اخبار سوريا
موقع كل يوم -تلفزيون سوريا
نشر بتاريخ: ١٠ أذار ٢٠٢٥
خلال اليومين الماضيين، شهدت مناطق الساحل السوري تطوراتٍ متسارعة تأخذ أبعاداً متعددة، ما جعلها محور اهتمام وسائل الإعلام الغربية التي تتابع مجريات الأحداث عن كثب، وفي خضم المواجهات بين الجيش السوري والأمن العام من جهة، وفلول النظام المخلوع من جهةٍ أخرى، اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي موجةٌ من المنشورات والصور والفيديوهات المضللة، التي انتشرت على نطاقٍ واسع، مستندةً إلى مشاهد مفبركةٍ وأخرى قديمة لا تمتّ للأحداث الجارية بصلة، بل تعود بعضها إلى مناطق خارج سوريا.
وقد أثار الاستخدام المكثّف للمعلومات المغلوطة تساؤلاتٍ حول الجهات التي تقف خلف هذه الحملات الإعلامية، وما تسعى إلى تحقيقه من خلال التشويش على حقيقة ما يجري في الساحل.
ومع تصاعد زخم التغطية الإعلامية، أبدت بعض الجهات الدولية مواقف تستحق الوقوف عندها، إذ تباينت ردود الفعل بين الإدانات والتحذيرات، وكان من اللافت صدور بيانٍ عن وزارة الخارجية الفرنسية، الذي حمل قلقاً 'إزاء أعمال العنف الخطيرة التي وقعت في سوريا خلال الأيام الأخيرة في طرطوس واللاذقية'، وخلا من أي إدانةٍ لعمليات التصفية التي تعرّض لها أفراد من الأمن السوري على يد فلول النظام.
ماذا جرى في الساحل؟
اندلعت أحداث الساحل السوري قبل أربعة أيام، بعد تصاعد التوترات الأمنية في المنطقة، حيث رُصدت تحركاتٌ مشبوهة لعناصر مواليةٍ للنظام المخلوع، حاولت إعادة تنظيم نفسها لبثّ الفوضى واستهداف قوات الأمن العام، وخلال الأسابيع الماضية، ازدادت عمليات التسلل إلى بعض القرى والبلدات، ما دفع القوات الأمنية والعسكرية إلى تكثيف المراقبة والاستعداد لأي تصعيدٍ محتمل.
ومع ورود تقارير استخباراتية عن مخططاتٍ لشنّ هجماتٍ على مواقع حيوية، بدأت الأجهزة الأمنية تحرّكاتٍ استباقية لضبط الوضع قبل خروجه عن السيطرة. وبعد ذلك، وقعت أولى المواجهات المباشرة بين قوات الأمن ومجموعاتٍ مسلّحة حاولت تنفيذ هجومٍ على نقطة تفتيش، مما أدى إلى اندلاع اشتباكاتٍ عنيفة أودت بحياة 13 عنصراً من قوات الأمن.
وسبق أن أكد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، ارتفاع حصيلة قتلى هجمات فلول النظام المخلوع في منطقة الساحل إلى 147 قتيلاً، مشيراً إلى أن عمليات التوثيق لا تزال مستمرة.
وأوضح عبد الغني، في تصريحٍ لتلفزيون سوريا، أن عدد القتلى من عناصر الأمن العام ارتفع إلى 121 شخصاً جراء تلك الهجمات، إضافةً إلى مقتل 26 مدنيًا على الأقل، بينهم 7 أطفال و13 سيدة، في أعمال عنفٍ متفرقة، بعضها استهدف سياراتٍ تحمل لوحات تسجيل من إدلب، مضيفاً أن هذه الحصيلة ليست نهائية، إذ تستمر عمليات التوثيق، مع وجود مؤشراتٍ على أن العدد الفعلي للضحايا قد يكون أعلى، خاصةً في ظل ورود مقاطع مصوّرةٍ ووثائق جديدة من مناطق مثل بانياس.
وتحدثت مصادر حقوقية عن وقوع ضحايا من المدنيين في عمليات تفتيشٍ نفذتها فصائل ومجموعاتٌ عسكرية من خارج الجيش والأمن العام.
ومع تفاقم التوتر، دفعت الحكومة بتعزيزاتٍ عسكرية كبيرة إلى الساحل لاستعادة السيطرة ومنع انتشار الفوضى، وتزامن ذلك مع ظهور تقارير تفيد بأن بعض عناصر فلول النظام المخلوع استخدموا تكتيكاتٍ تمويهية بارتداء زيّ الأمن العام، ما أثار ارتباكاً في صفوف المدنيين والقوات الأمنية على حدّ سواء.
في غضون ذلك، وقعت بعض الانتهاكات في المناطق المتأثرة بالاشتباكات، حيث استغلّت مجموعاتٌ غير منضبطة حالة الاضطراب لتنفيذ أعمال نهبٍ وسلب، وهو ما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءاتٍ صارمة بحق المتورطين، وتمكنت الجهات الأمنية من ضبط عددٍ من الأفراد واستعادة ممتلكاتٍ مسروقة، مع التأكيد على محاسبة أي شخص يثبت تورطه في هذه التجاوزات.
ولم تقتصر المواجهة على الأرض، إذ سرعان ما بدأت حرب إعلامية موازية، حيث عمدت حساباتٌ على مواقع التواصل الاجتماعي، يُعتقد أنها تدار من جهاتٍ منظمة، إلى تضخيم الأحداث عبر التركيز على مزاعم بوجود عمليات تصفيةٍ على أساسٍ عرقي وطائفي، متجاهلةً السياق الكامل لما جرى.
مع استعادة السيطرة تدريجياً، كثّفت الحكومة جهودها لضبط الأمن وإعادة الاستقرار، مؤكدةً أن عمليات ملاحقة بقايا فلول النظام المخلوع لا تزال مستمرة، بالتوازي مع فتح تحقيقاتٍ في التجاوزات التي وقعت، واتخاذ خطواتٍ لضمان عدم تكرار الفوضى. في المقابل، شهدت التغطية الإعلامية تحولاً في السردية، حيث انتشرت صورٌ وفيديوهاتٌ قديمة على نطاقٍ واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولةٍ لتضليل الرأي العام وإظهار الأحداث بطريقةٍ تتماشى مع أجندات فلول النظام.
الإعلام الغربي وتغطية أحداث الساحل
مع استمرار الأحداث في الساحل السوري، تتجه التغطية الإعلامية الغربية نحو تحوّلات ملحوظة في العناوين والسرد، ما يعكس تطوّراً في طريقة تعاطي الصحف ووسائل الإعلام الأميركية والبريطانية مع التطورات.
ووفق متابعة الصحفي رأفت الرفاعي، وعلى مدار الساعات الماضية، كشفت المتابعة الدقيقة لهذه التغطيات عن تباينات لافتة في الخطاب الإعلامي، سواء من حيث اختيار المصطلحات أو إبراز بعض الزوايا على حساب أخرى.
خلال اليوم ما قبل الأخير، تراجع معدل النشر حول الأحداث مقارنةً بيومي الخميس والجمعة، وهو ما يتماشى مع طبيعة التغطية الإعلامية الغربية التي تشهد انخفاضاً في وتيرة النشر خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلا أن هذا التراجع لا يعني غياب الاهتمام، بل يشير إلى محاولات لاستيعاب التحولات الجارية وإعادة ضبط زاوية التغطية بما يخدم التوجّه التحريري لكل وسيلة إعلامية.
ومن أبرز هذه التحوّلات، الانتقال من وصف المواجهات بأنها بين الحكومة ومتمردين موالين للأسد إلى التركيز على مصطلحات أكثر حدّة مثل 'العنف'، 'مقتل المدنيين'، 'الاعتداء على العلويين'، و'حملة قمع في مناطق العلويين'.
ورغم أن العديد من التقارير استمرت في الإشارة إلى المسلحين التابعين للنظام المخلوع ومحاولات السلطات الجديدة لاحتوائهم، فإن المساحة التي أُعطيت لهذه النقطة تضاءلت تدريجياً على مدار اليوم، لصالح التركيز على شهادات تتحدث عن انتهاكات، ومع نهاية اليوم، باتت هذه الشهادات تشكل المحور الأساسي في بعض التقارير، ما يعكس توجّهاً نحو تقديم هذه الروايات باعتبارها الأهم في المشهد.
حرب رقمية توازي التغطية الميدانية
إلى جانب التغطية الإعلامية التقليدية، تتواصل معركة إعلامية رقمية تستهدف التأثير على الرأي العام، حيث أظهرت تحليلات حديثة لتوجهات مواقع التواصل الاجتماعي موجة تضليل ممنهجة تستهدف سوريا والسوريين.
وأشار المسؤول الأمني في الساحل السوري ساجد لله الديك إلى أن 'جيوشاً إلكترونية من العراق ولبنان وشرق الفرات وتل أبيب تتناوب على نشر أخبار تهدف للفتنة الطائفية في سوريا'.
ووفق تحليل أجري على 20 ألف تغريدة منشورة في 4 آذار 2025، تبيّن أن هناك تضخيماً مقصوداً لمحتوى دعائي موجّه، يهدف إلى تبرير التدخل الإسرائيلي في سوريا ونشر خطاب تحريضي مدعوم بمعلومات مضللة.
وتشير البيانات إلى أن حسابات إسرائيلية وأخرى موالية للأسد، بالإضافة إلى حسابات تنتحل جنسيات عربية، تعمل على تضخيم هذه الروايات عبر عمليات إعادة تغريد مكثفة. ووفق التحليل، فإن الدوائر الخضراء تمثل الحسابات التي نشرت المحتوى الأصلي المضلل، بينما تشير الدوائر الوردية إلى الحسابات التي ساهمت في انتشاره عبر إعادة التغريد والتعليقات.
ووفق التحليل الذي أجراه موقع 'عربي بوست'، فإن الحسابات التي تتماشى مع الحملات الإعلامية تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي:
حسابات إسرائيلية: بعضها معروف، وأخرى مجهولة الهوية، وتساهم في نشر محتواها حسابات من اللجان الإلكترونية الإسرائيلية، وحسابات بأسماء عربية، وأخرى موالية لنظام الأسد ومعادية للتغيير الذي شهدته سوريا.
حسابات موالية لنظام الأسد: بعضها قديم، لكنه أصبح نشطاً بعد سقوط الأسد في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2024، إضافة إلى مئات الحسابات الأخرى التي أُنشئت حديثاً منذ بداية 2025 وحتى يوم 4 مارس/ آذار، وتقوم هذه الحسابات بنشر أخبار مضللة وخاطئة بهدف التأجيج.
حسابات مجهولة: تدعم المزاعم الإسرائيلية حول 'اضطهاد الأقليات' في سوريا، وضرورة حمايتهم من إسرائيل، وتلعب أيضاً دوراً كبيراً في نشر المعلومات المضللة وتأجيج الداخل السوري، بينما تزعم بعضها أن هويتها عراقية أو كردية.
التضليل الإعلامي وحملات التشويه
مع تصاعد حدة المواجهات في الساحل السوري، شهدت منصات التواصل الاجتماعي حملة تضليلٍ مكثفة اعتمدت على نشر صورٍ مفبركة ومقاطع فيديو قديمة من خارج سوريا، لكنها وُظّفت لإعطاء انطباعٍ بأن الأحداث الجارية أكثر دمويةً واتساعاً مما هي عليه في الواقع.
انتشرت هذه المواد عبر حساباتٍ غير موثوقة، بعضها ينتمي إلى جهاتٍ لها سجل طويل في التلاعب بالأخبار حول سوريا، وأخرى تابعةٌ لجهاتٍ إقليمية وغربية لها مصالح في إبقاء حالة عدم الاستقرار.
وتبيّن من خلال تحليل المصادر أن الكثير من هذه المنشورات يعتمد على صورٍ قديمة، بعضها ليس في سوريا، حيث يتم تغيير توصيف الصور والفيديوهات لإيهام المتابعين بأنها حديثة وتعود إلى الساحل السوري، وقد رصد موقع تلفزيون سوريا مجموعةً من الصور بهذا السياق.
لم يكن التضليل يقتصر فقط على الصور والفيديوهات، بل شمل خطاباً إعلامياً موجّهاً صُمّم بعنايةٍ لتضليل الرأي العام وإعادة رسم المشهد بما يخدم أجنداتٍ محددة. ويمكن تصنيف أساليب التضليل الإعلامي التي تم استخدامها في تغطية أحداث الساحل السوري إلى عدة أنماطٍ رئيسية:
تحريف السياقات: يتم أخذ تصريحات لمسؤولين أو جهاتٍ رسمية، ثم اقتطاعها من سياقها الأساسي وتوظيفها لإظهارها وكأنها اعترافٌ بأحداثٍ لم تحدث في الواقع، أو لإعطاء معنى مختلف تماماً عن الحقيقة.
استخدام مصادر غير موثوقة: تكرّرت الاستشهادات بتقارير مأخوذة عن أفرادٍ أو منظماتٍ غير مستقلة.
المبالغة في الأرقام: أظهرت بعض التقارير عدد الضحايا والجرحى بزيادةٍ مضاعفةٍ عن الأرقام الحقيقية، والهدف من ذلك كان إثارة الرأي العام العالمي ودفع المؤسسات الدولية للتدخل بناءً على معلوماتٍ غير دقيقة.
إضفاء الطابع الطائفي على الأحداث: حاولت بعض وسائل الإعلام توجيه الأحداث باتجاه بُعدٍ طائفي بحت، وذلك عبر العناوين التي تتحدث عن 'استهداف العلويين'، بهدف تأجيج المشاعر وخلق انقساماتٍ داخلية.
الإغراق بالمحتوى الدعائي: ساهمت جهاتٌ إعلاميةٌ متعددةٌ في نشر قصصٍ مزيفة، وأخبارٍ ملفقة، وشهاداتٍ غير موثوقة، وأحياناً يتم ذلك بطريقةٍ منظمة، بحيث يتم نشر القصة نفسها في عدة منصاتٍ بوقتٍ متزامن، ما يمنحها مصداقيةً زائفة.
أنماط الحسابات المروّجة للتضليل الإعلامي
وبعد تحليل الحسابات التي تواظب على نشر المعلومات المضللة، ظهر أنها تنقسم إلى ثلاث فئاتٍ رئيسية:
حسابات 'النشر الأولي': وهي الحسابات التي تقوم بنشر الأخبار المضللة لأول مرة، وغالباً ما تكون مجهولة المصدر، أو تحمل أسماءً مستعارة.
حسابات 'إعادة التغريد الجماعي': وهي حساباتٌ وظيفتها إعادة تغريد المنشورات المضللة بسرعةٍ كبيرة، بحيث يتم تضخيم المحتوى ليصل إلى الجمهور بشكلٍ أوسع.
حسابات 'التفاعل المصطنع': وهي حساباتٌ تعمل على إضافة التعليقات المزيفة لإضفاء مزيدٍ من المصداقية على الروايات المضللة، سواء عبر التعليقات العاطفية أو عبر إضافة مصادر وهمية لدعم الفكرة المطروحة.
التداعيات وواجبات الحكومة السورية
لا تقتصر حملات التضليل الإعلامي على التأثير في الرأي العام المحلي أو الدولي، بل تمتد تداعياتها إلى مستوياتٍ أكثر تعقيداً، تشمل التأثير على الاستقرار الداخلي، وخلق فجواتٍ بين الدولة والمجتمع، واستغلال الفوضى المعلوماتية لتمرير أجنداتٍ خارجية.
ويمكن تلخيص أبرز التداعيات في النقاط التالية:
تضليل الرأي العام الدولي: مع سيطرة وسائل الإعلام الغربية على الخطاب العالمي، فإن تكرار الروايات بالاعتماد على مصادر غير رسمية حول ما يجري في الساحل السوري قد يؤدي إلى إضعاف موقف الحكومة السورية سياسياً ودبلوماسياً في المحافل الدولية.
إضعاف الثقة بالمصادر الرسمية: إذا لم تكن هناك جهودٌ إعلاميةٌ منظمةٌ لمواجهة الأخبار الكاذبة، فقد يفقد المواطنون والصحفيون الدوليون الثقة في الرواية الرسمية، ما يمنح الحسابات المزيفة فرصةً لفرض سردياتها الخاصة.
تعزيز الانقسامات الداخلية: بما أن بعض التقارير والمحتوى المضلل يركز على تأجيج النزعة الطائفية، فإن تكرار نشر مثل هذه المواد قد يؤدي إلى خلق بيئة توتر داخلي وزعزعة السلم المجتمعي.
تعليق رسمي من وزارة الإعلام السورية
في سياقٍ متصل، حذّرت وزارة الإعلام السورية من تداول الأخبار الكاذبة والمحتوى المضلل المنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلةً في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا: 'رُصدت خلال اليومين الماضيين حملات إعلامية ممنهجة وحملات تجييش إلكتروني، تقف وراءها جهات ذات أجندات مشبوهة وارتباطات خارجية، وقد لجأت هذه الجهات إلى استخدام الخطاب الطائفي لإثارة الفتن وبثّ الفوضى'.
وأضافت: 'بعد التحقق، تبيّن أن عدداً كبيراً من الصور ومقاطع الفيديو التي يتم الترويج لها على أنها انتهاكات وقعت في الساحل السوري، إما مزيفة، أو قديمة، أو غير مرتبطة بسوريا على الإطلاق'.
تورط خارجي ودعم إيراني.. مسؤول أمني يكشف لتلفزيون سوريا مستجدات التوتر في الساحل
ووفق الوزارة، فإنها تحرص على 'التصدي لظاهرة الأخبار الكاذبة والتضليل الإعلامي عبر توضيح الحقائق للرأي العام، وإصدار البيانات الرسمية التي تكشف زيف هذه الادعاءات'، داعيةً 'وسائل الإعلام والمواطنين إلى ضرورة تحرّي الدقة والاعتماد على المصادر الرسمية قبل نشر أو تداول أي خبر'. كما أشارت إلى أنها 'تعمل على تعزيز التعاون مع المؤسسات الإعلامية والمجتمع لمواجهة هذه الحملات المضللة وحماية استقرار المجتمع'.
وحثّت وزارة الإعلام جميع المواطنين على الاعتماد على المصادر الرسمية ووسائل الإعلام الموثوقة للحصول على المعلومات الدقيقة، والامتناع عن تداول الأخبار المشبوهة أو غير المؤكدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كذلك، دعت الوزارة الجميع إلى التحقق من صحة أي معلومة قبل نشرها، والتعامل بوعيٍ مع الحملات التضليلية التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار، لما قد يترتب على ذلك من آثارٍ سلبية على المجتمع ككل
سبل مواجهة حملات التضليل الإعلامي
لمواجهة هذه الحملة الإعلامية الموجهة، لا بد من استراتيجيةٍ متكاملة تستند إلى مزيجٍ من الأدوات الإعلامية والسياسية والأمنية، ومن ضمن المقترحات:
إصدار ملخصٍ يومي واضح ودقيق للأحداث من قبل الإعلام الرسمي، بحيث يكون المصدر الأساسي للمعلومات، بدلاً من ترك المجال مفتوحاً للتكهنات والمعلومات الصادرة عن الحسابات المزيفة.
توفير تقارير رسمية محدثة يتم ترجمتها للغاتٍ عدة، مثل الإنجليزية والفرنسية، لضمان وصول الرواية السورية إلى الإعلام الغربي والجمهور الدولي.
تكثيف جهود رصد وسائل التواصل الاجتماعي للكشف عن الأخبار المفبركة والرد عليها ببياناتٍ موثوقة، على غرار آليات 'التحقق من الأخبار' التي تستخدمها بعض الدول لمواجهة التضليل الإعلامي.
إصدار توضيحاتٍ رسميةٍ فورية تنفي الأخبار المغلوطة وتكشف زيف الصور والفيديوهات المفبركة.
تعزيز حضور المتحدثين الرسميين في وسائل الإعلام بدل الاكتفاء بالبيانات المكتوبة، مما يعزز فرص إيصال الرواية السورية بطريقةٍ أكثر تأثيراً.
فتح قنوات تواصل مع المنظمات الدولية، والتفاعل مع الجهات الحقوقية والإعلامية المستقلة لتقديم وجهة النظر السورية بشأن الأحداث.
نصائح وتوصيات في التعامل مع التضليل الإعلامي
مع انتشار المعلومات المضللة على نطاق واسع، بات على المواطنين السوريين دور محوري في التصدي للأخبار الكاذبة، وتعزيز الوعي الإعلامي، والمساهمة في حماية الصورة الحقيقية لما يجري على الأرض. وفي هذا السياق، هناك عدة توصيات يمكن اتباعها لتجنب الوقوع في فخ التضليل الرقمي وحملات التجييش الإعلامي.
ومن ضمن التوصيات، التحقق من المعلومات قبل نشرها أو التفاعل معها، والحذر من الحسابات الوهمية والمشبوهة على مواقع التواصل، وعدم الانجرار وراء العناوين المثيرة دون التأكد من المحتوى، خاصة أن الحسابات المضللة تستخدم عناوين مثل 'عاجل'، 'فضيحة'، 'تسريب خطير'، 'كارثة كبرى' لجذب الانتباه والتأثير العاطفي.
غرفة عمليات على الحدود السورية اللبنانية.. إيران تخلط الأوراق في سوريا
كما يُنصح بالتوقف عن نشر الأخبار غير المؤكدة، لأن ذلك يعزز من انتشار الشائعات، إضافة إلى دعم الصحفيين المستقلين والموضوعيين الذين ينقلون الوقائع دون تحريف، مما يساهم في إيصال الحقيقة إلى الجمهور المحلي والعالمي. كما يُوصى بمتابعة المختصين في الإعلام الرقمي الذين يكشفون أساليب الدعاية والتضليل عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفهم كيفية عمل الخوارزميات الرقمية التي تدفع بمحتوى معين إلى الجمهور، وتساعد على نشر الأخبار المزيفة بسرعة أكبر من الأخبار الحقيقية.
الانتهاكات في الساحل السوري
رغم حملات التضليل الإعلامي المكثفة التي تحاول إعادة تشكيل مشهد الساحل السوري وفق أجندات محددة، لا يمكن إنكار أن انتهاكات حقيقية قد وقعت في بعض المناطق، وهو ما أكده مسؤولون رسميون في تصريحاتهم الأخيرة.
واعترفت السلطات السورية بوجود تجاوزات فردية ارتُكبت خلال العمليات الأمنية والعسكرية، وأعلنت عن إجراءات لمحاسبة المتورطين وإعادة المسروقات إلى أصحابها، كما جرى التأكد من فيديوهات مصورة تُظهر بالفعل عمليات تصفية لعدد من الأشخاص في الساحل السوري على يد مجموعات مسلحة.
وفي هذا السياق، أشار ناشطون سوريون إلى أن عدداً من عناصر فلول النظام يتعمدون ارتداء الملابس الخاصة بعناصر الأمن العام، لارتكاب الجرائم ونسبها إلى قوات الأمن، كما نشروا مجدداً مقطع فيديو يُظهر أحد عناصر فلول النظام، المدعو مقداد فتيحة، أثناء تهديده لأبناء منطقته من الرجال والنساء، متوعداً بأن 'حسابهم عسير'.
ويوم أمس، صدر قرارٌ رئاسيٌّ بتشكيل لجنةٍ وطنيةٍ مستقلةٍ للتحقيق في أحداث الساحل السوري التي وقعت في السادس من آذار 2025، وتهدف اللجنة إلى الكشف عن أسباب الأحداث والملابسات المحيطة بها، والتحقيق في الانتهاكات التي تعرّض لها المدنيون، بالإضافة إلى تحديد المسؤولين عن الاعتداءات التي طالت المؤسسات العامة وعناصر الجيش والأمن، كما أكّد البيان ضرورة تعاون الجهات الحكومية مع اللجنة، التي ستقدّم تقريرها النهائي إلى رئاسة الجمهورية خلال ثلاثين يوماً.
ووجّه الرئيس السوري أحمد الشرع، مساء الأحد، كلمةً إلى الشعب السوري تناول فيها التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد، محذراً من محاولات فلول النظام السابق، بدعمٍ من جهاتٍ خارجية، لخلق الفتنة وجرّ البلاد إلى مستنقع الفوضى والحرب الأهلية، بهدف تقسيمها وزعزعة استقرارها. وقال في الوقت نفسه: 'سنحاسب، بكل حزمٍ ودون تهاون، كل من تورّط في دماء المدنيين أو أساء لأهلنا، ومن تجاوز صلاحيات الدولة أو استغل السلطة لتحقيق مآربه الخاصة. لن يكون هناك أي شخص فوق القانون، وكل من تلطّخت يداه بدماء السوريين سيواجه العدالة عاجلاً غير آجل'.