اخبار سوريا
موقع كل يوم -قناة حلب اليوم
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
نقلت وكالة 'رويترز' للأنباء عن مصادر من الحكومة السورية، أن الاخيرة بصدد طباعة عملة جديدة في الإمارات وألمانيا بدلًا من روسيا، وسط خطوات للتقارب مع الدول العربية والغربية.
وكان النظام السابق قد لجأ لطباعة الليرة في روسيا، وسط انهيار اقتصادي وتضخم كبيرين، دون رصيد مناسب، ما أدى لزيادة التراجع في سعر الصرف وانخفاض قيمة العملة.
وقالت ثلاثة مصادر للوكالة إن سوريا تخطط لطباعة عملة جديدة في الإمارات وألمانيا بدلًا من روسيا، مما يعكس تحسنًا سريعًا في العلاقات مع دول الخليج والغرب.
وبحسب المصادر فقد بدأت السلطات السورية استكشاف إمكانية طباعة العملة في ألمانيا والإمارات في وقت سابق من هذا العام، واكتسبت هذه الجهود زخمًا بعد أن رفع الاتحاد الأوروبي بعض عقوباته على دمشق في شباط الماضي.
وحول إمكانية أن تسهم تلك الخطوة في رفع قيمة الليرة السورية، أوضح الخبير الاقتصادي السوري، فراس شعبو، لحلب اليوم، أن هناك فرقًا كبيرًا بين تسعير العملة وبين استبدالها، فالتسعير يعتمد على قوة الاقتصاد وعلى الاحتياطيات الأجنبية وعلى مدى قبول هذه العملة في الدول، ولذلك نحن بحاجة لدعم دولي مادي ومالي ولوجستي، حتى يكون هناك نوع من الزخم لهذه العملة الجديدة.
كما أن 'موضوع استبدال العملة أو إزالة الأصفار مرتبط بما تملكه الحكومة من احتياطيات وقدرة على دعم الإنتاج والموارد، أو إعادة تفعيل موارد الدولة، فالقضية ليست في رفع الأصفار لتحسين الليرة، والمهم هو القيمة المكتسبة من حوامل الليرة، فإذا كان رافعها الأساسي غير موجود وهو الاقتصاد الداخلي، واحتياطيات الذهب ضعيفة فإنه ذلك سيكون صعبًا'.
وتعمل الحكومة السورية على رفع الاقتصاد المنهار بعد سقوط الأسد، وتواجه المزيد من العراقيل بسبب نقص الأوراق النقدية التي تولت روسيا مهمة طباعتها بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات أدت إلى إنهاء عقد مع شركة أوروبية.
وتلقّت الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع عدة شحنات من أوراق نقدية في الأشهر القليلة الماضية بالإضافة إلى الوقود والقمح من روسيا، بينما تسعى موسكو إلى الاحتفاظ بقاعدتيها العسكريتين في منطقة الساحل السوري، مما أثار انزعاج الدول الأوروبية التي تسعى إلى الحد من نفوذ روسيا، وفقًا للمصادر نفسها.
وذكر 'مصدران ماليان سوريان' للوكالة أن السلطات السورية تجري محادثات متقدمة بشأن صفقة طباعة عملة مع شركة (عملات للطباعة الأمنية) الإماراتية، التي زارها حاكم مصرف سوريا المركزي ووزير المالية خلال زيارة إلى الإمارات في وقت سابق من هذا الشهر.
وقال 'مصدر سوري ومسؤول أوروبي' إن شركة (بوندسدروكيراي) الألمانية المدعومة من الدولة وشركة (جيسيك بلس ديفرينت) الخاصة أبدتا اهتمامهما، لكن لم يتضح بعد أيهما قد تطبع العملة، فيما أشار متحدث باسم (بوندسدروكيراي) إلى أن الشركة لا تجري محادثات مع سوريا بشأن اتفاقية لطباعة العملة.
ويرى الخبير السوري شعبو، أن الأهم حاليا تحقيق الاستقرار على الصعيد السياسي، والحصول على الاعتراف والدعم الدولي، من أجل تأمين الأرضية المناسبة للنهوض بواقع الاقتصاد والعملة الوطنية، مضيفًا أن 'الأهمية الأساسية ليست لقيمة الليرة وسعر الصرف، فالمهم خلال هذه الفترة هو الاستقرار في القيمة، بما يتيح جوًا مناسبًا للتعاملات التجارية، فموضوع تحسين الليرة السورية حيوي جدًا الآن ولكنه يتعلق بتغيرات كثيرة'.
وأشار إلى أن الحكومة بدأت بالفعل بإجراءات إيجابية، 'لكن لا يزال الأمر بحاجة وقت.. لا نطالب بشيء معجز لأن الواقع صعب، ويمكن وصف ما تم تقديمه بالمعجزات لحد الآن، ولكن الإنسان دائما يطالب بالأفضل'.
وأشار الخبير الاقتصادي السوري إلى أن الأولوية الآن هي لدعم البنية التحتية، لأنها الأساس في استقرار الليرة وحتى يكون هناك نوع من التحسن، فالمطلوب اليوم هو الاستقرار وليس المطلوب أن نخفض أو نرفع قيمة العملة، فالتاجر حاليا يريد أن يستقر سعر الصرف حتى يستطيع التداول في البيع والشراء، لأن تذبذب قيمة العملة يمثل مشكلة لدى التاجر الذي لا يستطيع ضبط أرباحه ولدى المستهلك الذي لا يستطيع ضبط مصاريفه، لذلك فنحن في حاجة الآن إلى الاستقرار في سعر الصرف.
أما بخصوص طباعة العملة 'فنحن بحاجة اليوم إلى ضبط الكتلة النقدية الموجود في السوق سواء كانت في المصرف المركزي أو المصارف الأخرى أو في الأسواق، إذ هناك الكثير من الناس محتفظون بمدخرات ونحن بحاجة لضبطها، ولأن نعمل على نشر التوعية بخصوص العملة الجديدة، ومن ثم نسعر العملة'.
وتشهد الليرة السورية نقصًا في المعروض حاليًا، رغم اختلاف الأسباب بين المسؤولين والمصرفيين، ويقول المسؤولون إن المواطنين العاديين وكذلك 'جهات فاعلة خبيثة' يكدسون الليرة، بينما يقول المصرفيون إن السلطات السورية هي التي تبقي التدفق النقدي محدودًا، ويعود ذلك جزئيًا إلى محاولة إدارة سعر الصرف، وفقًا للمصادر.
وكان سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي وباقي العملات الأجنبية، قد سجّل استقرارًا صباح اليوم السبت، مقارنةً بأمس، وذلك بعد انخفاض طفيف نهاية الأسبوع الماضي.