اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٢ تموز ٢٠٢٥
خاص الهديل….
كتب بسام عفيفي
لا يمكن لأي مراقب عدم الاعتراف بصعوبة اللحظة الراهنة التي يمر بها لبنان.. قد يكون البلد أمام عاصفة إقليمية مجنونة من إبراز استهدافاتها اغتيال التنوع والتعايش والتطور؛ وهذه كلها ميزات تشكل معنى لبنان وقوته. في هذه اللحظة تتسلط الأضواء على مكانة الرؤساء الثلاثة الذين بحكم طبيعة النظام السياسي اللبناني يتحملون الجزء الكبير من المسؤولية.. وبين هؤلاء الرؤساء الثلاثة يوجد الرئيس السني الثالث – ودائماً حسب التوصيف اللبناني وحسب ما يقوله العرف اللبناني- وهو دولة الرئيس نواف سلام.
كل الرؤساء الثلاثة أمامهم تحديات جسام؛ ولكن أمام الرئيس سلام تحدياً غاية في الخطورة؛ قوامه إثبات أن السنة في لبنان هم ميزان الاعتدال الإسلامي ليس فقط في لبنان بل في كل المنطقة؛ والحق يقال أن الرئيس نواف سلام لديه في شخصيته كل المعاني التي تؤشر على أنه نموذج للاعتدال وحتى أنه نموذج للمعنى المدني والوطني والمترفع عن أي سياق تعصبي أو متزمت، الخ..
في هذه المرحلة يحتاج لبنان لشخصيات تؤمن بالتنوع الحضاري على أساس المواطنية؛ وهذه مدرسة روادها قليلون ولكن نواف سلام واحد من رواد هذه المدرسة.
أمس زار المبعوث الأميركي توم براك الرئيس نواف سلام وألقى من أمام بابه الذي هو باب رئاسة الحكومة اللبنانية؛ تصريحه الأساسي الذي يلخص به موقفه الرسمي من زيارته الجديدة. معنى بيان براك من أمام مقر الرئيس نواف سلام لا يعني انتقاصاً من أي باب رسمي آخر بقدر ما هو رسالة لأهمية موقع رئيس الحكومة التي تمثل السلطة مجتمعة داخل نظام لبنان وداخل معنى دستور واتفاق الطائف وداخل فكرة تكشف عن كيف ينظر العالم إلى الواقع السياسي اللبناني ونظامه السياسي.
الرئيس نواف سلام هو داخل مرحلة الحل المطلوب من لبنان أن يتفاعل معه من خلال الاستجابة لنصيحة المجتمع الدولي وليس من خلال الانصياع لشروط المجتمع الدولي..
يجدر التوقف بإمعان عند نقطة هامة في كلام توم براك الذي يقول أن واشنطن لا تهدد لبنان وهي لا تضع مسدسها على الطاولة ولا يشطط أسطولها السادس على شط بيروت؛ بل كل ما تقوله واشنطن للبنان هو أن 'النصيحة كانت بجمل'، وتطلب من لبنان أن يشتري نصيحتها من أجل لبنان!!.
الرئيس نواف سلام – طبعاً كما الرئيسين عون وبري- يتفهم موقع مسعى براك داخل اللحظة الإقليمية المجنونة؛ وهو أكثر من ذلك يريد اتباع اللسان الصريح والوطني والمخلص في التعبير عن الحقيقة بالأبيض والأسود من خلال القول بالمباشر أن الوقت الراهن من ذهب؛ وبأن الوقت الأميركي بخاصة، وسيما في هذه اللحظة مع ترامب؛ يصبح كالسيف إن لم تقطع به الأزمة فسوف يقطع عليك الفرصة.
لا نقول أن الرئيس نواف سلام يسير بين النقط بل هو يسير بكل وضوح تحت النقط؛ فيخسر من رصيده حيث يمكنه ببساطة أن يربح شعبوياً لو أراد؛ ولكن ذلك سيكون على حساب المصالح العليا للوطن والمصلحة الوطنية العليا التي تتعزز وتقوى حينما يكون دولة الرئيس الوطني الثالث السني لبنانياً أولاً وأخيراً وبقدر إيمانه اللانهائي بالله أولاً وبعد ذلك بنهاية لبنان الوطن السيد الموحد.