اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٦ حزيران ٢٠٢٥
سأل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة «أين نحن من المحبة والتضحية واحترام الآخر وصون كرامته واحترام حريته في زمن أصبح فيه كل شيء مباحا بحجة ممارسة الحرية الشخصية ولو مسّت حرية الآخر وأهانت كرامته؟».
وخلال القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، قال عودة: «يبدو أن قلّة منا سوف تستحق الإعتراف، خصوصا عندما توضع حدود قدراتنا البشرية على المحك، وعلى الحدود بين الحياة والموت، حيث سنكون مطالبين بالإعتراف بالمسيح كسيد على حياتنا، وبشجاعة البقاء أمناء له حتى النهاية، دون أن نتزعزع إن لم يرسل لنا الرب التعزية والفرح، بل قد يسمح بمرورنا في المعاناة والأحزان. مع ذلك، فإن رهبة البشر في مواجهة الموت طبيعية جدا، كيف لا وقد أصابت المسيح، بطبيعته البشرية، في الجسمانية، إذ إن الموت الجسدي بالنسبة إلينا ليس ظلاما ونهاية، بل باب يفتح نحو حياة جديدة مع الله، ناقلا إيانا من حياة وقتية إلى أخرى أبدية. مع ذلك، علينا أن نبدأ منذ الآن بعيش الأبدية. قد نظن بسذاجة أن عيشنا الحياة المسيحية كامل، إلا أن المسيحي الحقيقي يحيا كل لحظة طالبا الرحمة، واعيا ضعفه وتقصيره وخطاياه، كأنه واقف أمام ناظري لله الأزلي، القوي، الذي لا يموت».
وتابع: «ليس المطلوب منا أن نعترف بالمسيح فقط في المصائب والأحزان، أو في مواجهة الموت، بل أن يكون ذلك خبزنا اليومي، بحيث نظهر للعالم يوميا أننا مسيحيون ليس بالكلام المنمق، ولا بالحركات التقوية، إنما من خلال التقى القلبي الحقيقي النابع من نفس عاشقة للّه، تطبق ما علّمها إياه الخالق، أي المحبة والرحمة والوداعة وطول الأناة وعدم دينونة القريب والتواضع الإلهي»، وسأل «فكيف أعترف بالمسيح في وقت الشدّة أو الإضطهاد إن لم أتمرّس بالإعتراف به يوميا في أبسط الأمور الحياتية؟ هذا مستحيل».
واعتبر عودة ان «جوهر القداسة هو تلك المحبة الصافية الكاملة المجردة من الأنانية وحب الذات والغرور، التي لا تطلب ما لنفسها والتي لا تنتظر مقابلا أو مكافأة، بل تهمل كل ما يستعبدها ويشدّها إلى الماديات والأرضيات. عند ذلك يغدق لله على حاملها نعمه ويسكب عليه مواهبه ليسير على درب القداسة».
وختم: «من يدّعي أن أيامنا صعبة والتجارب التي نمرّ بها أقسى من تجارب من سبقونا، ليتذكّر الصعوبات والاضطهادات في القرون الأولى، ومكائد الشرير التي لا تزول. فأين نحن من هذا الإيمان الذي لا تقهره الشدائد ولا تضعفه التجارب؟ أين نحن من المحبة والتضحية واحترام الآخر وصون كرامته واحترام حريته في زمن أصبح فيه كل شيء مباحا بحجة ممارسة الحرية الشخصية ولو مسّت حرية الآخر وأهانت كرامته؟».