصري واستعراض القوى، توجه الرئيسان بين ثلة من الرماحة الى داخل القصر، حيث حيا عون العلم المصري ثم قائد حرس الشرف، قبل ان يصافح الوفد الرسمي المصري، فيما صافح السيسي الوفد الرسمي اللبناني.
مباحثات ثنائية وموسعة
وبعد انتهاء مراسم الاستقبال والتقاط الصور التذكارية في البهو الداخلي، توجه الرئيسان عون والسيسي الى المكتب الخاص للرئيس المصري، وعقدا محادثات ثنائية قبل ان ينتقلا الى الصالون الرئاسي، حيث انضم الى الرئيسين اعضاء الوفدين اللبناني والمصري، وعقدت محادثات موسعة.
مؤتمر صحافي مشترك
وفي ختام لقاء القمة والمحادثات الموسعة، عقد الرئيسان عون والسيسي مؤتمرا صحافيا مشتركا، استهله السيسي بكلمة قال فيها: 'إن زيارة الرئيس عون، تأتي في مرحلة دقيقة وظرف إقليمى شديد التعقيد لتؤكد عمق العلاقات 'المصرية - اللبنانية'، وصلابتها على المستويات كافة، ولتعكس الترابط الوثيق بين الشعبين والحكومتين.
وأضاف: 'لقد مثلت مباحثاتنا فرصة ثمينة لتبادل الرؤى، مع أخي فخامة الرئيس، حول سبل تعزيز التعاون بين بلدينا، لا سيما فى المجالات الاقتصادية والتجارية، وأكدنا حرصنا على دعم جهود لبنان فى إعادة الإعمار، من خلال الاستفادة من الخبرات المصرية الرائدة، في هذا المجال، كما شددت على موقف مصر الثابت فى دعم لبنان، سواء من حيث تحقيق الاستقرار الداخلي، أو صون سيادته الكاملة، ورفضنا القاطع لانتهاكات 'إسرائيل' المتكررة، ضد الأراضي اللبنانية، وكذلك احتلال أجزاء منها'.
وتابع: 'في هذا السياق، تواصل مصر مساعيها المكثفة، واتصالاتها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، لدفع 'إسرائيل' نحو انسحاب فوري وغير مشروط، من كامل الأراضي اللبنانية، واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل والمتزامن، لقرار مجلس الأمن رقم '1701'، دون انتقائية، بما يضمن تمكين الدولة اللبنانية، من بسط سيادتها على أراضيها، وتعزيز دور الجيش اللبناني، في فرض نفوذه جنوب نهر الليطاني'.
وقال: 'كما أجدد اليوم، دعوة المجتمع الدولي، لتحمل مسؤولياته تجاه إعادة إعمار لبنان، وأحث الهيئات الدولية والجهات المانحة، على المشاركة بفاعلية فى هذا الجهد، لضمان عودة لبنان إلى مساره الطبيعي، على طريق السلام والتعايش والمحبة في المنطقة'.
وأردف: 'كما شددنا على إدانة الاعتداءات 'الإسرائيلية' المتكررة، على السيادة السورية .. وضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي السورية المحتلة، واحترام سيادة سورية ووحدة أراضيها'.
بدوره ، أكد الرئيس عون: 'إنّ ذاكرة الناس، هي مستودع الحقيقة الأكثر صدقًا وعمقًا، فحين يقولون، إنّ مصرَ أمْ الدنيا، وإنّ بيروت ستُ الدنيا، فهم يؤكدون للعالم أجمع، أننا إخوة أشقاء، وأخوّتُنا هذه هي فعلًا، من عمر التاريخ'.
وأضاف: 'منذ البداية، جمعتنا نوازعُ الحرية، فحين أُسكتت أقلامُ بيروت، فاضت أدبًا وصحافةً وسياسة، على ضفافِ النيل، ويومَ حريق القاهرة، اتشحت بيروتُ بالسّواد'.
وتابع: 'أُخوّتَنا العريقة هذه، أمانةٌ بين أيدينا اليوم، لنجدِّدَها في عالمِنا المعاصر، ولنبعثَها حيةً خلاقةً، في منطقتِنا العربية الراهنة، وتجديدُ الأخوّة في هذا الزمن، يقتضي منا ترسيخَها على مفهومٍ عروبةِ المستقبل، لا الماضي، أي على ضمانٍ مصالح شعوبنا'.
ولفت إلى أنّ تطلعًا طموحًا كهذا، يحتاجُ إلى استقرارٍ في منطقتنا، والاستقرارُ الثابت، لا يقومُ إلا على سلامٍ دائم، والسلامُ الدائم، لا يُبنى إلا على العدالة، والعدالة لها تعريف واحدٌ وحيد: ألا وهو إعطاءُ كلِ الحقوق، لكلِ أصحابها، وهذا ما أقرته الدولُ العربية في سلام يبدأُ بالنسبةِ إلينا، بتأكيدِ التزامِ لُبْنَانَ الكَامِلِ بِالقَرَارِ الدُّوَلِيِّ 1701، للحِفَاظِ عَلَى سِيادة لُبنان وَوحْدة أَراضيه، مع تشديدنا على أَهمِيَّة دَوْرِ القُوَّات الدُّوَليَّة 'اليُونِيفِيل'، وضرورة وقْف الأَعْمَال العدائيَّة.'
وشدد على 'أن لبنان كان دوما رائدا من رُوادِ الأفكارِ البنّاءة في هذه المنطقة، ميزتُه التفاضلية إنسانُه، وقيمتُه المُضافة: الحرية والتعددية معًا، واليوم، نحن أمام تحدّي السلامِ لكلِ منطقتِنا، ونحن جاهزون له، ونقولُ للعالمِ أجمع: وحدَه سلامُ'.
خلوة ثانية
ثم عقدت خلوة ثانية بين الرئيسين عون والسيسي اعقبها غداء حضره الجانبان اللبناني والمصري وعدد من المدعوين من وزراء وديبلوماسيين.
عند الأزهر
هذا، وزار عون بعد ظهر امس مشيخة الازهر الشريف، حيث كان في استقباله عند المدخل الخارجي للمشيخة الامام احمد الطيب، مرحباً بالرئيس عون والوفد المرافق.
وكشف الامام الطيب خلال اللقاء ان لمشيخة الازهر معهداً في لبنان، ولكنه اغلق نتيجة التطورات الاخيرة.
قال عون انه يتابع عن قرب المواقف التي تصدر عن امام الازهر، خصوصا في ما يتعلق بالحوار بين الاديان من اجل تحقيق المواطنة. وتمنى على الامام الطيب العمل على اعادة فتح معهد الازهر في لبنان في وقت قريب ،على ان يتم ذلك في حضور الامام نفسه.
من جهته، اعرب شيخ الازهر في هذا السياق عن استعداده لاعادة افتتاح المعهد، متحدثاً عن النشاطات التي يقوم بها في لبنان، ومنها المؤتمرات الحوارية التي يعقدها، واللقاءات التي تجمع ممثلين عن مختلف الاديان، متمنياً ان يعقد في لبنان مؤتمراً يحضره ممثلون عن مختلف الطوائف. واشاد الامام الطيب بالشعب اللبناني وبالتضحيات التي قدمها، وبالحركة الثقافية في لبنان، منوهاً بما يقوم به الرئيس عون على صعيد التواصل والتعايش بين مختلف ابنائه.
في جامعة الدول العربية
الى ذلك، زار رئيس الجمهورية والوفد المرافق مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، حيث استقبله الامين العام للجامعة احمد ابو الغيط عند المدخل الخارجي، ثم عقد اجتماعاً موسعاً.
في مستهل اللقاء، جدد الامين العام تهنئة رئيس الجمهورية على انتخابه منوّها بالنجاح الذي حققه منذ بداية ولايته على صعيد الاصلاحات والانجازات، مشيراً الى ان هذه النجاحات تركت انطباعات جيدة لدى الدول العربية التي ابدت اهتماما جدياً بلبنان ورغبة في مساعدته، لافتاً الى ابرز القرارات التي صدرت عن القمة العربية الاخيرة ولا سيما انشاء صندوق التعافي، ومبادرة رئيس الوزراء العراقي التي دعت الى تخصيص عشرين مليون دولار لكل من لبنان وفلسطين. واعرب السيد ابو الغيط عن امله في ان يجذب هذا الصندوق اهتمامات الدول القادرة على المساعدة.
بدوره، عرض الرئيس عون للامين العام الوضع في لبنان والمنطقة، وجرى التطرق خلال اللقاء الى ابرز التطورات في المنطقة ولبنان، ونوّه بالدور الذي يقوم به الامين العام لتفعيل عمل الجامعة العربية وتعزيز التضامن بين دولها. كما شكر الرئيس عون السيد أبو الغيط على الدعم الذي قدمه للبنان خلال الازمات المتتالية التي مر بها.
وفي ختام الزيارة، جال رئيس الجمهورية برفقة الامين العام ورجي والوفد المرافق، على القاعة الكبرى للجامعة العربية وعلى عدد من المكاتب والقاعات، والتقطت الصورة التذكارية التي ضمت الرئيس عون والامين العام وكبار المسؤولين في الجامعة العربية.