سوريا ولا سورية.. عقاب أو نجمة: الهوية البصرية الجديدة تفتح نقاشاً عاماً

أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية عن إطلاق هوية بصرية جديدة للدولة، ونشرت عبر حسابها الرسمي ثلاث صور حملت تدرجاً بصرياً لظهور نجمات خماسية في تصاميم مختلفة، دون الكشف بعد عن الشكل النهائي للشعار، ما أثار تفاعلاً واسعاً وجدلاً بين السوريين على منصات التواصل.

في الصورة الأولى ظهرت نصف نجمة، ثم تتابعت في الصورة الثانية والثالثة نجمات خماسية بشكل كامل، وجاءت ردود الفعل بين من يرى الخطوة مؤشراً على ولادة رمزية سوريا جديدة، وبين من عبّر عن قلقه من ضياع المرجعيات التاريخية والثقافية للهوية الوطنية.

وقال 'سعيد'، إن الهوية البصرية للدول شأن كبير وليس عملاً عادياً، وأضاف: «يعني بدك تربط الهوية بالتاريخ ولا الصناعة ولا الزراعة ولا السياحة ولا أشخاص ولا لباس ولا ولا ولا …. الخ»، واعتبر أن التحدي كبير، خصوصاً أنها ستقارن بهوية دول كبيرة مثل السعودية وقطر وغيرهما من الدول التي أحدثت نقلة نوعية في هذا المجال.

أما 'سليم'، فركّز في تعليقه على مسألة كتابة اسم الوطن بين 'سوريا' و'سورية'، وطرح القضية كمدخل لهوية رمزية موحّدة، قائلاً: «هل خطر لكم يومًا أنَّ طريقة كتابة اسم وطننا قد تكون جزءًا من هويتنا الممزقة؟ 'سوريا' أم 'سورية'؟ سؤال يبدو بسيطًا، لكنه يعكس إشكالية أكبر: كيف نُعرّف أنفسنا في المرحلة القادمة؟».

ودعا المؤسسات لإيقاف ما وصفه بالفوضى الرمزية، والسوريين لاتخاذ قرار جماعي يعبر عن بلادهم، والخبراء إلى تشكيل لجنة لغوية تصدر توصية واضحة.

'محمد' اعتبر أن تغيير شعار سوريا إلى النجمة الخماسية، يعني انقطاعها عن الإرث القومي العربي، والتأريخ لمرحلة معينة.

بدوره تساءل 'عبد الرازق'، عن الرمز القادم هل سيكون نجمة خماسية تعبر عن ثورة ودماء وتايخ؟ أم سداسية تشعل الجدل والرسائل الخفية؟ أم النجمة الثمانية رمز بني أمية، وأضاف متسائلا إن كان 'النسر' سيتراجع لصالح النجمة ويشهد السوريون ولادة رمز جديد يعيد تعريف السيادة والانتماء.

ويخلط العديد من السوريين بين النسر والعقاب بشعار الجمهورية السورية، والسبب أن الشعار جاء إثر الوحدة السورية المصرية، والنسر يمثل شعاراً للجمهورية العربية المتحدة، لكن بعد الانفصال عادت سوريا إلى شعار العقاب رغم أن النسر بقي متداولاً بين الناس.

وسبق أن قال الباحث 'عماد الخالد' لموقع مدونة وطن، إن «تحديد أوصاف الشعار الحالي لسورية تم بموجب المرسوم التشريعي رقم 37 لعام 1980 حيث نص بأن: الشعار الرسمي للجمهورية العربية السورية يتألف من ترس عربي نُقش عليه العلم الوطني للجمهورية بألوانه، ويحتضن الترس عُقاب يمسك بمخالبه شريطاً كتب عليه بالخط الكوفي 'الجمهورية العربية السورية' وفي أسفل الترس سنبلتا قمح، ويكون العُقاب والشريط وسنبلتا القمح باللون الذهبي، وتكون الكتابة وخطوط الأجنحة باللون البني الفاتح، وقد قام بتصميم الشعار بشكله الحالي الفنان 'خالد العسلي' عام 1945».

ومنذ تصميمة لأول مرة عام 1945 وحتى تم اعتماده عام 1980، مرّ الشعار بتغيرات طفيفة كما يقول 'الخالد'، ويضيف: «في عام 1945 كان عبارة عن ترس عربي في وسطه ثلاث نجوم حمر هي نجوم العلم السوري على حصيرة فضية ويحضن الترس عُقاب، ويحيط بالترس ثلاثة خطوط هي الأخضر فالأبيض فالأسود تمثل ألوان العلم السوري وفي أسفل الترس سنبلتان قمح بلون القمح الطبيعي يرمزان إلى محصول البلاد الأول وطابعها الزراعي، وقد أمسك العُقاب بمخالبه شريطاً كتب عليه بالخط الكوفي 'الجمهورية السورية'».

وأثناء الوحدة مع مصر عام 1958 تم اتخاذ النسر شعارا للجمهورية العربية المتحدة، يقول 'الخالد'، ويضيف: «وفي عام 1961 بعد الانفصال تمت العودة إلى العقاب المصمم عام 1945 وتمت إضافة كلمة 'العربية' إلى اسم الجمهورية فأصبحت 'الجمهورية العربية السورية'، وفي عام 1969 أصبح لون النجوم الثلاث على الترس أخضر وألوان الخطوط أحمر فالأبيض فالأسود، وفي عام 1972 أثناء قيام اتحاد الجمهوريات العربية 'سورية ومصر وليبيا' تم تغيير فقط اسم الجمهورية المكتوب على الشريط الذي يمسكه العقاب حيث كتب عليه: 'اتحاد الجمهوريات العربية'، وفي عام 1980 تم اعتماد الشعار الحالي للجمهورية العربية السورية».