×



klyoum.com
syria
سوريا  ١٥ أب ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
syria
سوريا  ١٥ أب ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار سوريا

»ثقافة وفن» تلفزيون سوريا»

أملاح وأحلام | قصة

تلفزيون سوريا
times

نشر بتاريخ:  الجمعه ٢٥ نيسان ٢٠٢٥ - ١٤:٣٠

أملاح وأحلام قصة

أملاح وأحلام | قصة

اخبار سوريا

موقع كل يوم -

تلفزيون سوريا


نشر بتاريخ:  ٢٥ نيسان ٢٠٢٥ 

تسلّم عروة حصةَ عائلته من المواد الغذائية المخصَّصة لمنكوبي الحروب والكوارث، لكنّه تفاجأ هذه المرة أيضاً بعدم وجود الملح.

ولأنَّه لا يستسيغ الطعامَ باهتاً؛ سأل موظفَ المنظمة عن حصته من الملح..

-لم يعد هناك ملح، أجابه الموظف دون تعقيب.

زمَّ شفتيه مستغرباً، ومنعه ما تبقى من كبريائه أن يسأل أكثر عن السبب، ثمَّ حمل كيس المعونة متجهاً إلى البيت.

كيس المعونة كان يتناقص أيضاً بشكل دوري، لكنه سيتغاضى ويصبر على حيازة هذا القليل إرضاءً للكثيرِ من عياله، لقد علّمته سنواتُ الغربة والحياة بعد الزواج أنَّ القليل لا يُقال له قليل، خصوصاً أمام أغلب موظفي المنظمات الإغاثية، الذين يحفظون جيداً لاءات النظام الداخلي لمنظمتهم (لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم).

قبل زواجه التقليدي، كان عروة يحفظ الكثيرَ من أشعار الغزل في الجامعة، وينتظر أن تمرَّ به فتاة أحلامه التي تهديه وردة جوري، فيقول لها:

قليلٌ منكِ يكفيني، ولكن   قليلُكِ لا يُقالُ له قليلُ

كان يردِّدُ هذا البيت الشعري كثيراً في سِرِّه، ولسوء حظه لم يقله علانيةً إلا أمام ذلك الموظف نفسِه في الشهر الماضي؛ استعطافاً وتزلُّفاً، مع الانتباه إلى مخاطبة المذكَّر وليس المؤنث.

'أيُّ قدرٍ مسَخَ المقصودَ في هذا البيت!' قال عروة.  

أعاده إلى الواقع التفكيرُ بصغاره، وفي طريق عودته تفاجأ أكثر بإجابات كل أصحاب الدكاكين، الإجابات المشابهة لكلام موظف المنظمة الإغاثية:

قال لنفسه: لعلّها لعبةٌ من تجَّار الجملة الذين يحتكرون أطناناً من الملح في المستودعات لكي يبيعوها بأرباحٍ مضاعفة وقت الحاجة، هي مسألة وقت إذاً، ويعود الملح إلى الدكاكين والمطابخ.. سوف أشتري كيسين بدل الكيس الواحد.

لكنَّ القنوات الإخبارية المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي أكَّدت على نفاد الأسواق المحلية من الملح.

قال محللون اقتصاديون واستراتيجيون: إنَّ السبب ربَّما يعود إلى التلوث البيئي الذي أفقدَ الملح البحري والصخري كثيراً من الخصائص الكيميائية، وبالتالي لم يعد بالجودة نفسِها وبالتأثير نفسِه؛ فامتنعت الشركات العملاقة عن استخراجه.

وقال شعراء: 'هذي الحياةُ باهتة، والملحُ أصبح باهتاً..'

وقال بلاغيُّون: 'الكلمات أيضاً فقدت دوائر معانيها؛ فأصبحت بلا نكهة، ولا جدوى منها...المِلحُ هو الحُلمُ '

أضاف رجلٌ حكيم يعاني من صعوبة في التنفس: 'الملحُ مثل الهواء، منسيّ القيمة لشدةِ ألفتنا له، فإذا فُقِد عَرفنا كم كنَّا مغبونين!'.    

بات الحديثُ الشعبي المتداول بشكلٍ يومي يدور حول الملح وكيفية الاستعاضة عنه، وجاءت الأخبار بأَّنّ العديد من المؤتمرات سوف تُعقد لذلك.

هزل جسم عروة وأصبح كثيرَ الشكوى، سريعَ الغضب، وفقد الكثير من حِلمه المعروف عنه. قالت له زوجته: نحن نعاني من ارتفاع ضغط الدم، أليس الطعام الخالي من الملح هو الطعام الصحي؟

ومرّت الأيام والأسابيع وتلتها شهورٌ بلا ملح، وعروة وزوجته وصغاره يأكلون كغيرهم من سكان المدينة طعاماً باهتاً، فصاروا يتكلمون كلاماً مبتوراً، وأصبحت وجوهُهم باهتة وأحلامهم بلا ألوان.

كذلك جيرانهم في الحيِّ نفسِه، وفي الأحياء المجاورة أيضاً، الذين استخدموا حبات الليمون بدلاً من الملح في الطعام- أصبح كلامهم حامضاً وأفواههم مليئة بالمرارة، مع اصفرارٍ في الوجه وحرقةٍ في المعدة.

ازدادت حالة عروة سوءاً، وصار متشائماً، حتى إنه سمَّى ابنه الذي قدم إلى الحياة مؤخّراً (باهت)!... باهت بن عروة بن مالح.

عاتبته زوجتُه كثيراً على هذا الاسم الذي لا يليق بطفلٍ بريء، لكنَّه أصرَّ على التسمية إلى أن رأى أباه (رحمه الله) في المنام، كان الملحُ ينزُّ من عينيه الحمراوين، وظلَّ يعاتبه بقسوة على اختياره اسم (باهت)، فاستيقظ مذعوراً يلهث بعطش كأنَّ لهاته مدفونةٌ بالملح.

استعاذ من الشيطان، شربَ قليلاً من الماء، ثمَّ عاد إلى نومه بصعوبة متشاطئاً مع ذلك الصوت البعيد:

- [يا عروة، يا بن مالح، لقد سميتُكَ وأحسنتُ تسميتَكَ، واستبشرتُ بكَ خيراً، وربَّما كنتُ مخطئاً عندما توسَّمتُ فيكَ شيئاً مختلفاً عن أترابِكَ في المدرسة.

كبرتَ يا عروة، وكبرتْ تلك النخلة التي زرعتُها في يوم ميلادك؛ لتكون أختاً لكَ، تلعبُ معها وتتفيَّأ بظلها وتحاورها، وتستمد القوَّةَ والكبرياء من وقفتها على طريقة الشعراء من فرسان بني عبس.

كنتُ أسقيها بماء الفرات المقدَّس، وأرعاها وأتفقدها مثلما يتفقدُ الأبُ ابنه.

لقد تمالحتُما أنتَ وهذه النخلة من طمي الفراتِ نفسِه، هكذا قلتُ لكَ مرَّةً، ولا أدري إن كنتَ تذكرُ ذلك أم لا؟ 

وها أنتَ، منذُ أن ابتعدتَ عن برودة الوحلِ المالح تحت قدميكَ الحافيتينِ في الصيف، أصبح بيتُكَ مهجوراً، فلم تبنِ بيتاً في الغربة ولم تحافظ على بيتك الذي أورثتُك إيَّاه!

 أتظنُّ أنَّ العلمَ وحده يبني البيوت الدافئة؟

ذاك كلام الشعراء يا عروة، فأبوك كان أُمِّيَّاً، لكنَّه بنى بيوتاً كثيرة وكبيرة، وكذلك فعل جَدُّك!]  

كان صوتاً بنبرةٍ مخيفة، أصغى إليه عروة جيداً بأذنيه اللتين مُلِئتا مِلحاً بشكلٍ مفاجِئ. 

موقع كل يومموقع كل يوم

أخر اخبار سوريا:

"إسرائيل الكبرى".. الأمير تركي الفيصل يشعل ضجة برد على نتنياهو وأخذ أراضي عربية منها سعودية

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
6

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2114 days old | 141,750 Syria News Articles | 1,855 Articles in Aug 2025 | 13 Articles Today | from 45 News Sources ~~ last update: 7 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


لايف ستايل