أهمية التطوع في تعزيز النمو الفردي والتنمية المجتمعية

كتبت الباحثة و الخبيرة التربوية ليال غدار مقالا تحت عنوان “أهمية التطوع في تعزيز النمو الفردي والتنمية المجتمعية”، أعتبرت فيه ان التطوع يسهم في بناء رأس مال اجتماعي قوي، وتعزيز الرفاه النفسي، وزيادة الشعور بالانتماء والهدف. وجاء في المقال:

يُعرَّف التطوع بأنه “مشاركة إرادية في نشاط غير مدفوع يهدف إلى تحقيق منفعة عامة” (Wilson, 2020). ومع اتساع الأزمات الصحية والاقتصادية عالميًا، اكتسب التطوع أهمية أكبر كأحد المحركات الأساسية لتعزيز صمود المجتمعات وقدرة الأفراد على التكيف. تشير الدراسات الحديثة إلى أن التطوع يسهم في بناء رأس مال اجتماعي قوي، وتعزيز الرفاه النفسي، وزيادة الشعور بالانتماء والهدف.

أثر التطوّع على النمو الشخصي

 2.1 تحسين الصحة النفسية والعاطفية

تشير دراسة منشورة في BMC Public Health (2025) إلى أن المشاركة التطوعية ترتبط بتحسّن واضح في مؤشرات الصحة النفسية، مثل انخفاض مستويات التوتر، وزيادة الشعور بالرضا عن الذات، وتحسن جودة الحياة. كما وجدت أبحاث أخرى أن التطوع يقلل من أعراض القلق والاكتئاب عبر تعزيز العلاقات الاجتماعية والدعم المتبادل (Anderson et al., 2023).

 2.2 تنمية المهارات المعرفية والاجتماعية

تُظهر الأدلة أن التطوع يوفر بيئة تعليمية غير رسمية لتنمية مهارات مثل حل المشكلات، اتخاذ القرار، القيادة، وإدارة الوقت. تؤكد دراسة لـ Maranatha Journal (2023) أن المهارات الاجتماعية الناتجة عن التطوع — كالتواصل الفعّال والتعاون — ترتبط بتحسن الأداء الأكاديمي والمهني للأفراد.

 2.3 تعزيز الهوية الإيجابية والشعور بالهدف

توضح النظريات النفسية، مثل نظرية 'الارتباط الاجتماعي' (Social Connectedness Theory)، أن التطوع يزيد من شعور الفرد بالمعنى والغاية، مما يدعم الصحة النفسية على المدى الطويل. وتظهر دراسة BMC Psychology (2025) أن المتطوعين يطورون إحساسًا أكبر بالهوية المجتمعية والفعالية الذاتية.

أثر التطوع على المجتمع والتنمية

 3.1 دعم رأس المال الاجتماعي وبناء الثقة

تشير الأبحاث إلى أن المجتمعات التي يرتفع فيها معدل التطوع تتمتع بمستويات أعلى من الترابط الاجتماعي، الثقة المتبادلة، والتعاون بين المواطنين (Putnam, 2021). هذه العوامل تُعدّ أساسًا للتنمية الاجتماعية والاستقرار.

 3.2 تعزيز الاستجابات المجتمعية للأزمات

أظهرت تجارب جائحة COVID-19 أن المتطوعين لعبوا دورًا محوريًا في توزيع المساعدات، التوعية الصحية، ودعم الخدمات الأساسية. تؤكد الدراسات أن مشاركة المتطوعين تسهم في رفع كفاءة الأنظمة الصحية والاجتماعية بمعدلات تصل إلى 30% في بعض الدول (UNV, 2022).

 3.3 دعم التنمية المستدامة

يُعدّ التطوع عنصرًا أساسيًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs). تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن العمل التطوعي يتداخل مباشرة مع أكثر من 10 أهداف، أبرزها: التعليم الجيد، الحد من الفقر، المساواة، والعمل المناخي من خلال حملات توعية وجهود بيئية مجتمعية.

مناقشة

توضح الأدلة العلمية أن التطوع ليس نشاطًا ثانويًا بل أداة تنموية مؤثرة. فعلى المستوى الشخصي، يساهم في بناء مهارات حياتية وصحية؛ وعلى المستوى المجتمعي، يعزز المشاركة المدنية ويقوي البنية الاجتماعية. ومع ذلك، تشير بعض الدراسات إلى ضرورة تنظيم برامج التطوع بشكل أفضل لضمان استدامتها وفعاليتها، خصوصًا في الدول ذات الموارد المحدودة.

خاتمة

يؤكد التحليل العلمي أن التطوع يسهم في تعزيز جودة حياة الفرد وبناء مجتمعات أكثر تماسكًا واستقرارًا. ومع تزايد التحديات العالمية، يصبح التطوع ضرورة اجتماعية وليست مجرد مبادرة فردية. إن دعم المؤسسات للبرامج التطوعية وتضمينها في سياسات التنمية يُعدّ خطوة أساسية نحو تحقيق مجتمعات أكثر قدرة على الصمود والتنمية.

المراجع العلمية

Anderson, J. et al. (2023). Psychological Wellbeing and Volunteering. Journal of Social Psychology.

BMC Public Health (2025). Volunteering and Mental Health Outcomes in Adults.

BMC Psychology (2025). Impact of Student Volunteering on Happiness and Social Connectedness.

Maranatha Journal of Humanitas (2023). The Psychological Benefits of Volunteering.

Putnam, R. (2021). Bowling Alone: Social Capital Revisited. Harvard University Press.

UN Volunteers (2022). The Role of Volunteers in Crisis Response.

Wilson, J. (2020). Volunteering and Civic Life. Annual Review of Sociology.