اخبار سوريا
موقع كل يوم -الجماهير
نشر بتاريخ: ٢٨ أب ٢٠٢٥
الجماهير ||محمود جنيد ..
يشكل واقع الإيجارات في حلب كابوسًا يقض مضاجع القاطنين المؤقتين، حيث يقف شبح الإخلاء بعد انقضاء المدة عقبة أمام استقرارهم، بينما يشدد مالكو العقارات الخناق بشروطهم المادية المجحفة، مدعومين بعمولات المكاتب العقارية الباهظة، لم يعد هم المواطن تأمين لقمة العيش فحسب، بل صار تأمين السقف الذي يأويه هاجسًا يستنزف ما تبقى من دخله، لتتحول العلاقة التعاقدية البسيطة إلى معاناة يومية، خاصةً لمن لا يملكون سقفًا يحميهم من قسوة الغلاء وطمع المتلاعبين.
• عرض وطلب أم استغلال؟
تتجاوز أسعار الإيجارات في مدينة حلب كل حدود المنطق والقدرة المالية للمواطن البسيط، في سوقٍ تخلو من أي ضوابط أو رقابة قانونية فاعلة. يبرر أصحاب المكاتب العقارية هذا الارتفاع الصاروخي بمبدأ 'العرض والطلب'، نتيجة للتضخم العام، وغلاء مواد البناء، وندرة الوحدات السكنية الآمنة. لكن العامل الأبرز يبقى هو 'الطمع والجشع' الذي استشرى لدى بعض المالكين، محولين الحاجة الأساسية للسكن إلى سلعة للمضاربة بلا رحمة.
• خلف كل عقد إيجار.. معاناة!
وراء كل عقد إيجار جديد، قصة معاناة إنسانية ترويها 'الجماهير'. أسرة تتشتت؛ حيث تضطر الأم وابنتها للعودة إلى منزل الأهل المكتظ، بينما يعيش الأب وابنه حالة من التشرد، متنقلين بين حديقة وأخرى لعجزه عن تأمين غرفة واحدة بأسعارٍ وصفها بـ'الجنونية'. من جهته، يفكر 'أبو زكور' جدياً ببناء كوخ من الصفيح على أطراف المدينة بحثًا عن سقفٍ يظله وعائلته، بينما تغيب الحلول الرسمية عن المشهد رغم تفاقم الأمور إلى أسوأ الحدود.
• عمولة المكاتب.. القاعدة القديمة في زمن الأسعار الجنونية
في خضم هذه الأزمة، تبرز قضية 'عمولة المكاتب العقارية' كنموذج صارخ على القواعد البالية التي لم تتغير رغم تغير كل الظروف. فبينما كانت عمولة شهر واحد مقبولة عندما كان الإيجار بضع مئات، أصبحت اليوم – مع تضاعف القيمة آلاف المرات – مبلغًا خياليًا يثقل كاهل المستأجر الذي يعاني أصلًا من تأمين الإيجار نفسه، كما يوضح المواطن محمد داية.
• لمن تدفع العمولة؟ إصلاح الخلل الاجتماعي
وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا يدفع المستأجر الضعيف العمولة؟ يرى 'أبو نبيل' وغيره من المتضررين أن الأجدر هو نقل عبء هذه العمولة إلى المالك، فهو المستفيد الأول من الوساطة التي تؤمن له مستأجرًا، وهو الطرف الأقدر ماليًا في معظم الأحيان. هذا التعديل ليس مجرد قرار تقني، بل هو تصحيح لخلل اجتماعي وأخلاقي عميق.
• جولة على المكاتب العقارية: مبدأ العرض والطلب هو السائد
جولة على مكاتب العقارات في أحياء الجميلة والسكري والأنصاري والميريديان، تؤكد سيادة منطق 'العرض والطلب'، مع اعتراف الجميع بزيادة الأسعار بنسب متفاوتة عن العام الماضي، ونفي أي انخفاض. ويتمسك أصحاب المكاتب بحقهم في العمولة مقابل الخدمة التي يقدمونها، غير مكترثين بالجهة التي ستدفعها، المستأجر أم المالك.
• نداء أخير.. قبل أن تتحول المدينة إلى سوق للمضاربة
أخيرًا، وحتى لا تتحول المدينة، التي تُبذل الجهود لإعمارها من تحت الرماد، إلى سوق للمضاربة على حاجة الناس، لا بد من خطوات عاجلة تضع الإنسان فوق أي ربح. الحلول العملية والحاسمة أصبحت ضرورة ملحة، بدءًا من تنظيم العمولات ونقل عبئها، وصولاً إلى التفكير بإنشاء صندوق إسكاني يدعم ذوي الدخل المحدود، حمايةً للكرامة الإنسانية وتماسك المجتمع.
#صحيفة_الجماهير