اخبار سوريا
موقع كل يوم -بزنس2بزنس سورية
نشر بتاريخ: ٢٢ تموز ٢٠٢٥
تشهد سوريا أزمة بيئية متفاقمة نتيجة الحرائق التي اجتاحت غاباتها وحراجها في الأشهر الأخيرة، متسببة بخسائر جسيمة في الغطاء النباتي والمجمعات الوراثية الطبيعية التي تُعد من الأصول البيئية النادرة في المنطقة.
هذه المجمعات، التي تُعتبر سوريا موطنها الأصلي، تمثل بنوكًا وراثية عالية الأهمية، وتدميرها يشكل تهديدًا مباشرًا للتنوع الحيوي والاستقرار البيئي.
وبحسب مدير مديرية الحراج في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، المهندس مجد سليمان، فإن المساحة المتضررة من الحرائق تُقدّر بنحو 16 ألف هكتار، تشمل أراضٍ زراعية وحراجية.
وأوضح سليمان في تصريح لـ'الحرية' أن الوزارة تعمل على إعادة تقييم فني شامل لوضع الغابات، بهدف منع تكرار هذه الكوارث، من خلال زيادة عدد نقاط الإطفاء والمخافر الحراجية، وتطبيق إجراءات وقائية أكثر فعالية.
ورغم عدم تحديد الأسباب الدقيقة للحرائق، أشار سليمان إلى أن الوزارة ستتخذ كافة التدابير اللازمة، سواء كانت الحرائق ناتجة عن عوامل طبيعية أو بفعل فاعل.
تهديد مباشر للتنوع الحيوي
من جهتها، أكدت الدكتورة دلال إبراهيم، الباحثة في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية ورئيس المحطة البحثية الحراجية في بحوث الغاب، أن الحرائق تُعد من أبرز التهديدات التي تواجه التنوع الحيوي في سوريا، إلى جانب فقدان الموائل الطبيعية، وتجزئتها، والتدهور البيئي، والأنواع الغازية، والتلوث، والتغير المناخي الناتج عن النشاطات البشرية.
وأشارت د. إبراهيم إلى أن فقدان الموائل الطبيعية يشكل العامل الأساسي في تراجع التنوع الحيوي، نظراً لارتباطه الوثيق بجميع أشكال الحياة النباتية والحيوانية، محذّرة من إدخال أنماط جديدة من استخدام الأراضي التي تؤثر سلباً على الأنواع البيئية.
كما لفتت إلى أن المجمعات الوراثية من الصنوبر البروتي، المنتشرة على السفوح الشرقية للجبال الساحلية، باتت مهددة وراثياً نتيجة الحرائق المتكررة، ولم يتبق منها سوى بقع صغيرة تعتمد على الحماية.
خطة علمية لترميم الغابات المحروقة
وفي إطار خطة علمية لترميم البيئات الحراجية المتدهورة، قدمت د. إبراهيم مجموعة من التوصيات، أبرزها:
حفظ وإكثار النباتات النادرة والمهددة وراثياً داخل وخارج مواقعها الأصلية
تأسيس مشاتل حراجية متخصصة لإكثار الأصول الوراثية
تحديد حقول أمهات بذرية ذات مواصفات دقيقة
ترقيم الأشجار الناجية من الحريق لحمايتها
تشكيل فريق علمي مشترك لرسم خرائط الأضرار وتقييم التربة والغطاء النباتي
تأجيل عمليات التشجير لمدة سنتين لإفساح المجال للتجدد الطبيعي
كما شددت على ضرورة تقسيم مواقع الحرائق إلى قطاعين: الأول يُمنع فيه الرعي ويُشدد على الحماية لضمان التجدد الطبيعي، والثاني يُنفذ فيه التشجير الجزئي باستخدام تقنيات حديثة مثل كرات الطين وحصاد المياه، وفقاً لخصوصية الموقع.
وأكدت د. إبراهيم أن إعادة تأهيل الغابات يجب أن تتم بمنهجية بيئية سليمة، تعتمد على نثر البذور للأنواع الحراجية الأصلية، وإعطاء الغابة فرصة لترميم نفسها عبر التعاقب النباتي الطبيعي، مع ضرورة تجنّب التدخلات غير المدروسة مثل قطع الجذوع المحروقة أو التشجير العشوائي.
وتبقى حرائق الغابات في سوريا تحدياً بيئياً كبيراً، يتطلب تضافر الجهود العلمية والحكومية والمجتمعية، للحفاظ على الثروة الحراجية والتنوع الحيوي، وضمان استدامة النظم البيئية للأجيال القادمة.