اخبار سوريا
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٧ تموز ٢٠٢٥
متخصصون يتوقعون ارتفاع عدد المسافرين إلى 5.5 مليون مع انضمام شركات جديدة لتسيير الرحلات
مع انتهاء أعوام الحرب، خرج قطاع النقل الجوي في سوريا بشركة طيران حكومية بالكاد تمتلك ثلاث طائرات، وكانت تستعد لأن تصبح ملكاً لشركة خاصة مقربة من النظام المخلوع تدعى 'أيلوما'.
ومع رفع العقوبات عن قطاع النقل الجوي، باتت سوريا أمام فرصة كبيرة لإنهاء أعوام من العزلة والتخلف والتقييد الجغرافي في سوق الطيران، والتحول نحو جعل هذا القطاع رافداً حيوياً للاقتصاد الوطني، إلى جانب قطاع السياحة، اللذين شكلا معاً نحو 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2010. واليوم يمتلك قطاعا النقل الجوي والسياحة فرصة أوسع لدعم الاقتصاد السوري الهش، وتوفير فرص عمل، وجذب الاستثمارات والسياح، مما قد يجعلهما مؤشراً حقيقياً إلى التعافي في بلد كبلته العقوبات وأرهقه الفساد والمحسوبيات.
ويقول المدير السابق لـ'السورية للطيران' الدكتور مصعب أرسلان، في حديث إلى 'اندبندنت عربية'، إن 'عقد شركة ’أيلوما’ وحده تسبب بخسائر فادحة للشركة الحكومية، التي فقدت أرصدتها وعائداتها وحتى مقرها في قلب دمشق... قطاع الطيران لم يخسر يوماً بسبب العقوبات، بل بسبب تدخل جهات الوصاية والنهب والفساد'.
حالياً، تعمل شركة طيران حكومية وأخرى خاصة في سوريا، وعانتا من العقوبات ومن سطوة المتنفذين في النظام السابق. وضيع هذا النظام فرصة إنشاء صالة جديدة (ترمينال) تستوعب نحو 1.5 مليون راكب سنوياً.
ومع بدء عودة شركات طيران عربية وأجنبية إلى تشغيل رحلات إلى سوريا، تبرز أهمية رفع كفاءة مطار دمشق الدولي، إذ يعمل حالياً بطاقة ما بين 22 و25 رحلة يومياً، تنقل ما بين 3500 و4 آلاف مسافر. وتجري في المطار ورشة دائمة لتأهيل وتطوير مختلف أقسامه، استعداداً لاستقبال مختلف أنواع الطائرات، وتكمن الخطة الأهم في إنشاء مطار جديد قرب المطار الحالي، وهو مشروع طرح منذ أكثر من 20 عاماً، لكنه بقي حبيس الأدراج بسبب الفساد.
ويذكر أنه عام 2015 جرى إحياء فكرة إنشاء المطار الجديد، وتحدد الموقع، وكان التمويل سيأتي من خط الائتمان الإيراني بقيمة 40 مليون دولار، لكن المشروع تعثر برحيل الوزير المعني، ثم طواه الفساد.
رفع جاهزية مطار دمشق الدولي
تشمل أعمال التطوير الحالية صيانة المدارج، وإعادة هيكلة الصالة الداخلية، وتحديث أنظمة المراقبة، واستبدال أجهزة فحص الحقائب، وتحديث شبكة الاتصال الداخلية، وتأهيل برج المراقبة، وتجهيز المطار ببوابات أرضية حديثة، وأجهزة ملاحية جديدة، وإعادة تأهيل مدرج 'برافو'، وصيانة منظومة الإنارة الملاحية. وأدخلت وحدة K9)) لتفتيش الحقائب بواسطة كلاب بوليسية مدربة، على رغم أن ذلك غير إلزامي دولياً، لكنه يعتمد لضمان السلامة.
ومن المرتقب تركيب أول رادار حديث بالتعاون مع شركة تركية، ضمن خطة تشمل ثلاثة رادارات لتغطية الأجواء السورية، ويبدو أن التعاون مع تركيا في مجال الطيران يتوسع ليشمل نقل التكنولوجيا وتأهيل البنية التحتية.
انهيار التعاون الإيراني
يرى متخصصون سوريون أن رفع العقوبات حرر قطاع الطيران من اختناقات مزمنة، ويسمح بتحديث الأسطول الجوي وشراء طائرات من شركات عالمية مثل 'إيرباص' و'بوينغ'، وهو ما كان محظوراً، وبات بالإمكان توريد قطع الغيار بسهولة، مما يحسن أمان الرحلات، ويقلل كلفة الصيانة، ويرفع الكفاءة التشغيلية.
وكانت صيانة الطائرات السورية تجرى سابقاً عبر وسطاء بأسعار مرتفعة، ومنذ عام 2020، ارتفعت أسعار تذاكر الطيران في سوريا بصورة جعلتها الأغلى في المنطقة، مما دفع المسافرين إلى التوجه إلى بيروت أو عمان.
يقول مدير سابق في 'السورية للطيران'، 'قبل عام 2018 كنا نشتري قطع الغيار بالسعر العالمي تقريباً، لكن تعمير المحركات كان في إيران بمساعدة شركة ’ماهان’ عبر خط ائتمان إيراني. لاحقاً، تدهورت العلاقة مع إيران، فطرحت فكرة خصخصة السورية للطيران، لمصلحة شركة ’أيلوما’ في عقد كارثي جرى إلغاؤه بعد سقوط نظام المخلوع'.
ويرى المدير السابق أن 'السورية للطيران' أمام فرصة لا تعوض للنهوض من جديد، خصوصاً بعد رفع العقوبات وتفكيك البنية الفاسدة التي كانت تعوق عملها، لافتاً إلى أن الشركة تعد من أقدم شركات الطيران في المنطقة، إذ تأسست قبل نحو 80 عاماً.
وأضاف، 'استئناف الرحلات الدولية من وإلى سوريا سيعيد ربط البلاد بالعالم، وينشط السياحة والاستثمار، ويوفر فرص عمل، ويعزز الثقة في استقرار البلاد'.
توقعات بارتفاع عدد المسافرين إلى 5.5 مليون
يقول مستشار تطوير الأعمال وخبير السياحة والطيران، أسامة ساطع لـ'اندبندنت عربية'، إن سوريا مرشحة لتطورات جوية مهمة محلياً وإقليمياً، مع إزالة آثار الحرب والعقوبات. وأكد أن النجاح مرهون بتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، مضيفاً أن عودة شركات الطيران للتشغيل نحو سوريا مؤشر مهم على التعافي.
وأشار إلى أن المنافسة اليوم 'في عقر الدار'، مما يتطلب من الشركتين المحليتين تحسين خدماتهما وتطوير أسطولهما، وقال 'حان الوقت ليستغني المسافرون عن المحطات الوسيطة في بيروت وعمان'، مؤكداً أن مطار دمشق بموقعه الاستراتيجي مؤهل ليصبح مركزاً إقليمياً للنقل الجوي.
وأضاف، أن إنشاء مطار جديد ممكن من خلال شراكات داخلية وخارجية مع شركات متخصصة في البناء السريع، وأن سوريا قادرة على استقطاب تلك الشركات.
وتوقع ساطع أن يرتفع عدد المسافرين السوريين إلى 5.5 مليون خلال الأعوام المقبلة، وأن تعود سوريا كوجهة سياحية واعدة في مجالات السياحة الأثرية والدينية والعلاجية، لا سيما الجراحات التجميلية التي تستقطب الزوار من دول الجوار.
وتوقع أن يزدهر قطاع الشحن الجوي، وأن تظهر شركات محلية جديدة تزامناً مع عودة شركات الشحن العالمية. وأضاف 'سوريا تملك مزايا كبيرة لجذب الشركات والمستثمرين، من موقع جغرافي ممتاز، إلى يد عاملة مؤهلة ورخيصة، وحكومة تحاول بناء قطاع الطيران على أسس عصرية'.
شركات الطيران العائدة
من بين الشركات التي استأنفت رحلاتها إلى سوريا: 'الخطوط القطرية' و'التركية' و'الملكية الأردنية' و'فلاي دبي' و'طيران ناس' و'طيران الجزيرة' و'دان إير الرومانية'، وأعلنت شركات عربية وأوروبية أخرى نيتها دراسة تسيير رحلات إلى سوريا.
وتقدر خسائر قطاع الطيران السوري بنحو 70 في المئة من عائدات عام 2010، أي ما يعادل أكثر من 450 مليون دولار خلال أعوام الحرب، يضاف إليها نحو 300 مليون دولار خسائر بسبب الاعتداءات الإسرائيلية على المطارات، بحسب تقديرات 'الطيران المدني السوري' قبل سقوط النظام المخلوع.