اخبار سوريا
موقع كل يوم -بزنس2بزنس سورية
نشر بتاريخ: ٢٤ أب ٢٠٢٥
يشهد القطاع الصحي في سوريا أزمة متعددة الأبعاد تتداخل فيها العوامل الاقتصادية، وتدهور البنية التحتية، ونقص الكوادر الطبية، وتراجع التعليم الطبي، ما ينعكس بشكل مباشر على صحة المرضى ويزيد من معاناتهم، في ظل جهود محدودة للتخفيف من حدة التدهور.
وبحسب دراسة حديثة أجرتها منظمة IdA واطلع عليها موقع 'بزنس 2 بزنس'، فإن المستشفيات السورية تعاني من نقص حاد في الأدوية والمستهلكات الطبية، إلى جانب غياب الكوادر المتخصصة والمعدات الضرورية، خاصة في المناطق النائية.
كما أن ارتفاع تكاليف العلاج وضعف القدرة المالية للمرضى يجعل الوصول إلى الرعاية الصحية أمراً شبه مستحيل للفئات الفقيرة.
وتشير الدراسة إلى أن التعليم الطبي في سوريا يشهد تراجعاً ملحوظاً، حيث أدى انخفاض عدد المقاعد التدريبية بنسبة 50% وهجرة الأساتذة الجامعيين إلى ضعف كبير في تأهيل الأطباء الجدد.
ومنذ عام 2011، غادر نحو 70% من الجراحين المتخصصين البلاد، ما أدى إلى انخفاض عدد الأطباء من 30 ألف إلى 15 ألف فقط بحلول عام 2024.
وتبرز فجوات خطيرة في عدد الأطباء مقارنة بالحاجة الفعلية للسكان. ففي جراحة القلب، تؤكد البيانات أن سوريا تحتاج إلى طبيب واحد لكل 100 ألف نسمة، بينما المتوفر حالياً هو طبيب واحد لكل 1.5 مليون نسمة، أي بنسبة تقل عن 10% من المعدل العالمي.
أما في جراحة الأعصاب، فالحاجة هي لطبيبين لكل 100 ألف نسمة، في حين يوجد طبيب واحد فقط لكل 500 ألف نسمة، أي أقل من 25% من المعدل العالمي.
وفي مجال الطب النفسي، تحتاج سوريا إلى طبيب لكل 20 ألف نسمة، بينما المتوفر هو طبيب واحد لكل 250 ألف نسمة، مع وجود 80 طبيباً نفسياً فقط في البلاد.
أما في طب العيون، فإن نسبة فقدان البصر القابل للعلاج تصل إلى 40%، وسط نقص حاد في الخدمات الطبية.
وفي طب الأسنان، تحتاج سوريا إلى نحو 5000 طبيب، بينما لا يتجاوز عدد الأطباء العاملين حالياً 1500 طبيب، و20% فقط من العيادات تعمل بكامل طاقتها.
وتكشف الإحصائيات عن وجود أكثر من 5000 حالة سنوياً على قوائم الانتظار في الجراحة القلبية، مع نسبة وفيات تصل إلى 15% أثناء الانتظار.
وفي الجراحة العصبية، تحتاج سوريا إلى 500 طبيب، بينما المتوفر لا يتجاوز 100 طبيب، وتصل فترة الانتظار لإجراء العمليات الجراحية إلى عام كامل للحالات غير الطارئة.
أما في الجراحة العظمية، فتسجل سوريا نحو 50 ألف حالة كسور معقدة سنوياً، و30% من المرضى بحاجة إلى أطراف صناعية.
وتعاني سوريا أيضاً من أزمة في التعليم الطبي، حيث أفاد 85% من المتدربين بعدم توفر فرص لإجراء عمليات جراحية، وانخفض عدد المؤتمرات الطبية من 20 إلى 5 فقط، كما أن 30% فقط من الأطباء لديهم القدرة على التدريب الإلكتروني.
وفي مجال الطب النفسي، أشار التقرير إلى أن سوريا تواجه أزمة صامتة، إذ يعاني نحو 4 ملايين شخص من اضطرابات نفسية، أي ما يعادل 27% من السكان، في حين لا يتجاوز عدد مراكز العلاج النفسي 15 مركزاً فقط على مستوى البلاد.
وفي ظل هذا الواقع، أطلقت منظمة IdA حملة 'شفاء 2' التي استمرت ستة أسابيع وشهدت إجراء عدد كبير من العمليات الجراحية المتنوعة.
وفي تصريح خاص لموقع 'بزنس 2 بزنس'، قال فراس الفارس، مدير تطوير البرامج في المنظمة، إن الحملة ستستمر على خمس مراحل، تم تنفيذ مرحلتين منها حتى الآن، وهناك عوامل تدعو لاستدامتها.
وأضاف الفارس أن المراحل القادمة ستركز على اختصاصات دقيقة، خاصة لدى الأطفال حديثي الولادة وحالات نقص الأكسجة، كما سيتم إدراج بعد أكاديمي ضمن حملة 'شفاء 3' لتطوير التعليم الطبي المستمر للمقيمين والأخصائيين في المشافي.
وأشار الفارس إلى أن جراحة زراعة الحلزون لفاقدي السمع متوفرة في سوريا، لكن تكلفتها المرتفعة التي تتراوح بين 8 إلى 14 ألف دولار تعيق انتشارها، خاصة بين الأطفال.
وأكد أن الأطباء السوريين يعملون بكفاءة عالية، وهناك جهود لتوسيع العمليات النوعية في الحملات القادمة.
وختم الفارس بالقول: 'نسعى لنشر ثقافة التأمين الصحي في سوريا ونقل تجارب الدول الأخرى، لأن غياب الضمان الصحي يبقي الواقع الصحي في سوريا في نقطة حرجة يصعب تجاوزها.'
طلال ماضي