اخبار سوريا
موقع كل يوم -قناة حلب اليوم
نشر بتاريخ: ٧ كانون الأول ٢٠٢٥
يبدأ موسم جديد في عدد من القرى المسيحية شمال سوريا، حيث تعود أولى العائلات إلى ديارها الأصلية بعد مرور أكثر من عام على إسقاط نظام بشار الأسد، في مؤشر ملموس على تحسن نسبي للأوضاع الأمنية رغم استمرار التحديات.
وتقف قصة عودة هؤلاء على أنقاض ذاكرة النزوح، فقبل اندلاع الحرب، كان يقطن القرى المسيحية التاريخية مثل الغسانية واليعقوبية والجديدة والقنية في غرب محافظة إدلب نحو 20 ألف شخص، ومع تصاعد وتيرة الصراع بين عامي 2013 و2015، تحولت هذه القرى إلى خطوط تماس وهدف لقصف مدفعي وجوي مكثف من قبل قوات النظام البائد، مما أجبر الغالبية الساحقة من السكان على الفرار، وتقلص عدد المسيحيين المتبقين في بعض هذه القرى إلى أقل من 500 شخص فقط، حسب تقديرات محلية.
عودة حذرة إلى واقع صعب
يسلط تقرير لموقع ميدل إيسو آي الضوء على الأوضاع هناك اليوم، فبعد أكثر من عام على سقوط نظام الأسد، بدأت أولى خطوات العودة، لكنها تتم في ظل ظروف صعبة، حيث تتفق شهادات العائدين على نقص الخدمات الأساسية.
تقول سمية إيغوب من قرية القنية: 'عدنا اليوم لنستنشق هواء قريتنا، رغم انعدام الماء والكهرباء والإنترنت… لكن رغم ذلك عدنا إلى أرضنا، إن شاء الله تتحسن الأوضاع بالكامل'، وتشير كلماتها إلى الإرادة القوية التي تدفع العائدين، رغم الافتقار إلى أبسط مقومات الحياة العصرية، مما يجعل التواصل مع الأبناء الذين بقوا في مناطق أخرى تحدياً بحد ذاته.
يشعر البعض الآخر، مثل حنا جيلوف، بأن الأوضاع بدأت تتحسن بالفعل، ويشيد بالدعم الذي تلقاه من رجال الدين المحليين، قائلاً: 'الأب لؤي ساعدنا كثيراً… أشعر أن الحياة باتت أفضل مما كانت عليه سابقاً'، بينما يختصر ليفان مواس شعوراً مشتركاً بالانتماء، قائلاً: 'نحن هنا منذ قرون، ومتجذرون في هذه الأرض'.
مخاوف متبقية في ظل استقرار هش
لا تزال هذه العودة تجري في ظل مناخ من القلق والخوف، فخلال سنوات الحرب، تعرضت القرى والأديرة المسيحية لهجمات مختلفة، وقد حاولت السلطة الجديدة بقيادة أحمد الشرع طمأنة الأقليات، بما فيها المسيحيين، بأنهم سيكونون آمنين في البلاد.
لكن أحداث العام الماضي أثارت مخاوف جديدة؛ فالتوترات في مناطق الساحل ذات الأغلبية العلوية، والاشتباكات العنيفة في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، تذكر بسهولة عودة التوترات الطائفية، كما أن المخاوف من هجمات متبقية لتنظيم الدولة، أو تحركات من فلول النظام البائد في الساحل تظل مصدر قلق دائم.
وقد دفعت هذه التوترات السنة الماضية رؤساء الكنائس في سوريا إلى تقديم نصائح للمسيحيين بـ'عدم المبالغة' في احتفالات عيد الميلاد، رغم التأكيدات على احترام حرية الممارسة الدينية.
بين عودة الأمل وبقاء التحديات
تمثل عودة هؤلاء المسيحيين إلى قُراهم إشارة أمل هامة، فهي – وفقا للتقرير – تعكس ثقة متنامية في الاستقرار الأمني النسبي الذي فرضته السلطة الجديدة، وتؤكد على عمق الارتباط بالأرض الذي يتجاوز سنوات المعاناة، لكن هذه الخطوة تبقى محفوفة بالمخاطر في ظل استمرار التوترات في مناطق متعددة من البلاد.
تظهر هذه القصة أن طريق التعافي الكامل في سوريا طويل ومعقد، فبينما تبدأ الحياة في العودة إلى بعض القرى، تظل الحاجة ملحة لإعادة الخدمات الأساسية، وبناء الثقة بين المكونات المجتمعية، وضمان استمرارية الأمن، حتى تصبح العودة خياراً ممكناً لجميع النازحين، وليس مجرد مغامرة شجاعة لقلة قليلة مستعدة لمواجهة قسوة الواقع اليومي.




































































