اخبار سوريا
موقع كل يوم -اقتصاد و اعمال السوريين
نشر بتاريخ: ٢ أب ٢٠٢٥
لا تزال الكثير من المنظمات والهيئات الدولية تبذل جهوداً حثيثة في حصر حجم الدمار الذي خلّفه 13 عاماً من حرب النظام على المدن السورية. ففيما أكد البنك الدولي أن نسبة الدمار بالوحدات السكنية داخل مناطق الصراع تتراوح نسبته بين 27-33%، يكشف تحليل لصور أقمار صناعية أجراه معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب 'يونيتار' (UNITAR)، دماراً كبيراً في المباني داخل 16 مدينة سورية.
وبحسب التحليل، فإن مجمل عدد الأبنية التي دُمرت كلياً أو تعرضت لأضرار متفاوتة، كان على النحو التالي:
355 ألفاً و722 مبنى في حلب.
1415 في إدلب.
12 ألفاً و781 في الرقة.
6405 في دير الزور.
10 آلاف و529 في حماة.
13 ألفاً و778 في حمص.
34 ألفاً و136 في الغوطة الشرقية.
5489 في مخيم اليرموك والحجر الأسود.
3364 في الزبداني.
1503 في درعا.
ويرى خبراء في الشأن العقاري وفقاً لموقع 'الجزيرة نت' أن الأرقام المذكورة تمثل حصيلة أولية فقط للأضرار التي لحقت بالقطاع السكني في سوريا، نظراً لإصدارها في وقت مبكر، أي قبل انتهاء العمليات العسكرية، بالإضافة إلى أنه قد أُغفلت آلاف المنازل المتضررة في المناطق الريفية، لأسباب بعضها لوجستي.
أما على أرض الواقع، فقد كشف الموقع ذاته، وفق المقابلات الميدانية التي أجراها مع أصحاب المباني المدمرة، أن آثار الدمار لا تقتصر فقط على تكاليف إعادة الإعمار فحسب، بل هناك مأساة أخرى تتمثل بعدم قدرة هؤلاء على دفع تكاليف إيجار المنازل الجديدة إلى حين إعادة بناء المباني المدمرة التي تحتاج إلى عشرات ملايين الليرات، وهو أمر يفوق طاقة المواطن ذي الدخل المحدود، ويزيد من عمق المأساة التي يواجهها الشعب السوري.
بدوره حذّر الخبير الاقتصادي وليد القوتلي خلال حديثه للموقع، من التأثيرات السلبية لما يوصف بـ'أزمة ارتفاع إيجارات المنازل'، التي تعاني منها سوريا اليوم، والتي قد تطال آلاف العائلات اللاجئة التي تخطط لإلغاء إقامتها المؤقتة والعودة إلى البلاد، بعد أن فتح سقوط النظام المجال أمامها، وفق تعبيره.
وأوضح أن معظم العائلات التي فقدت منازلها خلال الحرب ولا تملك بدائل سكنية، تقف حائرة بين خيار العودة أو الانتظار ريثما تهدأ موجة ارتفاع الإيجارات مع بدء مشاريع إعادة الإعمار.
وشدد القوتلي على ضرورة وجود شركات إسكان وتطوير عقاري متخصصة، تتولى تنفيذ مشاريع متكاملة توفر وحدات سكنية عبر البيع أو الإيجار طويل الأجل، بالشراكة مع المصارف التقليدية أو الإسلامية، للتقليل من حدة الأزمة.
وتقدّر قاعدة بيانات موقع نومبيو، وهي منصة إلكترونية دولية مفتوحة المصدر، متوسط الإيجار الشهري لشقة من 3 غرف نوم في العاصمة دمشق بنحو 650 دولاراً، في حين يبلغ إيجار شقة بغرفة نوم واحدة حوالي 310 دولارات.
ويرى أصحاب مكاتب عقارية أن صعود الإيجارات إلى 4 أضعاف ما كانت عليه قبل عودة اللاجئين أصبح ظاهرة تشمل معظم المدن، لا سيما دمشق وحلب وحماة وحمص، التي تحولت إلى مقصد رئيسي للعائدين من تركيا ولبنان والأردن.
وأوضحوا أن المشرع السوري أخضع عقود الإيجار، وفقاً للقانون رقم 20 لعام 2015، لإرادة المتعاقدين، مما يستدعي إعادة تقييم بعض مواده في ضوء الانفلات الحاصل في سوق الإيجارات وارتفاعها إلى مستويات لا تتناسب مع دخول معظم السوريين.
من جهة أخرى، كشفت بيانات المكتب المركزي للإحصاء (وهي مؤسسة حكومية) عن تراجع كبير في حركة البناء خلال السنوات الأخيرة.
وأفاد التقرير الإحصائي لعام 2023 أن نسبة تراجع رخص البناء السكني في عام 2022 بلغت 56% مقارنة بالعام الذي سبقه، حيث تم منح 2033 رخصة مقابل 4624 رخصة في عام 2021.
كما تراجع عدد الوحدات السكنية في عام 2022 بمعدل 51%، ليبلغ نحو 8633 وحدة، مقارنة بـ17 ألفاً و476 وحدة سكنية في عام 2021.
وكان محافظ البنك المركزي السوري، عبد القادر حصرية، أعلن في تموز الماضي، عن تصميم نظام متكامل للتمويل العقاري، يوفر قروضاً ميسرة لتمكين المتضررين من إعادة بناء منازلهم، بدعم من مؤسسات دولية مانحة.
وقال حصرية عبر حسابه الرسمي في منصة 'إكس' إن النظام الجديد يراعي احتياجات الواقع ويضع أسساً عملية ومستدامة لهذا القطاع الحيوي، موضحاً أنه يتضمن تأسيس هيئة للتمويل العقاري، وصندوق ضمان، وتطوير مهنة التقييم العقاري. كما يشمل إطلاق مؤسسة وطنية للتمويل العقاري، وتمكين شركات تمويل خاصة للعمل ضمن ضوابط واضحة.
وأشار حصرية إلى أن النموذج السوري في التمويل العقاري استلهم تجربتين ناجحتين، الأولى دانماركية والثانية كندية، بما يتلاءم مع البيئة المحلية ويوفر فرص تمويل حقيقية تسهم في تحسين معيشة المواطن.
من جهتها، ربطت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نجاح واستدامة عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بتوفر المأوى وسبل العيش. وكشفت المتحدثة باسم المفوضية، سيلين شميت، عن عودة أكثر من 1.4 مليون سوري إلى ديارهم، بين لاجئ في دول الجوار ونازح داخلي.
ووصفت شميت، خلال مؤتمر صحفي عُقد في قصر الأمم بجنيف في نيسان الماضي، المرحلة التي تمر بها سوريا بأنها 'مرحلة مهمة لعودة اللاجئين بشكل طوعي'. وقالت 'إن العودة الناجحة والمستدامة تتطلب دعم العائدين في مجالات المأوى وسبل العيش والحماية والمساعدة القانونية'.
ورأت أن الوقت قد حان للاستثمار في تسهيل عودة من انتظروا هذه اللحظة منذ سنوات. ولهذا الغرض، أطلقت المفوضية برنامجاً عملياً لمساعدة 1.5 مليون لاجئ، ومليوني نازح داخلي، على العودة إلى منازلهم خلال العام الحالي. لكنها حذرت من أن النقص الحاد في تمويل هذا البرنامج قد لا يترك للعائدين سوى خيار مغادرة البلاد مرة أخرى.