اخبار سوريا
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٨ نيسان ٢٠٢٥
يستغل التنظيم الإرهابي سوء الأوضاع المعيشية في مخيم الهول ويتسلل من خلاله لتجنيد عناصر جديدة وتشكيل خلاياه
خلال ستة أيام بدءاً من الـ18 من أبريل (نيسان) الجاري، تشن قوى الأمن الداخلي ووحدات حماية المرأة وبدعم من قوات سوريا الديمقراطية عملية أمنية في مخيم الهول ومحيطه استناداً إلى معلومات دقيقة عن وجود خلايا منظمة لتنظيم 'داعش' داخل وخارج مخيم الهول، تحاول تنشيط خلاياها لضرب أمن واستقرار المخيم ومحيطه.
وقالت القوى الأمنية السورية إن عملياتها في مخيم الهول، الذي يعد المعقل الأساس لعائلات 'داعش' الذي استغل خلال الفترة الماضية الفراغ الأمني والسياسي في البلاد، وعلى أثره شن كثيراً من العمليات ضد أهداف عسكرية وأمنية ومدنية وأعاد ترتيب صفوفه من خلال تجنيد عناصر جدد داخل المخيم.
وفق آخر إحصاء رسمي يضم المخيم أكثر من 35 ألف شخص، يشكل السوريون منهم النسبة الكبرى بواقع 15805 أشخاص مقابل 13124 عراقياً بينما يبلغ عدد الأجانب من جنسيات مختلفة نحو 6385 شخصاً معظمهم نساء وأطفال ويقطنون في قسم خاص بهم، بحسب وسائل إعلام محلية.
ويبدو أن هذا الازدحام السكاني الواقع في بقعة جغرافية نائية جنوب شرقي مدينة الحسكة وعلى مقربة من الحدود العراقية وسط بيئة قاسية، تدفع بالتنظيم إلى استغلال ظروفهم وولاء كثير منهم للفكر المتطرف عبر تجنيدهم وتفعيلهم ضمن خلايا تتحرك وفق الظروف الأمنية المتاحة أمامهم خصوصاً مع الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد.
استغلال الظروف
كذلك فإن الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها السكان القاطنون في المخيم تزيد من درجة النقمة والاحتقان، فإلى جانب العدد الكبير من الأشخاص الذين هم بحاجة دائمة إلى الخدمات والرعاية لكن الظروف تغيرت بعد قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إيقاف دعم كثير من المنظمات الإنسانية لا سيما العاملة منها في شمال شرقي سوريا.
وقالت القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي (الآسايش) عند انطلاق الحملة الأمنية الأخيرة في مخيم الهول إن هذا المخيم، الذي يُعد حالة استثنائية بوجود عشرات الآلاف من عوائل تنظيم 'داعش' داخله، يُعتبر فتيل مأساة حالية ومستقبلية، بخاصة في ظل عدم وجود حلول جذرية من قبل المجتمع الدولي وترك العبء الأكبر على الإدارة الذاتية، مع ارتباط ذلك بانقطاع الدعم الدولي عن المخيم، 'مما خلق حالاً من عدم الاستقرار وزيادة في العقبات والتحديات الإنسانية والأمنية'.
وأوضحت القيادة أنه ولا يخفى على أحد محاولات تنظيم 'داعش' المتكررة بث أفكاره المتطرفة في عقول الأطفال والشبان الصغار بعملية منظمة تُفرض على قاطني المخيم، مشيرة إلى أن مراكز المنظمات الانسانية الموجودة داخل المخيم تعرضت لاعتداءات كثيرة.
ومع انطلاق الحملة قسمت القوات الأمنية المخيم إلى عدد من القطاعات تُمشط من خلال مداهمات محكمة للأشخاص والأماكن المشتبه في استخدامها كمخابئ للأسلحة أو الأشخاص وكذلك ممرات للهرب من المخيم، كذلك شنت عمليات دهم لأماكن خارج أسوار المخيم التي تستخدم من قبل خلايا 'داعش' خصوصاً أولئك الذين ينسقون الأعمال بين التنظيم وعناصره داخل المخيم.
وعلى أثر العملية الأمنية اعتقل 20 عنصراً من تنظيم 'داعش' والمتعاونين معهم، وضبط أسلحة كلاشنكوف وذخائر، إضافة إلى معدات عسكرية كانت مخبأة داخل إحدى الخيم، كذلك أُحبطت محاولة فرار جماعية كانت قد نسقتها خلية من داخل المخيم مع أخرى خارجه واعتقل جميع عناصرها. وبحسب قوى الأمن الداخلي فإن جناح المرأة في قواته استهدف خلية وصفها بالخطرة لـ'داعش' كانت تعمل على التنسيق مع خلايا أخرى للقيام بأعمال إرهابية.
وراثة الفكر
لم تكن العملية الأمنية بمخيم الهول هي الوحيدة من نوعها خلال الفترة القصيرة الماضية فقبلها نفذت ذات القوات الأمنية التابعة للمرأة حملة أمنية على مدى ثلاثة أيام في مخيم روج الواقع في أقصى شمال شرقي سوريا قرب مدينة ديريك (المالكية)، حيث يضم المخيم عائلات من التنظيم غالبيتهم من النساء والأطفال.
وشملت العملية تفتيشاً دقيقاً لخيم القاطنين فيها لا سيما عائلات التنظيم والمتحدرين من جنسيات أجنبية مختلفة، ويبلغ عدد القاطنين في هذا المخيم أقل من 800 أسرة من بينها 28 عائلة عراقية و15 سورية بينما العائلات الأخرى تنتمي لجنسيات آسيوية وأوروبية وحتى أفريقية.
وعلى رغم تشابه الأسباب الداعية إلى شن الحملة الأمنية مع تلك التي دعت إلى شنها في الهول يختلف الوضع نوعاً ما في روج حيث الغالبية من النساء والأطفال، إذ نتج عن حملة (آسايش المرأة) 16 معتقلاً من خلايا 'داعش' ثبت تورطهم بالتواصل مع خلايا خارجية بهدف التجنيد وتهريب العوائل.
دمج القوات
الحملة الأمنية في مخيمي روج والهول تزامنت مع إعلان تقليص عديد القوات الأميركية العاملة في مناطق شمال وشرق سوريا، كذلك أصدر وزير الدفاع الأميركي الأسبوع الماضي توجيهاً بدمج قوات بلاده تحت قيادة 'قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب'، في مواقع مختارة داخل سوريا.
وقالت المبعوثة الدائمة للولايات المتحدة دوروثي شيا في مجلس الأمن أمس الجمعة في جلسة خاصة بالوضع في سوريا، إن هذا الدمج يعكس التقدم الكبير الذي أحرزته الولايات المتحدة مع شركائها من جميع أعضاء التحالف الدولي نحو تقليص جاذبية 'داعش' وقدراته العملياتية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وأوضحت شيا أنه مع تحقيق هذا الدمج وتماشياً مع التزام الرئيس ترمب السلام من خلال القوة، ستظل القيادة المركزية الأميركية على أهبة الاستعداد لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة ضد فلول تنظيم 'داعش' في سوريا، مضيفة 'سنعمل بشكل وثيق مع شركائنا، بما في ذلك قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري الحر، للتصدي للتهديدات الإرهابية الناشئة'.
اتفاق الشرع - عبدي
يبدو أن وضع مكافحة الإرهاب مرتبط ارتباطاً وثيقاً مع الوضع الداخلي في سوريا بالنسبة إلى الولايات المتحدة، حيث تتابع واشنطن بشكل وثيق تنفيذ اتفاق العاشر من مارس (آذار) الماضي بين الرئيس السوري وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.
وختمت شيا في هذا السياق بأنه يجب أن يؤدي تنفيذ الاتفاق إلى هيكل أمني موحد للدولة وإطار عمل يضمن بقاء عناصر 'داعش' قيد الاحتجاز، مضيفة 'لقد اتخذت القوات العسكرية الأميركية، وستتخذ، جميع الإجراءات اللازمة لمنع داعش من إعادة تشكيل نفسه'.
لكن ميدانياً وعلى صعيد انتشار القوات الأميركية تشهد المنطقة تحرك أرتال كبيرة ووصول طائرات شحن عسكرية وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال أبريل الجاري وصول سبع طائرات شحن عسكرية و279 شاحنة محملة بأنظمة رادار ومعدات عسكرية متطورة.