اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة جراسا الاخبارية
نشر بتاريخ: ٢٤ أيار ٢٠٢٥
مع الاهتمام المتزايد بالعملات الرقمية وتحليل أسواقها، باتت عبارات مثل «توقعات سعر البيتكوين اليوم» شائعة بين المتداولين. يعكس هذا الاهتمام رغبة المستخدمين في متابعة توجهات أسعار الأصول الرقمية واتخاذ قرارات استثمارية مبنية على معلومات حديثة. في هذا السياق يظهر نوعان رئيسيان من منصات التداول للعملات الرقمية: البورصات المركزية (CEX) التي تديرها جهة واحدة، والـ بورصات اللامركزية (DEX) التي تعمل بواسطة العقود الذكية على شبكات البلوكشين دون وسيط مركزي.
على سبيل المثال، يُثار جدل حول بعض ممارسات التداول مثل استخدام الرافعة المالية، حيث يبحث البعض عن توضيح لأحكام هذه الممارسة في إطار ضوابط شرعية وقانونية، وهو ما يُشار إليه أحيانًا بعبارة «فعة المالية». هذه الأمثلة تعكس أهمية اختيار منصة تداول آمنة وشفافة تلائم احتياجات المتداولين، وما سنناقشه في هذا التقرير مقارنةً بين الخيارين التقليديين والجديدين في عالم التداول.حكم الرا
مفهوم البورصات اللامركزية (DEXs) مقابل البورصات المركزية (CEXs)
البورصات المركزية (CEXs): هي منصات تديرها جهة أو شركة واحدة، تشبه في مفهومها أسواق الأسهم التقليدية. يتطلب استخدامها عادة التسجيل وتقديم معلومات شخصية (KYC) للتوافق مع المتطلبات التنظيمية. تحتفظ المنصات المركزية بأموال المستخدمين في محافظ تُدار من قبلها، ما يسهل التداول ويوفر خدمات إضافية (مثل استعادة المحفظة)، لكنه يجلب أيضًا خطر ترك الأصول تحت مسؤولية طرف واحد. تمتاز هذه المنصات عادة بواجهات سهلة الاستخدام وسيولة عالية في التداول، مما يسمح بتنفيذ الصفقات الكبيرة بسرعة.
البورصات اللامركزية (DEXs): تختلف جذريًا عن اللامركزية؛ فهي منصات إلكترونية مبنية على شبكات البلوكشين (مثل إيثريوم وبقيتها) وتعمل بعقود ذكية، ولا تدار من قبل كيان مركزي. يحتفظ كل متداول في DEX بمفاتيح محافظه الخاصة (أي الأصول تكون تحت سيطرته الكاملة)، مما يعني أن التبادل يتم مباشرة بين المحافظ دون وسيط. هذه البورصات لا تطلب عادةً التسجيل أو بيانات شخصية من المستخدمين، مما يمنح درجة عالية من الخصوصية. إلا أن هذا النموذج يتطلب من المستخدم معرفة تقنية أكبر (مثل إعداد المحفظة ودفع رسوم الغاز) مقارنةً بالبورصات المركزية. بشكل عام يمكن القول إن بورصات CEX سريعة ومُيسَّرة للمستخدم، لكنها تجمع بياناته وتخزن أمواله مركزياً، في حين أن بورصات DEX تعطي المستخدم حرية وخصوصية وسيطرة أكبر على أصوله، مع مخاطرة متعلقة بتعقيد الاستخدام وعدم وجود دعم مباشر.
مزايا البورصات اللامركزية (DEXs)
الأمان والتحكم الكامل بالأصول: يتميز نموذج DEX بأن المستخدم هو من يمتلك مفاتيح محافظه، وليس منصة مركزية. هذا يعني «أنت مفتاحك»، فإذا انتُهكت منصة مركزية فإن أموال المستخدمين كلها تكون عرضة للخطر، لكن في DEX تظل المحافظ لدى صاحبها. يقود هذا إلى مستوى أمان أعلى، لأن المنصة اللامركزية نفسها لا تحتفظ بأموال المتداولين، بل يتعامل كلٌ من البائع والمشتري مباشرةً من محافظهما الشخصية. (مع ذلك، يجب التنبيه إلى أن العقود الذكية قد تحتوي على ثغرات، وفي حال استغلالها يمكن أن يتعرض المستخدم لفقدان أصوله.)
الخصوصية وعدم الكشف عن الهوية: لا تتطلب معظم منصات DEX تقديم بيانات شخصية أو إجراأت «اعرف عميلك» (KYC) للتداول. هذا يمنحها ميزة خصوصية كبيرة مقارنة بمنصات CEX التي تفرض عادة التحقق من هوية المستخدمين. يمكن في DEX إجراء المعاملات بشكل شبه مجهول وبدون مشاركة معلومات حساسة، مما يجذب المتداولين الراغبين في الاحتفاظ بسرية عملياتهم المالية.
الشفافية وغياب التعسف: جميع عمليات التداول في DEX مسجَّلة علنًا على البلوكشين، ويمكن لأي شخص استعراض كود العقود الذكية ونشاط الصفقات وقت حدوثها. على عكس المنصات المركزية التي قد تحتفظ بكثير من تفاصيل عملياتها داخليًا، توفر DEX شفافية تشغيلية تامة بحيث تعمل كل وظيفة بكود مفتوح لا يمكن تغييره دون علم المستخدمين. هذه الشفافية تبني ثقة متزايدة لدى المجتمع التقني.
توافر أصول متنوعة: تمكّن البنى المفتوحة لـ DEX أي شخص من إدراج أصول جديدة دون الحاجة إلى موافقة مركزية. أي مشروع عملة رقمية جديد يمكن أن يظهر فورًا على منصة DEX إذا كان ضمن المعايير التقنية المطلوبة. هذا يوسع اختيار المستثمر ويوفر فرصًا أكبر لتداول رموز غير مدرجة في البورصات المركزية، مما يعزز تنويع المحفظة. فمثلاً نجحت بعض المنصات اللامركزية في إدراج عدد ضخم من العملات البديلة لكون عملية الإدراج فيها مفتوحة للجميع دون قرارات تقنية أو تنظيمية مسبقة.
تحديات البورصات اللامركزية (DEXs)
السيولة المنخفضة: عادةً ما تكون أحجام التداول على منصات DEX أقل بكثير من تلك على المنصات المركزية. هذا يعني تذبذبًا أعلى في الأسعار عند صفقات كبيرة وصعوبة تنفيذ الطلبات الكبيرة دون تغيير السعر المطلوب. فعلى سبيل المثال، قد يضطر متداول يريد شراء كمية كبيرة من عملة ما على DEX إلى قبول سعر أعلى نتيجة قلة البائعين مقابل هذا الحجم. ضعف السيولة يعد من أبرز القيود التي قد تردع المتداولين الراغبين في سرعة تنفيذ أوامرهم.
تعقيد تجربة المستخدم: يتطلب التداول في DEX إتقانًا لعدد من الأدوات الفنية. يجب على المستخدم إنشاء محفظة رقمية متوافقة مع المنصة (مثل MetaMask)، وإدارة المفتاح الخاص والمحافظة عليه سرّياً. إضافةً لذلك، تعتمد صفقات DEX على دفع رسوم الغاز لشبكة البلوكشين (مثل إيثريوم)، وهي رسوم قد تكون معقدة ومتصاعدة بناءً على احتقان الشبكة. هذا التعقيد يجعل استخدام DEX تحديًا للمبتدئين، على عكس البساطة النسبية للمنصات المركزية التي تشبه محفظة إلكترونية تقليدية.
غياب الدعم الفني المباشر: بسبب الطبيعة اللامركزية لا توجد جهة موحدة يمكن اللجوء إليها عند حدوث مشكلة في صفقة DEX. لا يتوفر فريق دعم عملاء بوسائل تواصل مباشرة كما في بعض CEX. فإذا ارتكب المستخدم خطأً (مثل فقدان المفتاح الخاص) أو واجه خللًا في منصة DEX، فمن غير المرجّح أن يحصل على مساعدة فورية أو استرداد للأموال. بمعنى آخر، على المستخدم الاعتماد على نفسه بالكامل في إدارة العمليات وحل المشكلات.
المخاطر التقنية والأخطاء البرمجية: تعتمد جميع DEX على العقود الذكية لأداء وظائفها. وفي حال وجود ثغرة في كود العقد الذكي، فإنها قد تستغل بشكل يؤدّي إلى خسارة الأصول. سبق أن وثقت اختبارات أمان أن بعض المنصات اللامركزية تعرضت لهجمات نتيجة أخطاء في برمجتها. بالتالي، فإن التحقق والتدقيق المستمر للعقود الذكية يعد من أهم متطلبات تأمين التداول على DEX.
الإطار القانوني والتنظيمي: تشكّل طبيعة DEX تحديًا للجهات التنظيمية؛ فأنشطة التداول اللامركزية تمتد عبر الحدود ولا ترتبط بكيان واحد. في الوقت الحالي، لا يوجد إطار قانوني واضح يعالج تشغيل DEXs في معظم الدول. على سبيل المثال، تتجه بعض اللوائح الجديدة نحو إلزام المنصات بإبلاغ سلطات الضرائب عن المعاملات؛ وقد يُدفع المزيد من المتداولين إلى البحث عن منصات لامركزية لتجنب الإفصاح المباشر عن معاملاتهم. هذا الغموض التنظيمي قد يثير مخاوف لدى بعض المستخدمين المؤسساتيين أو الفاعلين الماليين.
تأثير البورصات اللامركزية على التداول العالمي
توكنية الأصول المالية التقليدية: يجري الحديث عن أن تقنيات DEXs قد تسمح في المستقبل بتحويل أصول مالية مثل الأسهم والسندات أو العقارات إلى رموز رقمية (توكنات) على البلوكشين. هذا يعني إمكانية تداول هذه الأصول بكل سلاسة وكفاءة، وبتكلفة معاملات منخفضة نسبيًا، فتُجلب أسواق المال التقليدية إلى الفضاء الرقمي اللامركزي. سيمكّن ذلك المستثمرين العاديين من شراء وبيع أصول كبرى بضغطة زر ودون الحاجة لوسطاء تقليديين، مما يُعزّز تكامل الأنظمة المالية التقليدية مع التمويل اللامركزي.
الشمول المالي وتوسيع الخدمات في الأسواق الناشئة: ساهمت منصات DEX في زيادة الوصول إلى الخدمات المالية في مناطق تفتقر للبنى التحتية المصرفية القوية. فقد أشار تقرير من Chainalysis إلى أن خدمات DeFi (مثل الإقراض اللامركزي وتداول العملات الثابتة) زادت من تبني العملات الرقمية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية. تسمح هذه المنصات للمستخدمين في هذه المناطق بتحويل الأموال عبر الحدود وتخزين مدخراتهم بالعملات المستقرة المحمية من التضخم. ونتيجة لذلك، أصبحت DEX وسيلة لكثير من الناس لتحويل مدخراتهم أو إقراض أصول رقمية أو إجراء معاملات دولية دون الاعتماد على بنوك تقليدية غير متوفرة أو عالية التكلفة.
زيادة المنافسة وتبني المؤسسات: إن تزايد استخدام منصات DEX يشكل ضغطًا تنافسيًا على البنوك والشركات المالية التقليدية، مما قد يدفعها إلى دخول مجال التمويل اللامركزي بتقديم خدمات مماثلة أو دمج تقنيات البلوكشين في عملياتها. فمع إثبات فعالية وأمان DEXs، من المتوقع أن تسعى المؤسسات الكبرى لاستقطاب شريحة أوسع من العملاء عبر تبني حلول تسهل التداول اللامركزي. كما يمكن أن يؤدي انتشار DEXs إلى تشجيع تطوير أطر تنظيمية جديدة تدمج بين الابتكار المالي والضوابط التنظيمية.
التوقعات المستقبلية لنمو DEXs واستخدامها في الأسواق الناشئة
تشير البيانات والتحليلات إلى نمو سريع في أحجام التداول على البورصات اللامركزية خلال السنوات المقبلة. فعلى سبيل المثال، سجلت منصات DEX تداولات عقود وصلت إلى 1.5 تريليون دولار في عام 2024، ومتوقع أن ترتفع إلى نحو 3.48 تريليون بحلول عام 2025. كذلك تضاعف نصيب DEXs في السوق الفوري من 9% إلى 20% خلال فترة قصيرة، ويعزو المحللون ذلك إلى انخفاض رسوم التداول على هذه المنصات وتوفر أصول أكثر تنوعًا (خاصة الميمكوينات وأصول الديفاي الجديدة). من ناحية أخرى، تراكمت في عام 2021 أحجام تداول DEXs بأكثر من 122 مليار دولار خلال شهر أبريل فقط، مقابل مليار دولار في أبريل 2020، مما يعكس تسارعًا في التبني.
تشير أيضًا المؤشرات إلى تزايد اهتمام المتداولين في الأسواق الناشئة بهذه المنصات. إذ خلص تقرير Chainalysis إلى أن الاقتصادات النامية تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في استخدام خدمات التمويل اللامركزي، بما في ذلك التداول على DEXs، كبديل للتعامل بالعملات المحلية الضعيفة. ومع ذلك، قد تؤدي متطلبات التنظيم الجديدة (مثل ضرائب المعاملات) إلى تعزيز هذا التحول، حيث قد ينظر بعض المستخدمين إلى DEXs كملاذ يوفر خصوصية أعلى ومرونة أكبر.
في المستقبل، من المتوقع أن تستمر البورصات اللامركزية في النمو وتوسيع نطاقها العالمي. فبحسب بعض التقديرات، قد يصل حجم السوق العالمي للـDEXs إلى عشرات المليارات خلال العقد المقبل (قُدِّر بنحو 3.4 مليار دولار في 2024 وقد يرتفع إلى 39.1 مليار بحلول 2030)، خاصة مع تطوير تقنيات شبكات أسرع وتكاليف معاملات أقل. بشكل عام، يبدو أن الأسواق الناشئة ستستفيد بشكل خاص من هذه المنصات في السنوات القادمة، كونها توفر حلولاً مالية جديدة في بيئات اقتصادية تواجه تقلبات ونقصًا في الخدمات المصرفية التقليدية. ومع مرور الوقت، قد نشهد اندماجًا تدريجيًا للتمويل التقليدي واللامركزي عبر DEXs، مما يجعلها جزءًا مهمًا من مستقبل التداول العالمي.