×



klyoum.com
syria
سوريا  ١٦ تموز ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
syria
سوريا  ١٦ تموز ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار سوريا

»سياسة» اندبندنت عربية»

من الانغلاق إلى الانفتاح... سوريا تعيد تعريف نفسها

اندبندنت عربية
times

نشر بتاريخ:  الثلاثاء ١٥ تموز ٢٠٢٥ - ٢٢:٤٢

من الانغلاق إلى الانفتاح... سوريا تعيد تعريف نفسها

من الانغلاق إلى الانفتاح... سوريا تعيد تعريف نفسها

اخبار سوريا

موقع كل يوم -

اندبندنت عربية


نشر بتاريخ:  ١٥ تموز ٢٠٢٥ 

ما يفعله الشرع ليس مجرد تصحيح مسار بل انقلاب على سردية كاملة لخروج دمشق من معسكرها الشرقي – الإيراني

خلال زيارته الرسمية التي قام بها إلى أذربيجان قال رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع إن نظام بشار الأسد أضر بالعلاقات مع أذربيجان، كما فعل مع عديد من البلدان الأخرى، لكن سوريا منفتحة الآن على التعاون مع أذربيجان في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والإنسانية وغيرها، وذلك خلال لقائه الرئيس الأذري إلهام علييف في قصر زوغولبا بالعاصمة باكو، في زيارة رسمية هي الأولى له منذ توليه منصبه.

وأشار الشرع إلى أن دعم أذربيجان لحل مشكلات الطاقة في بلاده له أهمية كبيرة، وهذا من شأنه أن يخدم تنمية سوريا. من جهته أكد علييف أن آفاق التعاون بين البلدين اتسعت بصورة كبيرة منذ تولي الإدارة الجديدة السلطة في سوريا، وأنهم يرغبون في تعزيز ذلك.

فيما أشار البيان الصادر عن الرئاسة الأذرية إلى أن الاجتماع شدد على أهمية التعاون بين البلدين، لا سيما في قطاع الطاقة الذي تواجه فيه سوريا تحديات كبيرة، وأعلن عن قرب تنفيذ مشروع لتصدير الغاز الأذري إلى سوريا عبر تركيا، كما أكد البيان قدرة أذربيجان على المساهمة في إعادة بناء البنية التحتية للطاقة في سوريا.

سوريا من رماد الحرب إلى مشروع الدولة الحديثة

منذ لحظة تسلمه السلطة بدا رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع وكأنه لا يطمح إلى 'إصلاح' النظام الذي ورثه، بل إلى تفكيكه جذرياً بخطاب مغاير، وأجندة تصادمية مع البنية التي أرساها نظام 'البعث' لعقود، بدأ مشروعه بإعادة تعريف سوريا، من دولة مؤدلجة محكومة بشعارات 'الصمود والتصدي'، إلى دولة تسعى إلى التموضع داخل منظومة الغرب أمنياً وسياسياً واقتصادياً.

ولم يأتِ أحمد الشرع إلى الحكم بوصفه امتداداً لبشار الأسد، بل كمفصل قاطع مع مرحلة كاملة من الانهيار والعزلة، رؤيته، كما باتت ملامحها تتضح منذ الأشهر الأولى لتوليه السلطة، لا تقوم على إدارة الأزمة كما فعل سلفه، بل على تفكيك بنيتها بالكامل، وفتح مسار جديد عنوانه، الدولة لا النظام.

يدرك الشرع أن سوريا ما بعد الحرب لا يمكن ترميمها بالأدوات القديمة، ولا إعادة دمجها في النظام الإقليمي والدولي من دون قلب المعادلة التي حكمتها طوال خمسة عقود، ولهذا فإن رؤيته تنقسم إلى دوائر متداخلة، الانفتاح على الغرب، القطع مع نموذج الحرب، وبناء دولة حديثة بوظائف حقيقية.

الواقعية السياسية بدلاً من الأيديولوجيا

ومنذ لحظة تسلمه حرص الشرع على إرسال إشارات متعددة بأن سوريا تحت قيادته لا تعادي الغرب، بل تسعى إلى علاقة 'نفعية – عقلانية' معه، هذه ليست مصالحة أخلاقية، بل اصطفاف مصلحي، يعترف بأنه لا مفر من التفاوض مع واشنطن، وبروكسل بصفتها تلعب دوراً مهماً في التعامل مع أزمة اللاجئين السوريين، إن أرادت دمشق فك الحصار وإعادة الإعمار.

وقال الشرع في تصريح إن سوريا ليست 'بصدد الخوض في صراع مع إسرائيل، والحلول الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لضمان الأمن والاستقرار بعيداً من أي مغامرات عسكرية غير محسوبة'، وهو على دراية تامة أنه لا يمكن للاقتصاد السوري أن يبعث من جديد عبر موسكو وطهران الغارقتين في أزماتهما، وأنه لا مكان لسوريا في النظام العربي أو الدولي إن استمرت في تبني خطاب 'الممانعة' العدمي.

 

من هنا فإن رؤية الشرع للانفتاح لا تقوم على تطبيع ثقافي أو تحول ليبرالي تقليدي، بل على اعتراف بميزان القوى، والاستثمار في التحالف مع القوى القادرة على ضمان الاستقرار والشرعية الدولية، أي أوروبا والخليج وأميركا.

الخروج من الحرب وإغلاق زمن الساحات المفتوحة

يبدو جلياً أنه في خريطة الشرع الحرب ليست فقط كارثة إنسانية، بل عقبة بنيوية أمام تشكل الدولة، ولذلك، يضع نصب عينيه، إنهاء أي مظاهر لوجود الميليشيات داخل الحدود السورية، سواء كانت تابعة لإيران أو حتى لبقايا النظام السابق، كما وضبط الجغرافيا السورية، خصوصاً الجنوب والشمال، بما يسمح بعودة السيادة لا الحضور الرمزي، وأيضاً إغلاق 'الملف الفلسطيني' كساحة سياسية سورية، وفصل قضية اللاجئين عن أي 'خطاب مقاوم' يربك المشروع الداخلي. وذلك لأنه يدرك أن الحرب السورية لم تكن فقط نتيجة ثورة داخلية، بل كانت أيضاً نتيجة تقاطع مشاريع إقليمية ودولية، ولبناء سوريا جديدة، لا بد من فصل الأرض السورية عن تلك المشاريع.

بناء الدولة الحديثة

والأهم في رؤية أحمد الشرع أنه لا يسعى فقط لترميم نظام متآكل، بل لخلق نموذج جديد لدولة ما بعد الحرب، عبر، إعادة تعريف العلاقة بين المواطن والدولة، من الولاء السياسي إلى مفهوم 'الحقوق والواجبات'، ونزع الطابع الطائفي من الدولة العميقة، وضرب المحاصصة الأمنية والطائفية التي تأسست منذ السبعينيات، وإطلاق عملية تخطيط حضري واقتصادي تعيد توزيع السكان، وتربط الاقتصاد السوري بمشاريع إقليمية عابرة من خطوط نقل وطاقة وموانئ وسياحة دينية.

والمثير أن الشرع لا يطرح مشروعاً ليبرالياً بالمعنى الغربي، بل يسعى إلى نموذج 'دولة وظيفية' قادرة على البقاء والاستقرار وتقديم الحد الأدنى من الخدمات والعدالة، تماماً كما فعلت بعض الدول الخارجة من الحرب في أوروبا الشرقية بعد الحرب الباردة.

إذاً، التحولات لا تقتصر على البنية الداخلية، بل تطاول جوهر العقيدة الخارجية لسوريا ما بعد 1970، والحديث في الأروقة المغلقة، والذي بدأ يخرج إلى العلن، عن اتفاقات أمنية غير مسبوقة مع إسرائيل، وملامح تطبيع بارد يتم ترتيبه بهدوء، يعد ضربة قاضية لمفهوم 'الدولة المقاومة' الذي كان حجر الأساس في شرعية النظام السابق.

من العزلة إلى شراكة مشروطة مع الغرب

منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 تحولت سوريا إلى دولة منبوذة في النظام الدولي، تخضع لعقوبات غربية خانقة، وتدار سياساتها الخارجية والداخلية تحت وصاية روسية – إيرانية شبه مطلقة، لكن المؤشرات الأخيرة، خصوصاً بعد تسلم الرئيس الشرع زمام الحكم، تشير إلى تحول مفصلي في المقاربة السورية للعالم، وتحديداً للغرب، مما قد يعيد تعريف موقع سوريا في النظام الإقليمي والدولي.

تآكل محور طهران – دمشق – 'حزب الله'

سقوط بشار الأسد، ثم خروج الحرس الثوري الإيراني من العمق السوري، ووفقاً لتصريح لمسؤول أميركي في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن أعضاء فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني فروا إلى إيران وتم حل الميليشيات، وذلك بحسب ما نقلت 'وول ستريت جورنال' الأميركية، وبطبيعة الحال انسحاب 'حزب الله'، كلها عناصر أضعفت المحور التقليدي الذي عزل سوريا عن العالم لعقدين، وأرسل النظام الجديد إشارات مبكرة بعدم رغبته في البقاء رهينة لمحور صنع عزلة سورية مقابل مكاسب إيرانية، وهيمنة ونفوذ لـ'حزب الله'.

الانفتاح الحذر على الغرب

إضافة إلى الاقتصاد المتهالك، فسوريا في حاجة ماسة إلى إعادة الإعمار والاستثمار الأجنبي، وهو ما لا تستطيع روسيا ولا إيران توفيره حالياً، وعبر الانفتاح على الغرب، تحاول دمشق تقليص العقوبات، والتفاوض على تقليص وجود الميليشيات غير السورية، أي باعتماد استراتيجية تخفيف الضغوط، وكل ذلك ضمن رغبة في إعادة تشكيل الهوية الوطنية، عبر خلق مسافة مع مرحلة الأسد، من خلال خطاب سيادي أكثر براغماتية وانفتاحاً، يراهن على الداخل كما الخارج.

شروط الغرب و'اختبار النوايا'

لكن الغرب لا يمنح 'جوائز سياسية مجانية'، وحتى إن أبدى انفتاحاً على النظام الجديد، إلا أن ذلك مشروط بعدة اعتبارات، أبرزها تقليص النفوذ الإيراني وخروج كل وحدات الحرس الثوري والميليشيات التي تتبع إيران، كما وضبط الجبهة الجنوبية مع إسرائيل وإقفال طرق الإمداد التي كانت تصل 'حزب الله' مع طهران، وضمانات بعدم استخدام سوريا كمنصة لتحدي مصالح الأمن الإقليمي (الخليجي – الإسرائيلي)، وانفتاح سياسي داخلي تدريجي، ولو على المستوى الشكلي، لإضفاء بعض الشرعية على الحكم الجديد.

وكان الشرع أعلن أنه 'نعمل على حماية الطوائف والأقليات من أن يحصل ارتداد بيني في ما بينها أو أن تستغل هذا المشهد إحدى الأدوات الخارجية لإثارة النعرات الطائفية'. وأضاف أن 'سوريا بلد للجميع ونحن نستطيع أن نتعايش مع بعض'، وبالفعل بعض اللقاءات التي تجري في العلن والظل، خصوصاً في أبوظبي وبرلين، تشي بأن الغرب يراقب خطوات دمشق، ولا يمانع اختبار شراكة مشروطة إن التزمت سوريا بخفض التصعيد وتفكيك الشبكات العابرة للحدود، واستيعاب حقوق الأقليات والعمل على حمايتها.

تحديات الداخل السوري

لكن هذه الشراكة لن تكون سهلة لأن الداخل السوري لا يزال هشاً ومقسماً، وعلى رغم المسار السياسي الطموح الذي يقوده الشرع، لا تزال السيطرة الميدانية على كامل الأراضي السورية بعيدة المنال، فالمشهد العسكري لا يدار فقط من دمشق، بل من أطراف متعددة تفرض نفوذها بقوة السلاح.

وكشفت المجازر التي حصلت في ريف الساحل، وسقوط مدنيين ضحايا لعمليات انتقامية طائفية، هشاشة الدولة المركزية في مواجهة الفصائل العنيفة الخارجة عن السيطرة، بعضها محسوب على بقايا الأجهزة الأمنية، وبعضها الآخر على ميليشيات مذهبية مدعومة خارجياً.

أيضاً في الجنوب، الوضع لا يقل خطورة، فدروز السويداء يواجهون ضغوطاً متصاعدة، ليس فقط من مجموعات مرتبطة بالنظام القديم أو 'حزب الله'، بل أيضاً من فصائل سنية متطرفة لا تزال تتحرك في البادية وجنوب درعا، بعضها مرتبط بـ'جبهة النصرة' و'هيئة تحرير الشام'، التي أعادت التموقع في جيوب معزولة مستغلة ضعف الدولة وتراخي الضبط العسكري، وهذا ما يدفع إلى الاشتباكات الدامية وأعمال العنف التي تحصل في السويداء بسبب التضييق في الأقلية الدرزية في تلك البقعة من سوريا.

من سردية 'البعث' إلى حافة التحول

منذ انقلاب حزب البعث عام 1963 دخلت سوريا في نفق طويل من الحكم العقائدي المؤدلج، قائم على ثلاثية 'الوحدة والحرية والاشتراكية'، والتي سرعان ما تم إفراغها من مضمونها لمصلحة سلطة أمنية مطلقة، وتأسست في عهد حافظ الأسد، 'سوريا الصمود والتصدي'، دولة ترفض التسوية، وترفع شعار العداء للغرب وتختبئ خلف 'خطاب مقاوم'، بينما تمارس سياسات قمع داخلي واصطفاف خارجي صارم ضمن المعسكر السوفياتي، حينها، ثم الإيراني لاحقاً.

ومع بشار الأسد لم يتغير شيء جوهري، بل ازدادت التبعية لإيران، وتحولت سوريا إلى منصة متقدمة لحروب غير سورية، من لبنان إلى العراق إلى غزة، بتنسيق وثيق مع الحرس الثوري الإيراني و'حزب الله'، لكن هذه 'الجمهورية العقائدية' انهارت فعلياً مع الحرب، وانتهت رسمياً بسقوط بشار الأسد.

من حليف موسكو إلى مفترق الغرب

لم تكن سوريا منذ استقلالها لاعباً عادياً في محيطها، بل سعت دوماً إلى دور يتجاوز حجمها الجغرافي والديموغرافي، غير أن التحول المفصلي بدأ فعلياً مع وصول حزب البعث إلى السلطة عام 1963، حيث دخلت البلاد في مرحلة طويلة من الاصطفاف الأيديولوجي والعسكري ضمن المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي، وهو اصطفاف لم يكن مجرد خيار خارجي بل تحول إلى هوية سياسية داخلية، لا تزال ارتداداته تهيمن حتى اليوم، على رغم كل الانكسارات.

'البعث' وصياغة التوجه الاشتراكي

مع انقلاب حافظ الأسد عام 1970 وبدء ما سمي 'الحركة التصحيحية'، ترسخت العلاقة بين دمشق وموسكو إلى مستوى التحالف الاستراتيجي، ولم يكن الأمر فقط متعلقاً بتسليح الجيش السوري أو الدعم في صراعه مع إسرائيل، بل أعمق من ذلك، فالنموذج الاقتصادي السوري أخذ ملامح 'اشتراكية الدولة' بامتياز من ملكية عامة وبيروقراطية مركزية وجهاز أمني يدير الاقتصاد من وراء الستار.

وتم تأطير النخبة الحاكمة ضمن آليات الدولة الأمنية – الحزبية – النقابية، في استنساخ للنموذج السوفياتي، وركزت الدعاية السياسية على العداء للإمبريالية، بخاصة الأميركية، ما جعل أي تقارب مع الغرب يصنف كخيانة، وسرعان ما تحولت سوريا إلى 'قاعدة أيديولوجية وعسكرية' سوفياتية في المشرق، تماماً كما كانت كوبا في الكاريبي.

حقبة ما بعد الاتحاد السوفياتي

ومع انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 وجدت سوريا نفسها أمام أزمة هوية دولية فقدت الداعم الأهم، لكنها لم تكن مستعدة للانتقال إلى الجانب الغربي، وراوغ حافظ الأسد، بعقليته الباردة، في الانفتاح، وشارك في مؤتمر مدريد 1991، لكنه أبقى على 'قلبه' في موسكو.

أما في عهد بشار الأسد فبدا أن النظام يغازل الليبرالية الاقتصادية، عبر ما سمي 'اقتصاد السوق الاجتماعي'، لكن النظام الأمني ظل على حاله، ولم يجر أي تعديل على موقع سوريا الجيوسياسي، بالعكس، ازدادت العلاقة تعقيداً مع الغرب بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وتحولت سوريا إلى لاعب رئيس في (محور المقاومة)، الممتد من طهران إلى الضاحية إلى بغداد، ما عمق العزلة الغربية.

الثورة والحرب والعودة إلى الحضن الروسي - الإيراني

مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، انقلبت المعادلات، فالغرب أيَّد التغيير نظرياً، فيما رمت موسكو وطهران بكل ثقلهما في دعم النظام، هنا عادت سوريا بالكامل إلى المحور الشرقي، لكن هذه المرة كطرف ضعيف لا كشريك، وأعادت روسيا تعريف العلاقة، من تحالف بين دولتين، إلى علاقة 'رعاية' عسكرية واقتصادية، فيما اخترقت إيران النسيج السوري أمنياً وعقائدياً وديموغرافياً، وفقدت القيادة السورية القدرة على المناورة، وأصبحت تُدار بمصالح الحليفين، وهكذا دخلت سوريا في عزلة غير مسبوقة، عزلة لم تكن فقط بسبب قمع الثورة، بل أيضاً بسبب اصطفافها مع محور يهدد التوازن الإقليمي.

هل تنسلخ سوريا عن المعسكر الشرقي؟

يمثل وصول أحمد الشرع إلى السلطة، بعد إطاحة بشار الأسد، نقطة تحول حقيقية، ليس لأنه بالضرورة يريد 'التحول إلى الغرب'، بل لأنه يدرك أن البقاء في المحور الشرقي لم يعد خياراً مستداماً، فروسيا مثقلة بحرب أوكرانيا وغير قادرة على تمويل إعادة الإعمار، وإيران تلقت ضربة قاصمة من بعد الهجمات الإسرائيلية، عدا عن العزلة المتزايدة عربياً ودولياً، وتفكك أذرعها في الإقليم، وعلى رغم برودة الغرب، فهو مستعد لفتح نافذة مشروطة أمام نظام يقدم تنازلات فعلية في ملفات الحدود والميليشيات والتطبيع الاقتصادي.

هل تعود سوريا إلى النظام الدولي؟

من المؤكد أن سوريا لن تعود كما كانت قبل 2011، وتسعى إلى إعادة تعريف مكانها من دولة معزولة إلى شريك 'مشروط' و'مراقب' في النظام الإقليمي الجديد، خصوصاً في ظل تحولات أوسع، مع الانكفاء الأميركي الجزئي عن الشرق الأوسط، وانشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، وسعي الدول العربية لتقليص الفراغات التي تملؤها إيران وتركيا.

ووصول أحمد الشرع إلى الحكم لم يكن مجرد تغيير في رأس النظام، بل بداية لهدم عقيدة عمرها ستة عقود، واستبدال مشروع براغماتي بها يتجه 180 درجة نحو الغرب، وتمثل ذلك في الانفتاح الأمني المباشر 'الصادم' مع إسرائيل، وهو التحول الأكثر حساسية، عبر الخروج من عمق 'محور المقاومة' إلى تنسيق مع إسرائيل، وذلك بعد التقارير التي تحدثت عن لقاءات غير معلنة جرت في عواصم أوروبية وخليجية بين وفود أمنية سورية وإسرائيلية، إضافة إلى الترتيبات الميدانية في الجنوب السوري، والتي هدفت لتفكيك القواعد الإيرانية ومواقع 'حزب الله'، وبإشراف أمني روسي – إسرائيلي.

من هنا، فإن الحديث عن هدنة دائمة أو 'اتفاق عدم اعتداء' بات أكثر جدية، وقد يكون مدخلاً لتسوية أوسع لاحقاً، وفي هذا السياق، يمكن القول إن الرئيس أحمد الشرع يستخدم البعد الأمني كبوابة لاسترضاء الغرب وضمان البقاء السياسي، ولو عبر تطبيع غير معلن مع إسرائيل، في سابقة تطيح رمزيات خطاب 'تحرير الجولان' و'الرد في الزمان والمكان المناسبين'.

تفكيك البنية العقائدية وإعادة تعريف الشرعية

سياسياً عمل الشرع على تفكيك البنية البعثية – الأمنية التي هيمنت على مؤسسات الدولة، عبر حل حزب البعث العربي الاشتراكي، في الـ29 من يناير الماضي، وبعيد سقوط نظام بشار الأسد، كما حل جميع الأحزاب التابعة للجبهة الوطنية التقدمية، وحظر إعادة تشكيلها تحت أي مسمى آخر، مع إعادة جميع الأصول إلى الدولة السورية، وذلك بعد 61 عاماً من حكم حزب 'البعث'، وعمل على إضعاف الأجهزة التي كانت ترتبط بعائلة الأسد مباشرة كالاستخبارات الجوية والأمن السياسي، والانفتاح على تكنوقراط ووجوه مستقلة، بعضها كان معارضاً سابقاً، بهدف إعادة صياغة النظام من الداخل دون إسقاطه كلياً.

وهنا تتشكل شرعية جديدة لا تقوم على 'المقاومة' أو الاشتراكية، بل على مفاهيم 'الاستقرار والشراكة والتنمية'، وهي مصطلحات قادمة من قاموس الحكومات الغربية والخليجية، لا من أدبيات حزب البعث، إضافة إلى العودة للحضن العربي، فالشرع يراهن على مظلة خليجية – مصرية، بمباركة أميركية، تعيد سوريا إلى دورها الحقيقي، لا 'الدولة المصدرة للفوضى'.

في هذا السياق يبدو أن الشرع يعيد إنتاج فكرة 'الاعتدال العربي'، ولكن من البوابة السورية هذه المرة، بعدما كانت دمشق لعقود شوكة في خاصرة أي تسوية.

مشروع خطر أم فرصة أخيرة؟

ما يفعله أحمد الشرع هو تفكيك مدروس لجمهورية 'الأسد – البعث – إيران'، ومحاولة بناء دولة جديدة من رماد السرديات القديمة، لكن هذا المسار محفوف بالتحديات، فالشارع السوري لم يمنح فرصة التعبير عن رأيه بعد الثورة، وبقايا الدولة العميقة الأسدية التي قد تفشل المشروع من الداخل، ومواقف إيران و'حزب الله'، اللذين يريان في هذا الانقلاب تهديداً وجودياً، كما أن رؤية الشرع لسوريا كدولة حديثة تصطدم بواقع ميداني عنيد، حيث تتوزع القوة على أطراف لا تعترف بالدولة، ولا تسير وفق مشروعها، بل تحاول عرقلتها أو استثمارها لمصلحة أجنداتها الخاصة، فالسيطرة السياسية وحدها لا تكفي، والميدان لا يزال ساحة مفتوحة.

أضف إلى أن الوجود التركي في الشمال يشكل ورقة ضغط صعبة في أي مفاوضات تطبيع غربي – سوري، كما السخط الشعبي من الدولة العميقة الأسدية، التي لم يتم تفكيكها كلياً، وتشكل عائقاً أمام أي مشروع إصلاح فعلي.

هل تعيد سوريا تعريف ذاتها؟

من دولة عقائدية – أمنية إلى دولة تبحث عن 'شرعية جديدة' عبر البراغماتية والانفتاح ومستقبل مشروط، لم تكن سوريا يوماً دولة عادية في ميزان القوى، ومنذ أن وضعت بيضها في سلة المعسكر الاشتراكي نسجت هوية مقاومة مغلقة على العالم، واليوم، وبعد نصف قرن من الاصطفاف، تقف على عتبة انتقال جديد، أكثر تعقيداً من السابق، ومع أن العودة للنظام العالمي ليست مستحيلة، لكنها تتطلب دفع أثمان سياسية وأمنية.

الفكاك من الإرث البعثي – الأسدي ليس سهلاً، لكنه بات شرطاً لامتلاك مستقبل مستقل، وباختصار سوريا تحاول الخروج من تاريخ طويل من العلاقات الصلبة نحو توازنات جديدة، حيث لا الأيديولوجيا تنفع، ولا التحالفات القديمة تكفي، هي لحظة اختبار لنظام جديد، ولدولة تحاول أن تتخلص من ثقل الماضي من دون أن تتفتت في الطريق.

وما يفعله الشرع ليس مجرد تصحيح لمسار، بل انقلاب على سردية كاملة، يخرج سوريا من معسكرها الشرقي – الإيراني، ويضعها في مسار هندسته عواصم القرار في الغرب، برعاية خليجية واضحة، إنها سوريا الجديدة، بلا بعث، ولا محور مقاومة، ولا شعارات فارغة، بل سوريا تبحث عن سلام يعيدها إلى الخريطة، ولو بثمن مرتفع.

من الانغلاق إلى الانفتاح... سوريا تعيد تعريف نفسها من الانغلاق إلى الانفتاح... سوريا تعيد تعريف نفسها من الانغلاق إلى الانفتاح... سوريا تعيد تعريف نفسها
موقع كل يومموقع كل يوم

أخر اخبار سوريا:

مراسل سانا: غارات لطيران الاحتلال الإسرائيلي تستهدف العاصمة دمشق

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
23

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2085 days old | 137,399 Syria News Articles | 2,524 Articles in Jul 2025 | 105 Articles Today | from 45 News Sources ~~ last update: 12 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



من الانغلاق إلى الانفتاح... سوريا تعيد تعريف نفسها - sy
من الانغلاق إلى الانفتاح... سوريا تعيد تعريف نفسها

منذ ٠ ثانية


اخبار سوريا

بنك الهند يتوقع خفض أسعار الفائدة إذا تباطأ التضخم - kw
بنك الهند يتوقع خفض أسعار الفائدة إذا تباطأ التضخم

منذ ٠ ثانية


اخبار الكويت

انتصاران سهلان للصداقة والجيش في كرة اليد - lb
انتصاران سهلان للصداقة والجيش في كرة اليد

منذ ثانية


اخبار لبنان

ضبط المتهمين بسرقة أحد الأشخاص بالإكراه بمدينة نصر - eg
ضبط المتهمين بسرقة أحد الأشخاص بالإكراه بمدينة نصر

منذ ثانية


اخبار مصر

تحذير عال الخطورة من ثغرات أمنية في منتجات غوغل .. فيديو - sa
تحذير عال الخطورة من ثغرات أمنية في منتجات غوغل .. فيديو

منذ ثانية


اخبار السعودية

بـ15 جنيها.. طعام يخفض السكر ويحارب السرطان وينقص الوزن - eg
بـ15 جنيها.. طعام يخفض السكر ويحارب السرطان وينقص الوزن

منذ ثانية


اخبار مصر

لليوم الثالث.. انتظام أعمال تصحيح الشهادة الثانوية الأزهرية بالقليوبية - eg
لليوم الثالث.. انتظام أعمال تصحيح الشهادة الثانوية الأزهرية بالقليوبية

منذ ثانية


اخبار مصر

بدر كلشات: نرفض أي تصريحات تمس حقوق أندية المهرة - ye
بدر كلشات: نرفض أي تصريحات تمس حقوق أندية المهرة

منذ ثانية


اخبار اليمن

خلال 24 ساعة .. 40 شهيدا و134 مصابا ضحايا مجازر الاحتلال في غزة - ps
خلال 24 ساعة .. 40 شهيدا و134 مصابا ضحايا مجازر الاحتلال في غزة

منذ ثانيتين


اخبار فلسطين

 الشائعات وتأثيرها على الزيادة السكانية ندوة لمجمع إعلام قنا بقرية الترامسة - eg
الشائعات وتأثيرها على الزيادة السكانية ندوة لمجمع إعلام قنا بقرية الترامسة

منذ ثانيتين


اخبار مصر

تسجيل 17 مليون عبوة منتهية الصلاحية ضمن مبادرة سحب الأدوية (تفاصيل) - eg
تسجيل 17 مليون عبوة منتهية الصلاحية ضمن مبادرة سحب الأدوية (تفاصيل)

منذ ثانيتين


اخبار مصر

نائب وزير الصحة تشيد بجهود المنوفية في تحسين المؤشرات السكانية - eg
نائب وزير الصحة تشيد بجهود المنوفية في تحسين المؤشرات السكانية

منذ ثانيتين


اخبار مصر

خطة إسرائيلية لإنشاء منطقة لتجميع أبناء القطاع بعد تهجيرهم - lb
خطة إسرائيلية لإنشاء منطقة لتجميع أبناء القطاع بعد تهجيرهم

منذ ثانيتين


اخبار لبنان

الكتب المستعملة ملاذ للباحثين عن المؤلفات النادرة (فيديو) - ma
الكتب المستعملة ملاذ للباحثين عن المؤلفات النادرة (فيديو)

منذ ثانيتين


اخبار المغرب

الذهب يخسر أكثر من 22 دولارا مع ارتفاع التضخم في أمريكا وصعود الدولار - sa
الذهب يخسر أكثر من 22 دولارا مع ارتفاع التضخم في أمريكا وصعود الدولار

منذ ثانيتين


اخبار السعودية

مقتل 8 أشخاص في انفجار بمصنع للألعاب النارية في الهند - jo
مقتل 8 أشخاص في انفجار بمصنع للألعاب النارية في الهند

منذ ٣ ثواني


اخبار الاردن

أبين.. أبناء لودر يطالبون بفتح طريق عقبة ثرة تزامنا مع زيارة وفد قبلي - ye
أبين.. أبناء لودر يطالبون بفتح طريق عقبة ثرة تزامنا مع زيارة وفد قبلي

منذ ٣ ثواني


اخبار اليمن

تراجع أسعار الذهب في مصر بنهاية تعاملات الثلاثاء.. وعيار 21 يسجل 4640 جنيها - eg
تراجع أسعار الذهب في مصر بنهاية تعاملات الثلاثاء.. وعيار 21 يسجل 4640 جنيها

منذ ٣ ثواني


اخبار مصر

معرض الكتاب 2025.. بيت الحكمة يطرح نزار قباني في مصر - eg
معرض الكتاب 2025.. بيت الحكمة يطرح نزار قباني في مصر

منذ ٣ ثواني


اخبار مصر

مقترح برلماني بحظر الترخيص لأي منشأة أو عقار دون جراج - eg
مقترح برلماني بحظر الترخيص لأي منشأة أو عقار دون جراج

منذ ٣ ثواني


اخبار مصر

من بيروت.. وزير الداخلية الكويتي: حزب الله سيبقى على لائحة الإرهاب - ye
من بيروت.. وزير الداخلية الكويتي: حزب الله سيبقى على لائحة الإرهاب

منذ ٣ ثواني


اخبار اليمن

مسيرة للدراجات غدا احتفاء بعيد الاستقلال - jo
مسيرة للدراجات غدا احتفاء بعيد الاستقلال

منذ ٣ ثواني


اخبار الاردن

وصل لمعدلات غير مسبوقة.. الأمم المتحدة تدعو لمواجهة ارتفاع مستوى سطح البحر - sa
وصل لمعدلات غير مسبوقة.. الأمم المتحدة تدعو لمواجهة ارتفاع مستوى سطح البحر

منذ ٤ ثواني


اخبار السعودية

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل