اخبار سوريا
موقع كل يوم -عنب بلدي
نشر بتاريخ: ٢٥ أيار ٢٠٢٥
عنب بلدي – موفق الخوجة
عاد تنظيم 'الدولة الإسلامية' إلى شيء من نشاطه خلال الأسابيع القليلة الماضية، مهاجمًا الحكومة السورية و'قوات سوريا الديمقراطية' (قسد)، مع اختلاف في الأسلوب.
الهجوم على 'قسد' كان عسكريًا مباشرًا عبر ضرب نقاط للأخيرة، تركّزت في الأيام القليلة الماضية بريف دير الزور الشرقي، نظرًا إلى قربها من البادية السورية، حيث تنشط خلايا التنظيم.
نصيب الحكومة السورية من الهجوم كان مختلفًا، فهي لم تهاجمها مباشرة، وإنما أسست خلايا لها داخل المدن، ما يهدد بتنفيذ ضربات محتملة، بعد دعوات تنظيم 'الدولة' المتكررة لما بعرف بـ'المهاجرين' (المقاتلين الأجانب) للانضمام إلى صفوفه.
أحدث مواجهة بين الحكومة السورية وتنظيم 'الدولة'، حتى لحظة تحرير التقرير، جرت في حي الحيدرية، من أحياء حلب الشرقية، في 17 من أيار الحالي، وأسفرت عن مقتل أحد عناصر التنظيم واعتقال أربعة آخرين، إضافة إلى مقتل عنصر من الأمن العام.
مراسل عنب بلدي في حلب، أفاد حينها أن عنصرًا من خلية تنظيم 'الدولة' فجر نفسه، في أثناء عملية المداهمة، وأظهرت مقاطع مصورة بثتها وزارة الداخلية هجوم أحد عناصر التنظيم على قوى الأمن العام، وتفجير نفسه خلال الاشتباكات.
الداخلية قالت أيضًا إنها تمكنت من اقتحام الموقع، وضبط عبوات ناسفة، وسترة مفخخة، وعدة بدلات تعود لقوى الأمن العام كانت بحوزة أفراد الخلية.
وفي منشور منفصل، تعهّدت الوزارة باستمرار عمليات التعقب والملاحقة للعناصر المتبقين، ما يشي بأنها لم تقبض على كل أفراد الخلية.
الباحث في شؤون الجماعات الجهادية عرابي عرابي، قال إن تنظيم 'الدولة' صعّد من نشاطه الأمني والإعلامي في سوريا مستغلًا الفراغات الأمنية التي خلفها تفكك النظام السوري السابق، والتجاذبات القائمة بين القوى في المنطقة الشرقية.
ويشير الهجوم الذي شهدته منطقة الحيدرية في حلب إلى تحوّل في التكتيك نحو العمليات الداخلية المعقدة عبر خلايا مدنية نائمة، وفق حديث الباحث لعنب بلدي.
وأضاف أن ذلك يعكس جاهزية تنظيم 'الدولة' لإعادة التموضع ضمن مشهد ما بعد الأسد.
يرى الباحث أن هذا الاتجاه يتعزز بما ورد في افتتاحية 'النبأ' الأخيرة من هجوم 'حاد' على الحكومة الانتقالية، في خطاب وصفه بـ'التعبوي' ويعكس بداية مرحلة جديدة من المواجهة.
حادثة حي الحيدرية في حلب، جاءت بعد ساعات من هجوم التنظيم على الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، عقب لقاء الأخير مع نظيره الأمريكي، دونالد ترامب.
واعتبر التنظيم في افتتاحية صحيفة “النبأ” أن في لقاء ترامب والشرع باتت الصورة أوضح حول خلاف الأخير العقائدي لا السياسي أو الحزبي مع تنظيم “الدولة”، متهمًا الرئيس السوري باستبدال “ملة إبراهيم” (في إشارة إلى الدين الإسلامي) باتفاقيات “أبراهام”.
ووصف تنظيم “الدولة” الاتفاقيات الدولية التي عقدها الرئيس الشرع بـ”تنازلات واستجلاب الرضا الأمريكي واليهودي”، واعتبرها صفقات خاسرة، بدأها قبل وصوله إلى الحكم بسنوات الرئاسة، قائلًا إنها “منحته الرئاسة، لكنها سلبته دينه وشرفه”.
ووجّه التنظيم دعوة للمقاتلين الأجانب المنضوين في وزارة الدفاع السورية للانضمام إلى خلاياه في الأرياف، معتبرًا أن الشرع استغلهم لخدمة مشروعه.
في شمال شرقي سوريا يختلف المشهد، إذ يمتلك التنظيم أريحية، نظرًا إلى قرب المنطقة من البادية وسط سوريا، والتي يتخذها تنظيم 'الدولة' مقرًا لخلاياه.
وخلال الأسابيع الماضية، كثّف التنظيم من هجومه على 'قسد'، وخاصة في ريف دير الزور الشرقي، إذ رصدت عنب بلدي 10 هجمات خلال أيار الحالي.
أحدث هجمات التنظيم، حتى لحظة تحرير المادة، وقعت في بلدة البحرة بناحية هجين شرقي دير الزور، في 19 من أيار، مسفرة عن مقتل أحد عناصر 'قسد' وإصابة آخر.
'قسد' قالت عبر موقعها الرسمي، إن الهجمات المتوالية للتنظيم على نقاطها العسكرية “تعكس التحديات التي تواجهها وتبرز أهمية عملها في ضرب جذور الإرهاب والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وأضافت أنها ملتزمة بحربها ضد تنظيم “الدولة”، لافتة إلى أنها تبذل “جهودًا مضنية” في مكافحة “الإرهاب”.
الباحث في شؤون الجماعات الجهادية عرابي، يرى أن الهجمات المتزامنة على مواقع 'قسد' في دير الزور، تدل على قدرات التنظيم ومساعيه للاستفادة بأقصى طاقة من شبكاته.
كما يريد تنظيم الدولة اختبار حدود الردع الأمني الجديد، وفق عرابي.
في 9 من نيسان الماضي، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إن التنظيم أظهر نشاطًا متجددًا في سوريا واستعاد قوته، كما استقطب مقاتلين جددًا وزاد من عدد هجماته، وفقًا لمسؤولين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، ما يزيد خطر عدم الاستقرار في سوريا.
وذكرت الصحيفة أن تنظيم “الدولة” وإن كان بعيدًا عن قوته التي كان عليها قبل عقد من الزمان، عندما كان يسيطر على أجزاء واسعة من سوريا والعراق، فإن الخبراء يحذرون من أنه قد يجد طريقة لتحرير آلاف من مقاتليه المتمرسين المحتجزين في سجون “قسد'.
وقدّم كبار مسؤولي الاستخبارات الأمريكية، في آذار الماضي، إلى الكونجرس تقييمهم السنوي للتهديدات العالمية، وخلصوا إلى أن تنظيم “الدولة” سيحاول استغلال سقوط نظام الأسد لتحرير السجناء، وإحياء قدرته على التخطيط وتنفيذ الهجمات.
من جانبه، قال عرابي، إن التحذيرات الغربية تؤكد أن التنظيم لا يزال يحتفظ بقدرات كامنة ويُعيد تنظيم صفوفه بهدوء، في محاولة للظهور كفاعل ميداني في المعادلة السورية المقبلة.
أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في 22 من أيار، عن تشكيل لجنة بين تركيا وأمريكا وسوريا والعراق، لمناقشة مصير عناصر تنظيم 'الدولة الإسلامية' داخل معسكرات الاعتقال شمال شرقي سوريا.
واعتبر أردوغان، وفق ما نقلته وكالة 'رويترز'، أنه “يتعين على الحكومة السورية التركيز على اتفاقها مع 'قسد'، الذي ينص على اندماج الأخيرة في القوات المسلحة السورية.
وتدير 'قوات سوريا الديمقراطية' (قسد) سجونًا تحوي عناصر لتنظيم 'الدولة' يقدّر عددهم بما بين 9000 و10000 مقاتل.
كما تدير مخيمات (معسكرات احتجاز) تحوي نحو 40 ألفًا من أفراد التنظيم وعائلاتهم في شمال شرقي سوريا أبرزها مخيما 'الهول' و'روج'.