اخبار سوريا
موقع كل يوم -اقتصاد و اعمال السوريين
نشر بتاريخ: ١٦ أيار ٢٠٢٥
تتفاقم أزمة المياه في دمشق وريفها، مع دخول فصل الصيف، وضعف ضخ المياه مع انخفاض الهطولات المطرية والتي وصلت إلى 30 بالمئة من كمية الهطول السنوية لنبع الفيجة، بينما لم يتجاوز الهطل المطري لمدينة دمشق 23 بالمئة، بحسب مؤسسة المياه، بالإضافة لارتفاع أسعار الصهاريج، وتعطّل معظم الآبار الارتوازية.
ضخ لا يكفي
'المي الرئيسية يلي بتضخها مديرية المياه بتجي مرة بالأسبوع أو أقل.. بس هي مي ضعيفة كتير وما بتكفي شي'، بهذه العبارات يشرح أحمد الوائل، أحد سكان معضمية الشام بريف دمشق، واقع المياه في المدينة.
ويضيف أن أربعة آبار ارتوازية في المدينة معطّلة حالياً، والبلدية بدأت بأعمال الإصلاح، لكن حتى لو عادت كلها للعمل، 'ما رح تكفينا، لأنو الضخ من نبع الفيجة نفسه ضعيف'.
ومع قلّة ساعات الضخ يلجأ السكان إلى صهاريج المياه، التي ارتفعت أسعارها بشكل مرهق. ويضطر الأهالي لانتظار الدور بسبب كثرة الطلب عليها. '١٠ براميل مي بتكلف بين 50 إلى 60 ألف ليرة، وهاد عبء كبير عالعائلات'، يضيف أحمد.
شبكات معطلة
من جهة أخرى، يشير سكان في صحنايا إلى أزمة مماثلة. محمد تقلي، أحد سكان المنطقة، يقول لـ 'اقتصاد': 'ما اختلف علينا شي من سنين، الشبكات معطّلة، والضخ ضعيف، لا الحكومة القديمة صلّحت ولا الجديدة. عم نعتمد على الصهاريج'.
ويشرح الأهالي أن وصول المياه غالباً ما يتزامن مع انقطاع الكهرباء، مما يجعل استخدام المضخات لسحب المياه إلى الخزانات أمراً مستحيلاً.
ويوضح محمد أن المشكلة كانت محتملة في الشتاء، لكن مع ازدياد درجات الحرارة، بدأت المشاجرات على دور الصهاريج، التي رفعت أسعارها دون رقابة.
دمشق ليست بمنأى عن الأزمة
ورغم أن العاصمة تشهد وضعاً أفضل نسبياً، إلا أن شكاوى السكان بدأت تتصاعد. ضخ المياه لم يعد مستمراً كما في السابق، وتحولت الخدمة إلى 'دور' يصل في ساعات محددة، وفي بعض الأحياء بشكل متقطع.
وتتعدد أسباب الأزمة بين ضعف ضخ نبع الفيجة، وتعطل الآبار، ضعف الكهرباء، وتهالك الشبكات المائية.
ورغم وعود بالإصلاح من قبل الجهات المعنية، إلا أن السكان يؤكدون أن لا تحسن ملموس حتى الآن، بل تدهور متسارع.
'اقتصاد' بدوره التقى مدير مؤسسة المياه بريف دمشق المهندس أحمد حسن درويش، الذي لخص أسباب الأزمة وبيّن الحلول التي يجري العمل عليها والقرارات التي اتخذتها المؤسسة لتخفيف أعباء المشكلة.
مصادر المياه وسبب الأزمة
يقول أحمد درويش إن تزويد مدينة دمشق وريفها بالمياه يأتي من عدة مصادر رئيسية، تشمل نبع الفيجة ونبع بردى، وآبار جديدة يابوس، وآبار وادي مروان، إلى جانب الآبار الاحتياطية المنتشرة في مدينة دمشق وريفها، وبعض مشاريع الضخ كمشروعي الريمة وجوبر.
ويوضح أن واقع المياه عموماً يرتبط بنسبة الهطول المطري في كل عام، سواء بالنسبة للينابيع الرئيسية أو للمصادر الأخرى.
ويشير درويش إلى أن مشكلة نقص الطاقة تشكل أبرز التحديات التي تواجه المؤسسة، والتي اتجهت لاستخدام منظومات الطاقة الشمسية لتشغيل الآبار والمصادر المائية، وأثبتت التجربة نجاحها في عدة مناطق بريف دمشق، وساهمت بتحسين التزويد بالمياه. وقد بلغ عدد منظومات الطاقة الشمسية المركبة حتى الآن نحو 105 منظومات.
ويضيف أن الوضع المائي في ريف دمشق يُعد مقبولًا بشكل عام، رغم وجود عجز في بعض المناطق تعمل المؤسسة على معالجته ضمن الإمكانيات المتاحة. ويعود هذا العجز إلى عدة أسباب، منها شح المياه في بعض المناطق، ونقص الطاقة، بالإضافة إلى الهدر الحاصل في شبكات المياه.
برنامج تقنين المياه
وضعت المؤسسة خطة طوارئ شاملة تضمنت إعادة تأهيل أكبر عدد ممكن من الآبار والمصادر المائية لإدخالها في الخدمة بهدف تعويض النقص، كما شملت الخطة صيانة شبكات نقل وتوزيع المياه، وإعادة توزيع أدوار التزويد مع تطبيق برنامج تقنين.
وأكد درويش أن عدد ساعات التقنين يختلف من منطقة إلى أخرى في دمشق وريفها، حسب التضاريس والتوزيع الجغرافي، وتوفر المصادر المائية، والطاقة، وأقطار الخطوط المغذية. وتتم مراعاة وصول المياه إلى أبعد نقطة في الشبكة، خاصة في المناطق المرتفعة من دمشق التي تحتاج إلى تزويد مستمر لضمان وصول المياه.
أما في ريف دمشق، فإن الضخ يعتمد بشكل أساسي على توفر حوامل الطاقة، ما يؤدي إلى تقنين أطول في ظل الظروف الراهنة التي تعاني فيها هذه المناطق من نقص كبير في الطاقة.
وحول الأعطال في شبكات المياه، أوضح درويش أن هناك أعطالاً طارئة تحدث يومياً على خطوط الشبكات في دمشق وريفها، وبلغ عدد الإصلاحات المنفذة منذ بداية العام وحتى تاريخه نحو 1619 إصلاح.
300 بئر متوقف
أوضح درويش أن عدد الآبار المتوقفة حالياً يبلغ نحو 300 بئر، بعضها متوقف بسبب الحاجة للصيانة نتيجة قدم التجهيزات أو عدم انتظام التيار الكهربائي، ما يؤدي إلى احتراق محركات المضخات.
وبعض الآبار الأخرى تحتاج إلى تجهيز كامل. وتسعى المؤسسة إلى إعادة تشغيل هذه الآبار واستثمارها إما من خلال موازنتها الخاصة أو بالتعاون مع المجتمعات المحلية والجهات المانحة، لما لذلك من أثر كبير في تحسين الواقع المائي.
إدارة أزمة صهاريج المياه
تمتلك المؤسسة عدداً من الصهاريج مخصصة لتزويد المرافق الحيوية مثل المدارس والمشافي والأفران والدوائر الرسمية، وتُستخدم أيضاً في الحالات الطارئة لتزويد بعض الأحياء.
وبالنسبة لصهاريج القطاع الخاص، وبحسب الدرويش، فإن مسؤولية المؤسسة تقتصر على وضع الآبار التي تم حصرها من قبل مديرية الموارد المائية تحت تصرف المؤسسة في المناطق التي يصعب خدمتها بشكل كافٍ، والقيام بجولات دورية على المناهل لأخذ عينات المياه وضمان تعقيمها، وتسجيل كميات المياه المستجرة من المناهل المعتمدة. كما تمنح المؤسسة تراخيص أصولية للصهاريج التي تحقق الشروط الفنية.
وأما فيما يتعلق بالتسعير، فإن تحديد سعر بيع المياه من قبل الصهاريج يقع ضمن صلاحيات مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وفق مدير مؤسسة المياه بريف دمشق.