اخبار سوريا
موقع كل يوم -سناك سوري
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
بينما كنت أتنقل بين أخبار الانفلات الأمني وجثة المرأة العارية في أحد شوارع حلب، وضحايا القتل في حقل القمح، برزت أمامي صورة مضيئة لوزير الثقافة، يجلس على الرصيف يتناول الفلافل، أعاد إليّ بعض الأمل لأشاهد سوريا التي أحب أن أتعرف عليها، وزير بين الناس لا يخاف، بياكل من أكلهم، بيشاركهم الرصيف وهموم المعدة!
وأنا كمواطنة صالحة وفق مقياس 'الشبيحة الجدد'، كان يجب أن أكون سعيدة أشعر بالصدمة وأروّج للصورة، لكني لم أستطع أن أكون كذلك، الأفكار الغريبة بدأت بالقفز إلى عقلي، بعيداً عن الصورة وتواضعها، ألا يحق ليّ أن أسأل ماذا فعل وزير الثقافة حتى الآن؟ هل باتت المراكز الثقافية فعالة؟ هل تعمل على تعزيز الثقافة والسلم الأهلي؟ هل ستستقبل أطفالنا هذا الصيف لتنمّي ثقافتهم عن بيئتهم وعن وطنهم؟
كمواطنة صالحة لم أنسَ صورة وزير الاتصالات واقفاً في الدور على باب التذاكر بالمطار، كأي مواطن بسيط، عظيم هذا التواضع، لكن من قال أن على رأس المسؤول 'ريشة' في هذه البلاد ويجب أن يكون مختلفاً عن بقية الواقفين في الدور؟
ومرّة أخرى اختار عقلي الذهاب أبعد من 'استخدام طبل والبدء مع الجوقة'، خصوصاً أن الإنترنت لم يساعدني على تحميل الصورة بالدقة الممتازة، الخدمة سيئة، أسعار الباقات على حالها، ومديري بالشغل مصدق إنو الإنترنت عنا بسوريا صار جيد وما عاد عندي حجة للتأخر بالعمل والتسليم، بعيداً عن تواضع الصورة أبحث عن تريند من نمط 'عودة خدمة الإنترنت الجيدة في سوريا'، ساعتها سأشغل الطبل وأعزف مع الجوقة حتى الصباح!
مشهد التواضع الثالث، كان الأجمل، وزير الاقتصاد يتصور مع عامل تبدو عليه آثار العمل في حي الشعلان، ويمدح الوزير فيه لأنه 'سوري مبدع'، وهو بالفعل مبدع، قادر أن يعيش رغم كل شيء، لكن مهلاً قليلاً، بعيداً عن التواضع في الصورة، ألا يحق لي مرة أخرى استخدام عقلي عوضاً عن 'الطبل' وأسأل ماذا فعلت الوزارة لهذا العامل؟ هل هناك دعم حقيقي؟ تحسين دخل؟ هل هناك خطة اقتصادية بعيداً عن سردية 'الصبر مفتاح الفرج'؟
هذا العامل المبدع ومعه غالبية السوريين، قريباً لن يعودوا قادرين على إبداع حيَل جديدة لتأمين طعامهم وشرابهم وتكاليف معيشتهم.
كمواطنة تشتاق الإحساس بالأمان والعدالة والكفاية المعيشية، لا يهمني إن أكل الوزير فلافل أو سوشي، ولا إن وقف على الدور أو تجاوز الجميع، ولا أن يتصور مع عامل أو مع زميل له في المكتب، المواطنون السوريون لا يحتاجون رؤية 'لقطات إنسانية' لمسؤوليهم، يريدون نتائج يلمسوها يعيشوها ثم يتحدثون بها.
التواضع فضيلة، لكن حين يكون مرفق بإنجاز، مش مدعوم بإعجابات على فيسبوك.