اخبار سوريا
موقع كل يوم -درج
نشر بتاريخ: ٢٨ تموز ٢٠٢٥
'تحاول شركة أجنحة الشام محو الصورة القديمة السلبية وما رافقها من انتهاكات ومحسوبيات وعلاقات مع النظام، وهي تسعى بشكل أو بآخر الى تمييع العقوبات بخلق كيانات جديدة ومتعددة وإلغاء الشركات القديمة والدخول في شركات وواجهات متعددة، فيصبح من الصعب التحقق من تنفيذ العقوبات على الشركات والأشخاص المعاقبين'.
في 5 حزيران/ يونيو الماضي، أُعلن في العاصمة السورية دمشق رسمياً عن إطلاق شركة 'فلاي شام' FLYCHAM باعتبارها مملوكة لشركتين، إحداهما إماراتية والأخرى سورية يملكهما رجل أعمال إماراتي.
خلف هذا الإعلان كانت الإدارة الفعلية والتشغيلية نفسها بيد كوادر 'أجنحة الشام' السورية للطيران، التي يملكها محمد عصام شموط، رجل الأعمال السوري، المُدرج على قوائم العقوبات الأميركية والأوروبية.
ما سبق كان بمثابة عملية إعادة تموضع في السوق عبر الاستحواذ على شركة 'أجنحة الشام' بموافقة الحكومة السورية، ومن ثم تغيير اسمها إلى 'فلاي شام' واسم ملاكها بطبيعة الحال بسبب تغيّر الملكيات، ومن ثم إعادة تقديمها الى الأسواق باسم جديد، على ما يكشف هذا التحقيق الاستقصائي.
على رغم رفع معظم العقوبات عن سوريا مطلع تموز/ يوليو الحالي، استثنت الولايات المتحدة شركة 'أجنحة الشام' من القرار، وأبقتها على قائمة العقوبات بموجب الأمر التنفيذي 13224 المعدل، لارتباطها بعصام شموط، المُدرج على لائحة العقوبات والمجمّدة ممتلكاته بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، المعدل.
قبل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا، وتحديداً في 29 أيار/ مايو 2025، ورد كتاب إلى الهيئة العامة للطيران المدني السوري من شركة 'فلاي شام' حول تغيير اسم الشركة، وتحديد الملاك الجدد، من دون أن يَذكر الكتاب اسم الشركة المراد تغيير اسمها، وأرفقت الشركة في الكتاب الذي حمل الرقم 16/ص صورة عن السجل التجاري الذي حمل الرقم 14683، وذكرت في معرض الكتاب أنه تم تعديل أسماء الشركاء ليصبح مالك الشركة، شركتَي 'روضة الريف لخدمات إدارة المشاريع الإماراتية'، و'روضة الريف السورية'، وأشارت إلى تعيين مدير جديد للشركة ونائب له.
لكن قراراً رقمه 1842 صادراً عن وزير الاقتصاد والصناعة السوري في 11 أيار/ مايو الماضي، اطلع عليه الصحافيون، صادق على قرار الهيئة العامة لـ'أجنحة الشام للطيران المحدودة المسؤولية' الذي انعقد في 8 أيار/ مايو، وقضى بتغيير اسمها إلى شركة 'فلاي شام للطيران محدودة المسؤولية'.
إلى جانب ذلك، تثبت قواعد بيانات الشركات في السجل التجاري السوري، أن تأسيس 'أجنحة الشام' الذي تم في 30 تموز/ يوليو 2006 برأسمال 500 مليون ليرة سورية، تحت سجل تجاري رقمه 14683، يتطابق مع بيانات 'فلاي شام للطيران محدودة المسؤولية'، حيث حلّت محلّها في السجل التجاري نفسه وفي التاريخ ذاته، ومقدار رأس المال نفسه أيضاً، وتحمل رقم السجل التجاري نفسه، لكن حصل تغيير في الملاك.
وفيما كان مؤسسا 'أجنحة الشام' ومالكاها محمد عصام بن محمد أنور شموط ومحمد نور بن محمد أنور شموط، أصبح مالك 'فلاي شام' الجديدة هو الشركة الإماراتية 'روضة الريف لخدمات المشاريع ذ.م.م'، وشركة 'روضة الريف لخدمات إدارة المشاريع المحدودة المسؤولية' كشريك سوري.
ما حصل هو أنه عند عملية التنازل عن الحصص، لم تلغَ شركة أجنحة الشام، بل حل محلها اسم جديد وملاك جدد على رقم السجل التجاري نفسه للشركة ذي الرقم 14683. أي أن شركة أجنحة الشام التي تأسست في 2006 حلت محلها الشركة الجديدة في السجل التجاري ذاته.
يقول منذر عبد الهادي، وهو محامٍ متخصص في القانون التجاري، معلقاً على جزئية تغيير الاسم والملاك: 'رقم السجل التجاري هو هوية الشركة القانونية مثل رقم بطاقة الهوية للشخص، وبقاؤه ثابتاً يعني أن الكيان القانوني لم يتغيّر، حتى لو تغير الاسم أو الشركاء أو النشاط'. ويضيف: 'إذا كانت شركة أجنحة الشام خاضعة لعقوبات دولية مثل عقوبات أميركية أو أوروبية، فإنها تريد إظهار أن الكيان تغيّر، في حين أنه فعليًا لم يتغيّر سوى الاسم'.
يقول توماس نوك من موقع Planespotters.net، المتخصص بمراقبة حركة الطيران وبيانات ملكية الطائرات، في تصريح لـ'سراج': 'أعادت شركة أجنحة الشام للطيران تسمية نفسها 'فلاي شام'. يُمكنكم التحقق من ذلك بسهولة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي أو قنوات التواصل الاجتماعي'.
وأضاف نوك: 'تُشغل [الشركة] الطائرة المسجلة YK-BAG لصالح الخطوط الجوية السورية منذ شهر أيار/ مايو 2025، نفترض أن هذا عقد إيجار شامل، أي إن شركة أجنحة الشام للطيران تؤجر الطائرة، بما في ذلك الطاقم والصيانة والتأمين (ما يُسمى بعقود الإيجار الشاملة ACMI)، للخطوط الجوية السورية.
وأشار نوك إلى أن نقل بيانات ملكية الطائرات من شركة أجنحة الشام جاء بناء على مصادر 'بيانات تتبع الرحلات وتقارير من مواقع إلكترونية مع صور للطائرة'.
بيع بقرار قضائيّ
قبل الوصول إلى مرحلة مخاطبة الهيئة العامة للطيران المدني السوري لتغيير اسم الشركة، إيذاناً بإشهار اسم الناقل الجديد (فلاي شام) وإعلانه، سبقت ذلك مراحل من نقل الملكيات والتنازل تمت بين الطرفين، إذ حُرِّر عقد اتفاق ضمني بين الأطراف ونُقلت فيه الحصص بالشركة، ومن ثم ثُبِّت بقرار قضائي أمام محكمة تجارية من دون بيان قيمة الصفقة التي عُقدت بين الطرفين، وبقيت غامضة ولم تظهر المبالغ المالية التي دُفعت مقابل حصص الشركة '.
في 2 آذار/ مارس 2025، رفع رجل الأعمال، محمد عصام شموط، مالك الحصة الأكبر في شركة 'أجنحة الشام' (84 في المئة من رأس المال) دعوى قضائية نقل من خلالها 137,500 حصة من أصل حصته البالغة 210 آلاف حصة في شركة 'أجنحة الشام'، والتي تمثل نسبة 55 في المئة من كامل رأس مال الشركة (250 ألف حصة)، إلى 'شركة روضة الريف لخدمات إدارة المشاريع' ذات الشخص الواحد المحدودة المسؤولية التي يملكها نواف محمد مهدي حسين عبدالله الحامد الهاشمي، من دون أن تُذكر القيم المادية لهذه الحصص، أو يُثبت ذلك آنذاك في الدوائر الحكومية السورية.
واستندت المحكمة وفق المعلومات في دعوى نقل الملكية رقم 134 أساس 1922 لعام 2025، على محضر بيع وتنازل أشارت إليه الدعوى أنه حصل بين الطرفين في دبي، في الإمارات العربية المتحدة، بتاريخ الأول من شهر كانون الثاني/ يناير 2020، بعنوان 'اتفاقية بيع وشراء حصة في شركة تجارية'، واتفق الطرفان الأول: محمد عصام محمد أنور شموط، والثاني: شركة روضة الريف لخدمات إدارة المشاريع ذات الشخص الواحد المحدودة المسؤولية المسجلة في أبو ظبي، على أن يبقى الشريك الآخر، محمد نور شموط بن محمد أنور، الذي يملك نسبة 45 في المئة من رأس مال شركة 'أجنحة الشام'، مديراً للشركة وآمراً للصرف، وأن يتقاضى 10 في المئة من صافي أرباح الشركة، كبدل إدارة يُقتطع قبل توزيع الأرباح على الشركاء.
اللافت أنه في التاريخ نفسه 2 آذار/ مارس 2025، ظهر في 'محضر بيع وتنازل عن الحصص' آخر، اسم الشركة السورية للاستشارات التجارية المحدودة المسؤولية كمشتر جديد لحصص الأخوين شموط، وكان المستفيد النهائي من التنازل هو الشركة الإماراتية 'روضة الريف لخدمات إدارة المشاريع المحدودة المسؤولية' لتصبح حصتها في الشركة 137,500 حصة إلى جانب شركة 'روضة الريف السورية 'التي أصبحت تملك 122 ألف حصة، وهو ما مجموعه 250 ألف حصة.
بينما أُدرجت 'الشركة السورية للاستشارات التجارية' كمشتر رسمي اختفى اسمها لاحقًا من الحكم القضائي النهائي الصادر في 26 آذار/مارس، والذي اعتمد بيع الحصص لصالح شركة 'روضة الريف'، من دون أي تفسير رسمي لاختفاء الشركة السورية من مسار البيع.
بعد شهرين تقريباً، جاء في وثيقة أخرى (كتاب) برقم 7380 أرسلتها شركة 'أجنحة الشام' بتاريخ 8 أيار/ مايو 2025، إلى وزارة الاقتصاد والصناعة السورية/ مديرية الشركات، تبلغها أن محمد عصام شموط تنازل وفق قرار صادر عن إحدى محاكم دمشق بتاريخ 26 آذار/ مارس 2025 مرة أخرى عن بقية حصته البالغة 72,500 حصة، مع الشريك الآخر محمد أنور شموط الذي تنازل عن حصته البالغة 40 ألف حصة والتي تمثل نسبة 45 في المئة من كامل رأس مال الشركة، لصالح شركة روضة الريف لخدمات إدارة المشاريع المحدودة المسؤولية والمسجلة في السجل التجاري السوري بتاريخ 19 آذار/ مارس 2025.
في هذا الكتاب أُغفل اسم الشركة السورية للاستشارات كمشترٍ، ولم يتم الإعلان عنها.
تأسست شركة روضة الريف لخدمات إدارة المشاريع المحدودة المسؤولية في سوريا بالقرار رقم 711 الصادر بتاريخ 2 آذار/ مارس 2025 برأسمال 50 مليون ليرة سورية، (رأس المال يعادل تقريبًا 5 آلاف دولار أميركي) موزعة على ألف حصة، يمتلكها الإماراتي نواف محمد مهدي الحامد الهاشمي. وبالتالي أصبحت حصص الشركاء من عائلة شموط الكاملة في شركة أجنحة الشام تعود الى شركتَي روضة الريف الإماراتية، والريف السورية.
يقول خبير قانوني فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية: 'هذا الترتيب، (اسقاط شركة من تتبع سلاسل البيع والتنازل) الذي شمل إدخال شركة محلية ثم إسقاطها سريعاً، يؤكد فرضية أن الشركة السورية ربما استُخدمت كـ'واجهة قانونية مؤقتة' لتمرير البيع أثناء فترة الحجز، أو لتفريغ الحصص من اسم البائع المحجوز عليه، قبل تثبيتها لاحقًا لصالح جهة واحدة يُراد إخفاء هويتها' .
لا تتوافر معلومات كثيرة عن الأنشطة التجارية أو الشركات التي تعود الى رجل الأعمال الإماراتي نواف محمد مهدي الحامد الهاشمي في سوريا، سوى أنه مالك شركة روضة الريف السورية.
بعد أربعة أيام من تقديم كتاب التنازل، وجّه وزير الاقتصاد محمد نضال الشعار كتاباً عاجلاً في 12 أيار/ مايو 2025 إلى هيئة الطيران المدني يطلب تسريع استكمال إجراءات التنازل. وجاءت الموافقة في 15 من الشهر نفسه، مشروطة بتصفية الالتزامات المالية وفق القوانين النافذة.
لم ترد وزارة الاقتصاد بدورها، على أسئلة فريق التحقيق، واكتفت بالإشارة إلى أنّ الرد على أسئلة الموضوع المتعلقة بموافقتها على تسجيل الشركة الجديدة وعملية تغيير الملكية، لا يندرج ضمن صلاحياتها.
ورداً على استفسارات معدي التحقيق حول إجراءات نقل ملكية شركة 'أجنحة الشام' لصالح شركة روضة الريف، أوضح مصطفى كاج، المسؤول الإعلامي في الهيئة العامة للطيران المدني السوري، أن دور الهيئة يقتصر على تحديث رخصة التشغيل بناءً على ما يرد من وزارة الاقتصاد، وليست لها علاقة بإجراءات البيع أو التنازل.
وقال: 'دورنا في هيئة الطيران المدني يقتصر فقط على تعديل رخصة التشغيل عندما يتم تعديل السجل التجاري رسمياً، وهو ما قمنا به بعد ورود كتاب رسمي يُثبت نقل ملكية الشركة لصالح شركة إماراتية- سورية'.
بعد سقوط النظام السوري، بدأ يتكرر نمط أعمال جديد في ساحة الأعمال السورية، وفي أكثر من مكان، لفت انتباه الباحث أيمن الدسوقي من مركز عمران في أنقرة، وهو أن رجال أعمال معاقبين لارتباطهم بالنظام السابق وشبكاته المالية 'يحاولون التكيف مع التغير الحاصل في سوريا عبر إنهاء الشركات السابقة أو إلغاء السجلات التجارية القديمة وافتتاح شركات جديدة بمسميات جديدة مع شركاء جدد، قد تكون لهم صلات مع السلطة الجديدة للعمل بأريحية من دون أن تلاحقهم لعنة العقوبات القديمة' كما يقول.
فريق شركة فلاي شام
أظهر البحث في المصادر المفتوحة الذي أجراه فريق التحقيق، أن موظفي شركة أجنحة الشام انتقلوا في غالبيتهم إلى وظائف مشابهة في الشركة الجديدة فلاي شام، بمن فيهم مخدمو الطائرات، والطيارون الذين يظهر أحدهم في صورة التقطها مع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، على متن رحلة سابقة لشركة أجنحة الشام إلى العاصمة بغداد. حتى إن طائرات الشركة الجديدة هي نفسها كانت تشغلها شركة أجنحة الشام، وتحمل الرموز التعريفية YK-BAA ،YK-BAE، YK-BAG و YK-BAC. بينما انتقلت ملكية الطائرة صاحبة الرمز YK-BAG إلى الخطوط الجوية السورية، وأجرت أولى رحلاتها إلى اسطنبول في العاشر من حزيران/ يونيو الماضي، واقتصر التغيير على طلاء الشعار الجديد للشركة.
كما يظهر البحث أن الشخصية التي أصبحت تشغل منصب نائب المدير العام في شركة فلاي شام، كانت تشغل منصب المدير التنفيذي لشركة أجنحة الشام، قبل إغلاق الشركة.
تحدث مراسلنا مع أحد مكاتب الحجوزات المعتمدة سابقاً لدى أجنحة الشام في دمشق، وطلب الاستفسار عن حجز بطاقة طائرة لدولة الكويت على متن طائرات 'الشركة الجديدة'، ليرد بقوله 'لم يتغير شيء، الحجز كما كان في الماضي والرحلات هي نفسها… لا تقلق ما تغير هو الاسم فقط لكن عملنا هو نفسه'.
لدى الاستفسار من مكتب خبرة واستشارات في قطاع خدمات الطيران، رفض ذكر اسمه بخصوص عمليات تسجيل ونقل ملكية الطائرات، قال: 'إن تغيير اسم الشركة لا يسقط بالضرورة العقوبات على الأصول، في حال كان المالك معاقباً، إذ تملك كل طائرة رقماً تسلسليا تعريفياً من الجهة المصنعة يسمى MSN، لا يتغير بتغير المالك ولا المشغل، وبناءً عليه تبقى العقوبات قائمة على الطائرات الموضوعة في لائحة العقوبات لدى الشركة المصنعة في حال نقل الملكية من والى كيانين معاقبين، فتمتنع في مثل هذه الحالات الشركات المصنعة وشركات الصيانة عن تخديم الشركة التي تملك الطائرة المعاقبة بقطع الغيار أو إجراء الصيانة اللازمة لها'.
ويتم عادة تنظيم تسجيل الطائرات ضمن شركات الطيران برمز موحد، ومخصص للدولة، وهو أول حرفين، ويكون الحرف الثالث مخصصاً للشركة بحسب الأقدمية، والرابع لطراز الطائرة، والخامس لتسلسل الطائرات بحسب عددها.
ما حصل مع شركة فلاي شام الجديدة، هي أن الطائرات التي أصبحت تديرها حافظت على الأرقام نفسها التي كانت تستخدمها شركة أجنحة الشام.
لم ترد شركة أجنحة الشام على أسئلة فريق التحقيق عبر الإيميل الرسمي للشركة لإعطائهم حق الرد حول نقل نقل ملكية الأسطول والحصص في الشركة لشركة فلاي شام.
قالت شركة فلاي شام في معرض ردها، إنها 'شركة جديدة كلياً وتعتبر من أولى استثماراتنا كمجموعة شركات إماراتية في سوريا، حيث بدأنا بقطاع النقل الجوي وتمَ شراء الشركة على مراحل عدة، إذ أصبحت مملوكة لنا ونطمح إلى العمل على زيادة عدد طائراتنا وتوسيع شبكة محطاتنا وإضافة طائرات جديدة الى أسطولنا'.
وأكدت الشركة أنّ عملية البيع تمت وفق إجراءات قانونية أصولية، وبإشراف الجهات الرسمية المختصة في الدولة، وشملت الصفقة جميع الأصول والطائرات والموجودات. وأضافت أن عملية نقل الملكية تمّت لضمان استمرار العمل وانسيابية تشغيل الرحلات، لا سيما مع بداية موسم السفر، ووفق الجدوى الاقتصادية للمشروع.
وختمت الشركة بالتأكيد على أنها غير معنية بأي عقوبات أو حجوزات لا تخصها قانونيًا، ولا علاقة لها بأي ملفات سابقة تعود الى الشركة السابقة، مضيفة: 'لسنا ملزمين بالرد على معلومات غير صحيحة ولا تستند إلى مصادر موثوقة'.
وفي ردّ لاحق أرسلته الشركة لمعد التحقيق، بعدما وافق مديرها على مقابلته في مكتبه في المنطقة الحرة بدمشق، قدمت فيه مزيداً من التفاصيل عن عملية نقل الملكية، موضحة 'أن عملية الاستحواذ بدأت في عام 2020 بنسبة 55 في المئة، ثم تملّكت الشركة كامل الحصص، مع تسجيلها رسميًا وفق القوانين السورية وبإشراف مكتب قانوني في أبوظبي وفريق من الخبراء الماليين والإداريين. وأشارت إلى أن التنازل نُفّذ قانونيًا أمام القضاء السوري، وأن أي حجوزات أو عقوبات سابقة 'لا تعني فلاي شام' ولا ترتبط بها قانونيًا'.
وأشارت الشركة الى أن كوادر 'أجنحة الشام' انتقلت تلقائيًا ضمن صفقة الشراء، مع اتخاذ خطوات لاحقة لإعادة هيكلة الطاقم بناءً على الكفاءة، مؤكدة أن إجراءاتها تتسم بالشفافية والالتزام بالقوانين.
وختمت الشركة ردها بالقول إنها 'تعمل على توسيع أسطولها وتطوير محطاتها، خصوصًا نحو أوروبا، أميركا، وأفريقيا، واعدة بالكشف تدريجيًا عن مشاريعها القادمة' وأنها 'غير معنية بالشائعات أو بمعلومات غير دقيقة لا تستند إلى مصادر موثوقة'.
عقوبات دولية على أجنحة الشام
أدرج مجلس الاتحاد الأوروبي في 22 كانون الثاني/ يناير 2024 شركة 'أجنحة الشام' على قائمة العقوبات بسبب تورطها في نقل المرتزقة وتجارة الأسلحة والمخدرات وغسيل الأموال، ما يدعم أنشطة النظام السوري. وكانت الشركة أُدرجت أيضاً على قائمة العقوبات الأميركية منذ كانون الأول/ ديسمبر 2016 لدعمها اللوجستي والمادي للنظام وخطوطه الجوية الرسمية.
وفي عام 2020، اتهمت حكومة الوفاق الليبية 'أجنحة الشام' بنقل خبراء عسكريين على صلة بـ'فاغنر' و'حزب الله' و'الحرس الثوري' إلى مطار بنغازي دعماً لقوات حفتر.
تدعيم الاسطول بطائرتَي إيرباص رغم العقوبات الأوروبية
على رغم العقوبات الغربية وبخاصة الأميركية بموجب أمر وزارة الخزانة ومكتب مراقبة الأصول الأميركي التنفيذي رقم 13582، ولتلبية الطلب المتزايد على التنقل من الركاب، تمكنت شركة أجنحة الشام من ضم طائرة إيرباص جديدة لأسطولها. وقد تم ذلك من خلال اتباع أسلوب خفي لتجنب العقوبات.
في شباط/ فبراير 2024 حصلت شركة الأجنحة على طائرة إيرباص A320 مسجّلة في قيرغيزستان تحت الرقم EX-32012، من شركة Queens Air Company القيرغيزية.
بحسب بيانات موقع planespotters للتتبع الملاحي، كانت هذه الشركة تملك الطائرة اعتباراً من تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ولاحقاً نُقلت إلى مطار مينسك في بيلاروسيا من مطار الشارقة الدولي في كانون الثاني/ يناير 2024.
الرحلة التي نقلت الطائرة من الشارقة إلى مينسك بتاريخ 25 كانون الثاني/ يناير 2024 – فلايت رادار
معلومات الرحلة التي نقلت الطائرة من الشارقة إلى مينسك بتاريخ 25 كانون الثاني/ يناير 2024 – فلايت رادار
إذ تم تخزينها في مينسك بين 25 كانون الثاني/ يناير و7 شباط/ فبراير 2024 ثم نُقلت إلى سوريا (مطار دمشق الدولي) لتُسجَّل تحت الرمز YK-BAA ابتداء من شباط/ فبراير 2024.
في كانون الثاني/ شباط 2025، أصبح مالك الطائرة شركة فلاي شام الحديثة وتحت رقم التسجيل نفسه في سوريا والذي كان يتبع لشركة أجنحة الشام، وهو YK-BAA.
رحلة طائرة إيرباص A320 تحمل الرمز YK-BAA إلى مطار دمشق الدولي من مطار مينسك الدولي – بيلاروسيا – فلايت رادار.
بينما لا تظهر معلومات الرحلة في 7 شباط/ فبراير موقع الهبوط، إلا أن خريطة الرحلة تظهر هبوطها في دمشق في ذلك التاريخ – فلايت رادار
تاريخ تسجيل الطائرة YK-BAA في شركة Queens Air قبل انتقالها إلى أجنحة الشام ثم فلاي شام.
لم يظهر البحث في المصادر المفتوحة والمواقع المتخصصة بقطاع الطيران وجود أي معلومات أخرى عن شركة Queen Air سوى نشاطها المتعلق بعملية انتقال هذه الطائرة، في حين أظهرت بيانات موقع aerotransport.org المتخصص بنشر بيانات انتقال ملكية الطيران في العالم، أن الشركة أسّسها عام 2023 مستثمرون من دولة الإمارات العربية المتحدة. ولم يتمكن معدو التحقيق من التواصل مع الشركة بسبب توقف الموقع الإلكتروني الخاص بها عن العمل.
حصلت أجنحة الشام في آب/ أغسطس 2024، على طائرة إيرباص A320 جديدة عبر شركة Magic Air المسجلة في غامبيا، والتي كانت مسجلة كمالك للطائرة اعتباراً من تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.
حسب تحقيق أجرته وكالة رويترز في 26 آذار/ مارس، ذكرت أن 'شركة ماجيك إير، ليس لها وجود على الإنترنت، هي شركة خاصة غير معروفة تعمل في مجال تأجير الطائرات وخدمات الطيران، وقد ساعدت شركة بيلافيا، الناقل الوطني البيلاروسي، التي تخضع لعقوبات، لإضافة ثلاث طائرات إيرباص إلى أسطولها المُنهك'.
وعلى غرار الطائرة السابقة، تم نقل الطائرة الجديدة إلى مطار مينسك في بيلاروسيا وتخزينها هناك.
بحسب بيانات موقع التتبع وملكية الطائرات planespotters، تم تخزين الطائرة الجديدة بين 17 – 22 آب/ أغسطس 2024.
لاحقاً، نُقلت الطائرة إلى دمشق من مينسك وسجلت ملكيتها باسم أجنحة الشام للطيران تحت الرمز YK-BAC في آب 2024.
في حزيران/ يونيو 2025 أصبحت شركة فلاي شام هي المالك للطائرة، وبقي رمز التسجيل هو نفسه YK-BAC.
رحلة طائرة إيرباص A320 تحمل الرمز YK-BAC إلى مطار دمشق الدولي من مطار مينسك الدولي – بيلاروسيا – فلايت رادار.
معلومات رحلة الطائرة إلى مطار دمشق الدولي من مطار مينسك الدولي – بيلاروسيا – فلايت رادار.
تاريخ تسجيل الطائرة YK-BAC لدى شركة Magic Air قبل تسجيلها في أجنحة الشام ثم فلاي شام.
لم ترد شركة أجنحة الشام أيضاً على أسئلة فريق التحقيق حول عملية شراء الطائرات ونقلها من خلال بريد الكتروني أُرسل الى الإيميل الرسمي للشركة. ولم ترد شركة إيرباص على أسئلة فريق التحقيق حول عملية شراء الطائرات وما إذا كانت ترغب في التعليق حول نقل الطائرات إلى سوريا عبر مينسك/ بيلاروسيا.
يقول فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: 'حتى في حالة البيع أيضاً وتغيير الأصول العقوبات تبقى، لأنه كما يطور رجال الأعمال المعاقبون دولياً أدواتهم للالتفاف على العقوبات، فإن آليات إنفاذ قوانين العقوبات الأميركية والأوروبية تتطور أيضاً، وهي تلاحق هذه الأمور وصولاً إلى هياكل الملكية، وتراقب الأصول الأساسية والإدارة ومصادر التمويل والحسابات المالية والتداخل بين موظفي العمل'.
الهروب الى الأمام
يسعى رجال الأعمال في ظل حكم النظام السابق المعاقبون دولياً أو يتهمون بتورطهم بالمشاركة في انتهاكات بحق السوريين، والتعاون مع نظام الأسد السابق لمساعدته بالالتفاف على العقوبات الدولية، الى تغيير شركاتهم ومحاولة إخفاء ماضيهم، وتقديم نفسهم عبر شركات جديدة محاولين البقاء على الساحة، لحماية ممتلكاتهم وأموالهم الموجودة في سوريا، والحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه.
مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الحقوقي فضل عبد الغني، يقول: 'إن استراتيجية تغيير الاسم، لا تنجح في تحقيق حماية قانونية خصوصاً في حال كشف أن الأسم الجديد هو فقط واجهة لشركة معاقبة دولياً'.
ويرى عبد الغني، أن 'هذه الحيل تحمل مخاطرة كبيرة لمن يقوم بها، لأن قوانين العقوبات أصبحت تلاحق أيضاً الجهات الداعمة من الخلف، يعني في حال تأسيس شركة جديدة سريعاً ما تكشف، وحتى في حال استحوذت شركة غير معاقبة دولياً على شركة معاقبة تتم ملاحقتها لأن هذا الأمر بحد ذاته تصرفّ يضع الشركة غير المعاقبة تحت المسؤولية'.
ويؤكد الحقوقي السوري أنه حتى في ظل إغلاق الشركة المعاقبة كما تدعي أجنحة الشام، تبقى العقوبات الدولية سارية، على جميع الأشخاص المتورطين في عمل هذه الشركة خلال فترة وجودها على قائمة العقوبات، ما يعني أن العقوبات على عصام شموط لن تسقط، وببساطة العقوبات لم تستهدف أجنحة الشام لأنها شركة طيران، بل لأن ملاكها استخدموها في أعمال غير قانونية وغير شرعية، لذلك ستبقى هيئات إنفاذ القانون تلاحقهم كأفراد.
يقول الباحث أيمن الدسوقي: 'تحاول شركة أجنحة الشام محو الصورة القديمة السلبية وما رافقها من انتهاكات ومحسوبيات وعلاقات مع النظام، وهي تسعى بشكل أو بآخر الى تمييع العقوبات بخلق كيانات جديدة ومتعددة وإلغاء الشركات القديمة والدخول في شركات وواجهات متعددة، فيصبح من الصعب التحقق من تنفيذ العقوبات على الشركات والأشخاص المعاقبين'.
شارك في إعداد التحقيق: وائل قرصيفي.