كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني عن ضغوط وتهديدات تعرض لها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان من قبل جهات مرتبطة بالحكومة الإسرائيلية، في محاولة لثنيه عن مواصلة إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين متهمين بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.

وبحسب التقرير، الذي أعده الصحفيان ديفيد هيرست وعِمران ملا، فقد تمثلت التهديدات في اجتماع جرى في مايو/أيار 2024 بين خان والمحامي البريطاني الإسرائيلي نيكولاس كوفمان، الذي تربطه علاقات مباشرة بمستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأوضح التقرير أن كوفمان نقل خلال الاجتماع مقترحًا وُصف بأنه 'يتيح لخان النزول عن الشجرة'، في إشارة إلى التراجع عن موقفه القانوني بشأن مذكرات الاعتقال، وذلك مقابل الكشف عن تفاصيل تلك المذكرات لتمكين الجانب الإسرائيلي من الطعن بها سرياً.

ووفق المذكرة الرسمية للاجتماع، فقد هدّد كوفمان خان بشكل مباشر قائلاً له: 'سيدمرونك ويدمرون المحكمة'، في حال مضى قدمًا نحو إصدار مذكرات توقيف إضافية بحق وزراء إسرائيليين بارزين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

وحضر الاجتماع أيضاً زوجة خان، المحامية شايامالا ألاجندرا، التي أكدت مع زوجها أن الحديث تضمّن تهديدًا واضحًا. ووفق الموقع، فقد تم إيداع مذكرة رسمية بتفاصيل الاجتماع في ملفات المحكمة.

التقرير أشار كذلك إلى أن كوفمان أقر لاحقًا بتواصله مع المستشار القانوني لنتنياهو، روي شوندورف، قبيل اللقاء، ونقل تحذيرات بشأن تبعات الاستمرار في المسار القانوني ضد المسؤولين الإسرائيليين، ومن بينها فرض عقوبات أميركية على المحكمة.

وفي تطور لافت، وبعد أسبوعين فقط من ذلك الاجتماع، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرًا تضمّن مزاعم ضد خان تتعلق بالاغتصاب، الأمر الذي دفعه لأخذ إجازة مؤقتة من منصبه، رغم نفيه القاطع لجميع التهم، التي يرى كثيرون أنها مسيسة وتندرج ضمن حملة الضغط التي تقودها تل أبيب وحلفاؤها لتقويض المحكمة.

وبحسب الموقع، فإن خان كان يعتزم التقدم بطلب رسمي لإصدار مذكرات توقيف جديدة ضد شخصيات إسرائيلية متهمة بالضلوع في الجرائم الجارية في الأراضي الفلسطينية، خاصة المتعلقة بالاستيطان غير القانوني في الضفة الغربية، وهو ما دفع لزيادة وتيرة الضغوط الإسرائيلية.

ومنذ إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في 20 مايو/أيار 2024 عن سعيه لاستصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه الأسبق يوآف غالانت، تصاعدت حملة سياسية وقانونية ممنهجة تهدف إلى عرقلة عمل المحكمة، وصلت إلى حد العقوبات الشخصية والتهديدات المباشرة.

وكان خان قد طلب إصدار مذكرات التوقيف بسبب 'استخدام التجويع كسلاح حرب' و'القتل العمد' و'الإبادة الجماعية'، وهي جرائم قال إن لديه أدلة قوية على ارتكابها في قطاع غزة. هذا الإعلان قوبل بردود فعل غاضبة من إسرائيل والولايات المتحدة، تجلّت في سلسلة خطوات غير مسبوقة.

رداً على تحركات خان، فرضت الولايات المتحدة في 27 يونيو 2024 عقوبات على المدعي العام كريم خان وأفراد من فريقه في المحكمة، شملت تجميد الأصول ومنع السفر، في خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة لتقويض استقلال القضاء الدولي.