اخبار سوريا
موقع كل يوم -قناة حلب اليوم
نشر بتاريخ: ١٠ تموز ٢٠٢٤
لا تزال معاناة الشباب في سوريا مستمرة منذ وصول الأسد الأب إلى السلطة في سبعينيات القرن الماضي، وفرضه للقمع والقبضة الحديدية في وجه الطموحات والأحلام التي مات الكثير منها وراء القضبان وفي أقبية التعذيب.
ومع الثورة التي كان الشباب السوري عمادها، تحولت قضيتهم إلى واحدة من أكثر القضايا الإنسانية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عقد، حيث يعيشون تجارب مروعة يصعب تصورها، ولا يزالون يتعرضون للعديد من التحديات الشديدة التي تؤثر على كافة جوانب حياتهم اليومية، سواء في بلدان اللجوء أو على طرق الهجرة أو مخيمات اللجوء والنزوح.
وباتت أحد أبرز التحديات التي يواجهها الشباب السوري اليوم، هي الحرمان من فرص التعليم والتدريب المناسب، وغياب فرص العمل بسبب الدمار الواسع الذي خلفته الحرب، حيث تضررت المدارس والجامعات، ومعظم الطلاب والطالبات فقدوا سنوات دراستهم أو تعذر عليهم الوصول إلى التعليم بشكل مناسب، مما ترك آفاقًا ضيقة أمامهم في سوق العمل.
يقول الشاب الثلاثيني، محمد، وهو نازح من ريف حماة الشمالي ويقطن في منطقة شمال إدلب، لحلب اليوم، إن أحلامه انهارت بالتدريج مع تزايد الصعوبات المادية لعائلته الفقيرة أصلا، ومع تعقد الوضع في البلاد، لينتهي الأمر بالنزوح نحو ريف إدلب الشمالي.
ومع مرارة فقدان الأرض والبيت، لم يتبقَ أمام الشاب من خيارات سوى التفكير في الحلم الأوروبي، لكن ذلك يحتاج إلى المال أيضا.
وجعل الانهيار الاقتصادي من البطالة مشكلة متفاقمة تؤثر على مختلف شرائح المجتمع السوري، في مختلف المناطق، سواء الخاضعة لسيطرة سلطة الأسد أو الخارجة عنها، في شمال شرق وغرب البلاد.
ومنذ نزوحه من بلدته لم يجد الشاب لنفسه عملا يعتاش منه سوى العمل 'بالمياومة' وهو لايكاد يسد الرمق، متسائلا كيف له أن يتزوج ويصبح لديه بيت وأولاد؟!.
ليس لدى الشاب الذي اعتاد العمل في الزراعة ببلدته قبل النزوح من خيارات كثيرة لإيجاد مصادر للدخل، حيث تقل الفرص بشكل مستمر، في مجتمع أكثر من 85% من سكانه من الفقراء الذي يعيشون على أقل من دولارين شهريا، وفقا لمنسقي استجابة سوريا.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه الشباب صعوبات اقتصادية جسيمة، حيث تضاعفت معدلات البطالة وانخفضت فرص العمل الكريمة، العديد منهم يجدون أنفسهم مضطرين للعمل في وظائف منخفضة الأجر بدلا من التسول لتأمين لقمة العيش اليومية.
أزمات نفسية
يؤكد الصيدلاني 'محمود . ح' أن الطلب يزداد على الأدوية المضادة للاكتئاب والأدوية النفسية المهدئة، والتي يصرف بعضها بوصفات طبية والبعض الآخر بطلب شخصي من المريض.
ويقول إنه من اللافت أن معظم من يشترون تلك الأدوية هم من الشبان والفتيات، ولا يستبعد وجود رابط بين ذلك وبين تصاعد الضغوط النفسية والاجتماعية الناجمة عن الفقر والبطالة وقلة فرص العمل.
ويعاني الشباب في سوريا من أزمات نفسية واجتماعية خطيرة نتيجة للحرب المستمرة وفقدان أحبائهم وتفكك الأسر، ويشتكي الكثير منهم من اضطرابات النوم، الاكتئاب، والقلق بشكل متزايد، دون الحصول على الدعم النفسي والاجتماعي اللازم.
ورغم أن الشباب السوري يمتلك إرادة قوية وإصراراً كبيراً على التغلب على هذه التحديات، إلا أن قلة الخيارات أمامهم تجعل الواقع أكبر من أي إصرار، كما يقول الرجل الستيني أبو حسان.
يؤكد الرجل المسن، وهو مهندس كهربائي، أن الأجيال السابقة، حظيت ببعض الفرص رغم كل الصعوبات، لكن الحياة اليوم أمام مواليد الثمانينيات والتسعينيات وعام الألفين؛ باتت صعبة بالفعل.
يقول أبو حسان: 'لم أشهد في حياتي صعوبات وتعقيدات بهذا الحجم.. باتت كل الخيارات ضيقة أو معدومة' وليس أمام الشاب سوى التفكير في الهجرة.
وتظهر من حين لآخر العديد من المبادرات المجتمعية والشبابية التي تسعى إلى توفير التعليم، والدعم النفسي، وفرص العمل للشباب المتأثرين، ولكن جهود المنظمات الإنسانية في شمال غرب سوريا لم تُحدث فرقا ملموسا في منطقة تضم 2.7 مليون نازح يقطنون المخيمات بدعم ضئيل.