اخبار سوريا
موقع كل يوم -الوكالة العربية السورية للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٧ حزيران ٢٠٢٥
دمشق-سانا
ضمن فعالية ثلاثة أيام من الفن والذاكرة 'لمن لم يُذكر ولن يُنسى' استضاف المتحف الوطني في دمشق جلسة حوارية عن أثر الغياب وأهمية الذاكرة والعدالة، تضمنت رسائل تعتصرها آلام أهالي المعتقلين والمفقودين والمغيبين قسراً من السوريين الذين اعتقلهم وقتلهم النظام البائد.
الجلسة التي أقيمت مساء أمس وأدارها الطبيب النفسي المعتقل سابقاً جلال نوفل، أتاحت سرد أوجاع ذوي الضحايا، وكيف تم اعتقال وفقدان أو استشهاد أبنائهم، ومطالبهم الراهنة بالعدالة لكل من شارك بجرائم النظام البائد، في إطار تنظيم الجهود لإيصال أصواتهم لكل العالم.
-الهيئة العامة للمفقودين تواصل عملها الحثيث
وقال ممثل الهيئة الوطنية للمفقودين عمار العيسى: إن المشاركة في الفعالية مسؤولية أخلاقية، واعتبار إنساني قبل أن يكون رسمياً، فمعرفة مصير جميع المفقودين حقٌ لا يسقط بالتقادم وهو من أساسيات استقرار البلد.
ولفت العيسى إلى أن قضية المغيبين قسراً والمفقودين في سوريا ملف صعب ومعقد، وورثة 14 سنة من نظام إجرام تعامل مع القتل كآلة بيروقراطية معتادة، وكشف عن البدء بتشكيل الهيكليات والمديريات في الهيئة العامة للمفقودين لسماع كل الأصوات والأوجاع، وللتشبيك مع كل الجهات بشكل حثيث، مع وضع خطة للدعم النفسي لأبناء هذه الشريحة، واستصدار بطاقة شرف خاصة بهم.
-ذوو الضحايا: محاسبة المجرمين وتعويض الضحايا وعائلاتهم
وخلال الجلسة، وبكل ألم تحدث آباء وأبناء وزوجات وأشقاء الضحايا عن ظروف اعتقال ذويهم لأنهم خرجوا ضد النظام البائد، وكيفية اللقاء بهم خلف القضبان، إلى تلقي نبأ استشهادهم، والظروف الصعبة التي كابدوها بعد رحيلهم، واحتياجاتهم خلال المرحلة الحالية.
وطالبت والدة الشهيد علي صالح المشعل، التي عرفت مصير ابنها عبر صور قيصر، بتشييد نصب تذكارية لأسماء المفقودين ليكونوا بيننا دائماً، بينما لفتت والدة الشهيد عبدو سيد إلى استشهاد وحيدها وأزواج بناتها الذين تركوا 15 طفلاً يتيماً وأربع أرامل، يعيشون في المنزل نفسه، ما يتوجب دعمهم بصورة عاجلة.
كما تحدثت لينا شموط والدة الشهيد محمد ثائر شموط من حي الميدان كيف اعتقلتها قوات النظام الأسد المجرم وزوجها وأولادها الأربعة، ثم استشهد ابنها تحت التعذيب، ولم يتم إعطاؤهم جثمانه، وعرفته بعد فترة من صور قيصر، مطالبةً بإكمال ملف العدالة ومحاسبة من كتب التقرير الكيدي ضدهم.
ولفتت والدة الشهيد الصحفي الفلسطيني مهند عمر إلى ضرورة محاسبة المخبرين والقضاة الذين تسببوا باعتقال وفقدان واستشهاد أبنائهم، موضحةً أن ابنها لم يمسك سلاحاً، وأنه وشى به زميل يعمل معه ليبقى مصيره مجهولاً طوال ١٤ سنة، إلى أن عرفت مؤخراً أنه أُعدم بمعتقل صيدنايا، واعتبرت أن المصير المجهول أقسى من الاستشهاد بحد ذاته.
وطالبت والدة الشهداء الأطفال محمد أنس ومصطفى ومحمد معاذ سويد من منطقة القدم عسالي، بالقبض على من كتب التقرير بأطفالها الذين اعتقلوا وهم دون الـ18 عاماً.
-آلام مكتومة منذ 14 عاماً
ومن داريا، تحدثت والدة الشهداء أنس وحازم وغياث مطر باسم كل النساء اللواتي أتينَ لحضور الجلسة: إن أولادنا خرجوا من أجل الكرامة، واستشهدوا في سبيلها، واليوم بعد أن دمرت معظم بيوت داريا، نطالب باسترداد حقوقنا، وبدعم الأرامل وأولاد وأحفاد الشهداء، ومقاضاة من استولى على منازل أبنائنا، ووضع قانون لتسوية أوضاع الشهداء تحت التعذيب بشكل يحفظ كرامتهم، بعد أن صنفهم النظام البائد بأنهم توفوا جراء جلطات قلبية وما شابهها.
وأوضحت عطور شربجي من داريا زوجة شهيد ووالدة ثلاثة أطفال أن النظام اعتقل زوجها على الهوية فقط، وبعد بحث طويل زارته بعد عام تقريباً في صيدنايا، ولم تتمكن من التعرف عليه جراء التعذيب الشديد، وبعد استشهاده كانت تعامل باضطهاد في مؤسسات النظام البائد، واضطرت للعمل بظروف صعبة للغاية لتربي أطفالها، مطالبة بالعدالة الانتقالية وتعويض ذوي الضحايا.
الحصار الوحشي لمخيم اليرموك كان حاضراً أيضاً في الجلسة عبر نور رافع الحسين أخت أربعة شهداء، حيث روت قصة تهجيرهم من المخيم، واعتقال أجهزة أمن النظام البائد ثلاثة من أخوتها، بينهم مريض شلل نصفي، إثر تقرير كيدي، ثم قتل الأخ الرابع على حاجز اليرموك، مؤكدةً ضرورة إعادة إعمار منازل المخيم وبناه التحتية وتعويض المتضررين.
– الهدف إفساح المجال للصراخ عالياً
من جانبه، قال الطبيب المحاور جلال نوفل: إن سقوط النظام البائد وانتصار الثورة، أدى إلى سريان شعور كبير من الدعم النفسي الداخلي والأمان لذوي الضحايا والمعتقلين سابقاً، كما أن البوح بمثل هذه الجلسات، واستعادة الحقوق يسهمان بشكل كبير بعلاج حياتهم النفسية، لافتاً إلى ضرورة وضع آليات عدة لكشف مصير أبنائنا.
وقالت الناشطة وفا مصطفى: إن الهدف الأساسي من تنظيم هذه المساحة لذوي الضحايا هو إفساح المجال ليحكوا قصصهم المكلومة، التي استطاعت هي التعبير عنها طيلة تلك السنوات خارج سوريا بكل حرية بوصفها ابنة معتقل.
كما أكدت مهندسة الديكور رانيا النجدي أن هذه الفعالية إحياء لذكرى ضحايا كان محظوراً الحديث عنهم على مدى 14 عاماً من الظلم، وإيصال صوتهم لكل العالم، وسنبقى نواصل العمل حتى تعرف كل أم مصير ابنها، وتتعرف على جثمانه.
-هيئة وطنية للعدالة الانتقالية
وأصدر السيد الرئيس أحمد الشرع في الـ17 من أيار الماضي مرسومين، الأول يقضي بتشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين، والثاني بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، وتكلف الهيئة الأولى بالبحث والكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسراً وتوثيق الحالات وإنشاء قاعدة بيانات وطنية وتقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلاتهم، بينما تعنى الهيئة الثانية بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي تسبب بها النظام البائد ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية وجبر الضرر الواقع على الضحايا وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية.
تابعوا أخبار سانا على التلغرام والواتساب