اخبار سوريا
موقع كل يوم -اقتصاد و اعمال السوريين
نشر بتاريخ: ٢٧ حزيران ٢٠٢٥
تشهد الأسواق العقارية في ريف إدلب، وخاصة في المناطق التي عادت لأصحابها بعد سنوات من سيطرة النظام عليها، موجة غير مسبوقة من الارتفاع غير المنضبط في أسعار العقارات والأراضي، وسط غياب المرجعيات التنظيمية، واستغلال واضح لحاجة السكان العائدين لترميم منازلهم.
ويقول حازم باريش، صاحب مكتب عقاري في ريف إدلب، لـ 'اقتصاد'، إن معظم الأهالي الذين عادوا إلى مناطقهم بعد تهجير استمر لسنوات، وجدوا منازلهم مهدّمة أو غير صالحة للسكن، ما دفع الغالبية إلى بيع جزء من ممتلكاتهم العقارية أو أراضيهم لتأمين سيولة لترميم البيوت.
ويضيف أن نسبة تصل لـ 80% من الناس تتواصل مع المكاتب العقارية لبيع أجزاء من عقاراتهم لأنهم غير قادرين على الاستدانة أو تحصيل قروض وذلك بعد أن استنفذت منهم رحلة النزوح لأعوام جميع مدخراتهم لا سيما مع اعتماد قسم كبير من سكان هذه المناطق على مهنة الزراعة وكانوا غير قادرين على الوصول لأراضيهم في ظل سيطرة النظام عليها.
'الناس عم يبيعوا قطعة من أرضهم ليقدروا يعمّروا بيوتهم'، يوضح باريش. وانعكست هذه الضرورة على سلوك البائعين والمشترين وفق باريش، الذي يضيف: 'اليوم كل واحد عم يطلب سعر عالي لأنه بده يرمم بيتو بهالسعر. السوق فوضى، ما في مرجعية تحدد القيمة الحقيقية، وأحياناً بيصير بيع بسعر مرتفع بمكان ما، فبتصير التجربة تُعمم ويظن الناس إنه هاد السعر الطبيعي'.
ويضيف أن بعض المشترين يدفعون أسعاراً مرتفعة جداً، قد تصل إلى 500 دولار في المتر، رغم أن العقار لا يساوي هذا الرقم حالياً: 'المستثمر عم يدفع باعتبار إنو القيمة رح ترتفع لاحقاً، مو لأنو العقار هلأ فعلاً بيستحق هالمبلغ'.
ومن جهة أخرى، يقول ليث المحمد، أحد سكان ريف إدلب العائدين مؤخراً إلى مدينته بريف معرة النعمان، إن موجة الغلاء ناتجة جزئياً عن تجربة النزوح القاسية.
ويوضح: 'الناس كانت تدفع أجارات عالية خلال النزوح، ولما رجعت صارت تطلب أضعاف بقيمة عقاراتها، كنوع من التعويض النفسي والمادي، بس النتيجة فوضى بالسوق، وفي ناس عم تستغل ظروف بعضهم وبتشتري بأقل الأسعار'.
وتُسجّل المناطق القريبة من سراقب اهتماماً استثنائياً في السوق، بحسب العاملين في المجال العقاري، لا سيما مع الحديث المتداول عن افتتاح منطقة حرة قريبة، ومع موقع المدينة على الطريق الدولي، ما يشجع المستثمرين على الشراء والبناء مبكراً قبل موجة ارتفاع محتملة.
ويرى أصحاب المكاتب أن أي قرار حكومي أو تحرك إداري ينعكس مباشرة على الأسعار، مؤكدين أن الأسعار الحالية لا تعبّر عن القيمة الحقيقية للعقار، بل عن مزيج من الضغط الاقتصادي، والاستغلال، وتوقعات مستقبلية مبالغ فيها.
وتبقى الحاجة هي من يحدد السعر، وليس السوق أو القيمة الواقعية، في انتظار تنظيم رسمي يضبط إيقاع التلاعب ويضع حداً لفوضى البيع والشراء.
(الصورة المرفقة من سراقب بريف إدلب)