اخبار سوريا
موقع كل يوم -تلفزيون سوريا
نشر بتاريخ: ١٤ كانون الأول ٢٠٢٤
عقب سقوط النظام السوري وفرار رئيسه بشار الأسد، نزل السوريون إلى الشوارع وأماكن الاحتجاز والأفرع الأمنية بحثا عن المعتقلين، وأظهرت مقاطع الفيديو التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي كيف توجه الأهالي نحو سجن صيدنايا لمعرفة مصير أحبائهم الذين اختفوا فيه، علّهم يجدونهم على قيد الحياة أو يمسكون طرف خيط يقودهم إليهم، إلا أن غياب التنظيم والجهات الحقوقية أدى إلى ضياع قسم كبير من الوثائق والتقارير والملفات الأمنية التي كانت ستساعد في كشف مصير المغيبين.
تقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان وجود نحو 85% من السجناء في سوريا داخل سجون نظام الأسد، على مدار السنين الماضية.
وخلال فترة من الفترات، ضم سجن صيدنايا وحده 20 ألف سجين، بحسب منظمة العفو الدولية، معظمهم أعدم أو مات بسبب الإهمال وتردي الوضع الصحي، وذلك وفقاً لما ذكره السجناء السابقون هناك.
وبحسب عضو لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا، هاني المجالي، تقدر اللجنة عدد المعتقلين الذين خرجوا من سجن صيدنايا بنحو 4 آلاف معتقل.
وشدد المجالي في حديث لتلفزيون سوريا على ضرورة قيام الحكومة الجديدة بحماية الأدلة في سجون الأسد والأفرع الأمنية، وأن تطلب المساعدة من الأمم المتحدة بشأن السجون.
تساؤلات مصيرية حول المغيبين
فدوى محمود ناشطة حقوقية سورية ومعتقلة سابقة، تنتظر سماع خبر مفرح عن ابنها ماهر طحان وزوجها القيادي المعارض عبد العزيز الخير، الذي اعتقل مع ماهر في دمشق عام 2012 وأنكر النظام صلته بالعملية.
تعلق 'أم ماهر' على الفوضى وعملية البحث العشوائي التي سادت عقب تحرير المعتقلين وخاصة في سجون دمشق لموقع تلفزيون سوريا 'لقد تأكدنا من اقتراب نهاية هذا النظام، ولكن المشكلة الكبرى تكمن في أننا ورغم إدراكنا لهذه الحقيقة، نشعر أن آمالنا قد ضاعت وخابت، لماذا خابت آمالنا؟ لأننا كنا نعلق الكثير من الأمل على وعود المجتمع الدولي، على الالتزامات التي اعتبرناها أساسية لإنقاذنا'.
وتضيف لموقع تلفزيون سوريا: 'منذ أكثر من 13 أو 14 عاما، ونحن نسمع من الحكومات العالمية عن التزاماتها تجاه شعوبنا وعن دورها في حمايتنا، ولكن عندما جاء الوقت للعمل الحقيقي، أين هذه الحكومات وأين وعودها؟ أين المنظمات الدولية أين الصليب الأحمر أين أولئك الذين كانوا دائماً يرددون وعودهم بمساعدتنا ويستثمرون في هذا الملف، مضت أيام بل أسابيع ونحن لا نرى شيئا ملموسا، كان على الصليب الأحمر أن يكون موجودا أمام السجون لحماية المعتقل المحرر ليقدموا له الماء على الأقل وأن يحافظوا على الوثائق..'.
وتضيف 'نحن كعائلات كآلاف من البشر، نقف اليوم أمام تساؤلات مصيرية: ماذا نفعل؟ ما الذي يمكننا فعله؟ ما الذي يمكن للعالم فعله؟ ما مصير أبنائنا كل المعلومات، والملفات والوثائق التي نملكها ما قيمتها إذا لم تُستخدم لإنقاذنا؟ مامصير الأوراق والملفات التي رميت في الأرض وأتلفت؟'.
سجن صيدنايا يتحول إلى 'تريند'
تحول سجن صيدنايا إلى 'تريند' إعلامي، وتسابقت وسائل الإعلام والناشطون والمؤثرون إليه لنشر الصور وبث مقاطع الفيديو و'اللايف'، وانتشرت أخبار عن وجود سراديب وأبواب سرية لم تثبت صحتها، وهو ما أكده الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) مشيرا إلى أنّ فرقه لم تعثر حتى على أي أبواب سرية في سجن صيدنايا بريف دمشق.
ويؤخذ على وسائل التواصل الاجتماعي، أنها تعزز التفاعل العاطفي قصير الأجل الذي غالبا ما يختفي قبل أن يتحول إلى عمل حقيقي، وهو ما حدث عقب فتح السجون السورية.
القضايا الإنسانية التي تصبح 'تريند' على وسائل التواصل تستقطب اهتمام الجمهور لفترة قصيرة جدا، وبعد ذلك يتم استبدالها بقضية أخرى. هذا التغير السريع في الاهتمام يمنع الحركات الإنسانية من الحفاظ على زخمها.
وتدفع وسائل التواصل المستخدمين للاكتفاء بأفعال رمزية مثل الضغط على زر الإعجاب أو إعادة التغريد، بدلاً من المشاركة الحقيقية في معالجة القضايا.
وحول ذلك تقول 'أم ماهر': 'المهم أن نصور وننشر على منصات التواصل الاجتماعي، لم يراعوا مشاعر العائلات من خلال ضخ الأخبار ومقاطع الفيديو القاسية التي لم تتوقف..'.
'في الأيام الأولى، ربما كان من المفهوم أن ننتظر، ولكن الآن، مضى وقت طويل ولا يزال الجميع صامتين. نشاهد الضوء ينطفئ شيئاً فشيئاً، ولا نفهم لماذا يحدث هذا. هذا الوضع مستمر منذ 14 عامًا، حيث نعيش في هذا الظلم المستمر'.
وترى أن 'ما يحدث اليوم ليس محزنا فقط، بل غير إنساني بشكل كامل، نحن نقف أمام واقع ينهار أمام أعيننا. الأحياء، المنازل، وحتى الأرواح، كل شيء ينهار. ورغم كل ذلك، ما زلنا نسمع دعوات للإنسانية، لكن إلى أين تتجه هذه الإنسانية؟'.
'أقول لكم جميعا، نحن نحمل مسؤولية كبيرة تجاه عائلاتنا، تجاه أطفالنا، تجاه مستقبلنا. الغضب يملؤنا، ليس لأننا فقدنا الأمل فقط، ولكن لأن ما يحدث الآن لا يمكن اعتباره إنسانيا بأي شكل من الأشكال. أسألكم: إلى أين تتجه هذه الإنسانية؟ أين الضوء الذي نبحث عنه؟ نحن لا نراه'.
من يجب أن يُحاسب؟
السؤال الذي يطرح نفسه الآن تقول فدوى محمود هو من سنحاسب: ' بشار الأسد هرب من سوريا بطائرته وابتعد عن المشهد، أين هم ضباط الأمن؟ أين الصفوف الأولى في النظام؟ أين الوثائق التي يمكن أن تثبت الجرائم؟ '.
وتشدد أن المحاسبة أمر لا مفر منه، ويجب أن تتم محاسبة الجميع من دون استثناء، ليس فقط أولئك الذين ارتكبوا الجرائم بشكل مباشر، بل أيضا الذين أهملوا هذا الملف الهام.
وتوضح أن تجاهل هذا الملف أو التغاضي عنه يُعد جريمة بحد ذاته، 'يجب أن تتم محاسبة كل من أهمل دوره أو لم يقم بواجبه تجاه هذا الملف. المسؤولية جماعية، والمحاسبة لا بد أن تشمل الجميع لضمان العدالة'.
ملفات لمحاسبة مسؤولين في النظام السوري
قالت رئيسة رابطة عائلات قيصر ياسمين مشعان، إن الرابطة لديها 'ملفات قوية' تدعم محاسبة مسؤولين سوريين عن جرائم مرتكبة بحق المعتقلين والمفقودين إبان فترة حكم النظام السابق. وفق وكالة الأناضول.
وكشفت صور ومقاطع فيديو وحشية النظام السوري المنهار في معاملته للمعتقلين، بعد سقوطه ووصول الفصائل السورية إلى معظم السجون وتوثيقهم تلك الجرائم.
يذكر أنه في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2016، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار (A / 71/ 248)، الذي ينص على إنشاء آلية دولية محايدة مستقلة، للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي المرتكبة في سوريا منذ بدء الثورة في مارس/ آذار 2011.