اخبار سوريا
موقع كل يوم -الوكالة العربية السورية للأنباء
نشر بتاريخ: ١٣ تموز ٢٠٢٥
دمشق-سانا
في ظل التحديات الاقتصادية والبيئية التي تواجه سوريا، يبرز ملف الطاقة البديلة كأحد أهم الرهانات الوطنية لتحقيق الاستدامة وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية التي باتت غير مستقرة ومكلفة.
هذا التقرير يسلّط الضوء على واقع الطاقة المتجددة في سوريا، ويكشف عن المبادرات الحكومية والخاصة، إضافة إلى العقبات التي تعترض طريق التحول الطاقي، مع استعراض تجارب محلية واعدة قد تشكّل نواة لنهضة مستقبلية.
الواقع الحالي: خطوات متسارعة رغم التحديات
شهدت السنوات الأخيرة تحركاً ملحوظاً في مجال الطاقة البديلة، حيث أطلقت وزارة الكهرباء بالتعاون مع المركز الوطني لبحوث الطاقة مشاريع تجريبية في عدد من المحافظات، أبرزها:
المدينة الصناعية في حسياء – حمص: إنتاج أول ميغاواط من الطاقة الشمسية ضمن مشروع يستهدف إنتاج 10 ميغاواط.
عدرا الصناعية – ريف دمشق: مشروع قيد التنفيذ بطاقة 100 ميغاواط.
الشيخ نجار – حلب: مشروع لإنتاج 45 ميغاواط من الطاقة الشمسية.
اتفاقيات مبدئية مع شركات صينية لإنتاج 36 ميغاواط في مناطق مختلفة.
ورغم محدودية هذه المشاريع مقارنة بالحاجة الوطنية، إلا أنها تمثل بداية حقيقية نحو بناء منظومة طاقة نظيفة ومستدامة.
تحديات تواجه الطاقة البديلة في سوريا
رغم الإمكانات الطبيعية الواعدة، تواجه مشاريع الطاقة البديلة في سوريا عدة عقبات، أبرزها:
ضعف التمويل: تكلفة إنتاج ميغاواط واحد من الكهرباء بالطاقة البديلة تصل إلى نحو 10 ملايين دولار، وهو مبلغ يصعب تأمينه في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
نقص الكوادر الفنية: الحاجة إلى تدريب متخصصين في تركيب وصيانة الأنظمة البديلة، وخاصة في المناطق الريفية.
فرص واعدة في المرحلة الجديدة
رغم التحديات، فإن سوريا تمتلك فرصاً كبيرة للنهوض بقطاع الطاقة البديلة:
الإشعاع الشمسي العالي: أكثر من 300 يوم مشمس سنوياً، ما يجعل الطاقة الشمسية خياراً اقتصادياً وفعّالاً.
الطاقة الريحية: مناطق مثل تدمر والسخنة تتمتع بسرعات رياح مناسبة لتوليد الكهرباء.
المبادرات المجتمعية: انتشار ألواح شمسية في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، حيث يعتمد السكان على الطاقة النظيفة لتلبية احتياجاتهم اليومية.
صندوق دعم الطاقات المتجددة: أُنشئ عام 2021 لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في هذا المجال.
رأي الخبراء
يؤكد المهندس السوري توفيق خرفان، المتخصص في الطاقة المتجددة، أن 'سوريا تمتلك إمكانات طبيعية هائلة في الطاقة الشمسية والريحية، ويمكنها إنتاج ما يكفي لتغذية مئات آلاف المنازل إذا تم الاستثمار بشكل صحيح'، ويضيف: 'التحول نحو الطاقة البديلة ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية لضمان استقرار الخدمات وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية'.
دور الحكومة والقطاع الخاص
تسعى الحكومة السورية إلى توسيع استخدام الطاقة البديلة عبر:
إدخال الطاقة الشمسية في المدارس والمراكز الصحية.
تشجيع الصناعيين على تركيب أنظمة طاقة نظيفة في منشآتهم.
تعديل التشريعات لتسهيل الاستثمار في هذا القطاع، بما في ذلك إعفاءات جمركية على المعدات.
أما القطاع الخاص، فقد بدأ يدخل تدريجياً في هذا المجال، وخاصة في الصناعات الغذائية والزراعية، حيث تُستخدم الطاقة الشمسية لتشغيل مضخات المياه وتبريد المنتجات.
الطاقة البديلة في سوريا تمثل أفقاً واعداً نحو تحقيق الاستدامة، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية، ودعم مالي، وتعاون مجتمعي واسع، وبين التحديات والفرص تبقى الطاقة النظيفة خياراً إستراتيجياً لمستقبل أكثر إشراقاً، يضمن الأمن الطاقي ويعزز التنمية الاقتصادية والبيئية.