اخبار سوريا
موقع كل يوم -عنب بلدي
نشر بتاريخ: ١٦ أيار ٢٠٢٥
طالبت منظمة العفو الدولية، الحكومة السورية برئاسة أحمد الشرع، باتخاذ خطوات ملموسة نحنو تحقيق العدالة ومعالجة إرث البلاد المدمر من الانتهاكات، مشيرةً إلى أنها أرسلت سلسة توصيات وعدة أسئلة إلى السلطات السورية بشأن خططها، لكنها لم تتلق إجابات عليها حتى الآن.
وقالت منظمة 'العفو الدولية' في بيان اليوم، الجمعة 16 من أيار، إنه 'يتعين على الحكومة السورية الجديدة أن تتخذ خطوات فورية وملموسة نحو تحقيق العدالة ومعرفة الحقيقة والتعويض لمعالجة إرث البلاد المدمر من الانتهاكات، وأن تطبّق فورًا إصلاحات تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان لمنع وقوع المزيد من الانتهاكات'.
وأمام الحكومة الانتقالية الجديدة، التي يقودها الشرع فرصة حاسمة لـ'طي صفحة الماضي وضمان عدم تكرار هذه الفظائع'، خاصة تلك المشابهة لما وثقته 'العفو الدولية' من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ارتكبها نظام الأسد وحليفته روسيا ما بين فترتي 2011 و2024، وما ارتكبته الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة (السابقة) وحليفتها تركيا، وسلطات 'الأمر الواقع' بقيادة الكرد والقوى المتحالفة معهم، بحسب المنظمة.
وحددت 'العفو الدولية' في بيانها الخطوات ذات الأولوية التي ينبغي للسلطات اتخاذها لتحقيق ذلك وللامتثال لالتزامات سوريا بموجب القانون الدولي'.
وتقول المنظمة الدولية إنها أرسلت في 14 من نيسان 2025، هذه التوصيات إلى السلطات السورية، وطلبت إجابات على سلسلة من الأسئلة والمستجدات بشأن خطط السلطات، لكنها لم تتلقَّ ردًا حتى الآن.
وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية'، كريستين بيكرلي، إنه لضمان طي صفحة الماضي، يجب على الحكومة السورية صون الحق في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والتعويض لجميع الناس في سوريا'.
وتابعت المسؤولة في المنظمة، 'لقد التزمت السلطات علنًا بالتعامل بجدية مع مطالب العدالة؛ ووفاءً لهذا الوعد، من المهم أن تضمن المشاركة الهادفة للناجين والضحايا ومنظمات المجتمع المدني السورية طوال العملية، فضلًا عن الالتزام بأقصى قدر من الشفافية'.
وبحسب بيكرلي: “تقف سوريا في وجه تحديات هائلة، إلا أنّه ثمة أسس جوهرية لبناء سوريا جديدة أكثر عدالة، وتشمل ضمان المساءلة عن الجرائم التي ارتكبتها جميع الأطراف المتحاربة، وتقديم التعويضات للضحايا وعائلاتهم، الذين لا يزال كثيرون منهم يتعذبون من جرّاء فقدان أقاربهم المختفين قسرًا والمفقودين، وتنفيذ إصلاحات قائمة على مبادئ حقوق الإنسان في قطاعَيْ العدالة الجنائية والأمن في سوريا، وضمان معرفة عائلات المختفين بحقيقة ما حدث لأحبائها'.
بحسب منظمة 'العفو الدولية'، فـ'من الضروري أن تعمل السلطات الجديدة على إعادة بناء الثقة بين الدولة والشعب في سوريا'.
ولن يؤدي تأخير تحقيق العدالة سوى إلى زيادة خطر إراقة الدماء مثل ما وصفته المنظمة بـ'أحداث القتل الجماعي الأخيرة للمدنيين العلويين في الساحل السوري'.
وتماشيًا مع القانون الدولي، يجب أن تقدم السلطات إلى ساحة العدالة جميع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية عن الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وأعمال التعذيب والاختفاء القسري، وذلك في محاكمات عادلة أمام محاكم مدنية عادية دون أي تأخير”، وفقًا لـ'العفو الدولية'.
المنظمة ترى أنه 'بينما تواصل العديد من البلدان دعم جهود العدالة الحاسمة في سوريا، أضافت دول أخرى المزيد من التحديات لتلك التي تواجهها البلاد أصلًا، حيث قطعت الولايات المتحدة بشكل عشوائي التمويل الأجنبي عن أولئك الذين يقدمون مساعدات إنسانية حيوية ويقومون بأدوار حقوقية حيوية في سوريا في أوائل 2025'.
ومنذ سقوط الحكومة السابقة، نفذت تركيا وإسرائيل أيضًا غارات جوية، ما أسفر عن مقتل وإصابة مدنيين وإلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية.
إحدى أكثر القضايا إلحاحًا في سوريا اليوم هي تحقيق العدالة لضحايا الاختفاء القسري الجماعي، كما قالت 'العفو الدولية'، فبعد سقوط النظام في 8 كانون الأول 2024، كانت عشرات الآلاف من العائلات تأمل في إطلاق سراح أحبائها المفقودين، وعوضًا عن ذلك، لم يعد أي منهم تقريبًا؛ ويبدو أن كثيرين قد اختفوا.
ونقلت المنظمة عن ممثلي جمعيات عائلات المفقودين والمختفين أنه لم يتمّ التشاور معهم بشأن تشكيل اللجنة الوطنية العليا المعنية بالأشخاص المفقودين وصياغة صلاحياتها، ولم يشهدوا أي تقدم ملموس بعد خمسة أشهر من سقوط النظام.
وكان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، قد أعلن في 27 من شباط الماضي، تأسيس مفوضية عليا للنظر في قضية المفقودين والمختفين قسرًا، وذلك خلال كلمة مصوّرة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وقال الشيباني إن الحكومة الجديدة ملتزمة بتحقيق العدالة الانتقالية وضمان حقوق الضحايا والمفقودين والأحياء، معتبرًا أن غياب الأحباب “عذاب لا يطاق”، لافتًا إلى أن جميع العائلات السورية تقريبًا مرت بهذه التجربة المؤلمة'.
ويجب على الحكومة الجديدة، بحسب منظمة 'العفو'، تصحيح هذا الوضع على الفور من خلال 'ضمان الإشراك الكامل والهادف للضحايا وممثليهم في تشكيل اللجنة، وصياغة صلاحياتها، وإطار عملها التشغيلي، وفي آليات الإشراف التي تضمن الشفافية والمساءلة'.
تنص 'المادة 49' من الإعلان الدستوري، المعتمد في 13 آذار 2025، على إنشاء لجنة للعدالة الانتقالية، مكلفة باعتماد “آليات مرتكزة على الضحايا وتحديد سبل المساءلة والحق في معرفة الحقيقة وإنصاف الضحايا والناجين بالإضافة إلى تكريم الشهداء”.
'العفو الدولية' قالت إنه يجب على الحكومة أيضًا إنشاء برامج 'تعويض تسترشد بتجربة الناجين وعائلات الضحايا وتقدم علاجات شاملة تعترف بمعاناة الضحايا وتساعد على إعادة بناء حياتهم'.
على الحكومة السورية، أيضًا السعي للحصول على تعويضات من دول مثل روسيا وتركيا والولايات المتحدة، والجهات الفاعلة الأخرى، بما في ذلك الشركات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان، وفق المنظمة.
كأولوية فورية، ولمنع تكرار الانتهاكات ودورات العنف، يجب على السلطات السورية إنشاء آلية لضمان التدقيق الصارم لجميع المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين وغيرهم من الشخصيات المعينة المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية، بما في ذلك الجرائم المرتكبة في حقبة ما بعد حكومة الأسد، التي وصفتها المنظمة بـ'المجازر ضدّ المدنيين العلويين في منطقة الساحل السوري'.
وقالت المنظمة إنه يجب التحقيق بـ'جرائم حرب'، تتمثل بعميات قتل غير مشروعة، بما في ذلك 'الاستهداف المتعمد لمدنيين من الأقلية العلوية، في منطقة الساحل السوري في آذار 2025'.
وكانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وثقت مقتل 803 أشخاص في الفترة ما بين 6 و8 من آذار الماضي، في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة.
وقالت “الشبكة”، إن الانتهاكات وقعت بعد هجوم ما أسمته “المجموعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة والمرتبطة بنظام الأسد”، التي نفذت هجمات منسقة استهدفت مواقع أمنية وعسكرية تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية.
بعد شهرين على تشكيلها.. لجنة تحقيق الساحل بلا نتائج وتواجه اتهامات بـ”المماطلة'
الهجمات دفعت الحكومة إلى شن عمليات واسعة، وشاركت فيها فصائل وتنظيمات إسلامية أجنبية منضوية “شكلًا” في وزارة الدفاع، بالإضافة إلى مجموعات محلية من المدنيين المسلحين، وسرعان ما تحولت إلى مواجهات عنيفة ارتُكبت خلالها انتهاكات جسيمة واسعة النطاق.
ووفق “الشبكة”، كان للفصائل المحلية والتنظيمات الإسلامية الأجنبية التابعة “شكليًا” لوزارة الدفاع، الدور الأبرز في ارتكاب الانتهاكات، التي اتسم معظمها بطابع انتقامي وطائفي.
وشكل الرئيس الشرع، في 10 من نيسان الماضي، لجنة لتقصي الحقائق، اعتبرتها العفو الدولية 'خطوة أولى مهمة'، مشيرة إلى أن مسار عمل هذه اللجنة سيشكل 'مؤشرًا هامًا وسابقةً بارزة'.
كما يجب أن تشمل عملية الإصلاح إلغاء القوانين التي لا تتوافق مع القانون الدولي والمعايير الدولية، وسن تشريعاتٍ تكفل تمتُّع جميع الناس بحقوق الإنسان، بما في ذلك حقهم في نيل محاكمة عادلة، وفي معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على التعويض، وفي عدم التعرُّض للتعذيب والإخفاء، وفي المساواة وعدم التمييز، بما في ذلك على صعيد الحق في السكن والملكية. ويجب أن تتسم أي لجان تُشكل للقيام بهذه المهام بسهولة الوصول إليها، وبالشمول، وأن تكون قائمةً على المشاركة.