اخبار سوريا
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
الشرع يعين ثلث الأعضاء والبقية تنتخبهم هيئات مناطقية واستبعاد تمثيل 3 محافظات لأسباب أمنية
انتهت الأحد عملية اختيار أول برلمان في سوريا بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد، وسط انتقادات طاولت الآلية التي تمنح الرئيس أحمد الشرع صلاحية تعيين ثلث أعضائه، واستبعاد تمثيل ثلاث محافظات لأسباب 'أمنية'.
وأعلن المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب نوار نجمة أن 'عمليات الاقتراع انتهت في كل المحافظات السورية، وعمليات فرز الأصوات ما زالت مستمرة'.
ويتوقع إعلان نتائج أولية في وقت لاحق الأحد، والقائمة النهائية الإثنين.
واتخذ الشرع عقب إطاحة الأسد خلال الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024 سلسلة خطوات لإدارة المرحلة الانتقالية، شملت حل مجلس الشعب، ثم توقيع إعلان دستوري حدد المرحلة الانتقالية بخمسة أعوام، ونصَّ على آلية اختيار مجلس يمارس صلاحياته إلى حين وضع دستور دائم للبلاد وإجراء انتخابات على أساسه.
وشاهد مراسل الصحافة الفرنسية عشرات الناخبين يصطفون في المكتبة الوطنية بدمشق، التي كانت تسمى سابقاً 'مكتبة الأسد'، للإدلاء بأصواتهم.
وسيُشكل البرلمان، وولايته 30 شهراً قابلة للتجديد، بناءً على آلية حددها الإعلان الدستوري، وليس بانتخابات مباشرة من الشعب. وبموجب الآلية، تنتخب هيئات مناطقية شكلتها لجنة عليا عين الشرع أعضاءها ثلثي أعضاء المجلس البالغ عددهم 210، على أن يعين الرئيس الثلث الباقي.
ويتنافس للفوز بمقاعد المجلس 1578 مرشحاً، 14 في المئة منهم فقط نساء، وفق اللجنة العليا للانتخابات. وبين هؤلاء السوري الأميركي هنري حمرا، نجل آخر حاخام غادر سوريا خلال التسعينيات، وهو أول مرشح للطائفة اليهودية منذ قرابة سبعة عقود.
ويوجه سوريون انتقادات صريحة لعملية تشكيل البرلمان الجديد.
ويقول لؤي العرفي (77 سنة)، وهو متقاعد من وزارة العدل، 'أنا مؤيد للنظام الحالي ومستعد للدفاع عنه، لكن هذه الانتخابات ليست بانتخابات'.
يتابع وهو جالس مع أصدقاء في مقهى الروضة وسط دمشق 'هي من ضرورات المرحلة الانتقالية، لكننا نريد انتخابات مباشرة بعد انتهاء هذه المرحلة'.
وبرر الشرع الذي يعمل على تكريس سلطته الأمنية والسياسية في عموم البلاد، اعتماد آلية الانتخاب غير المباشر، بقوله 'نحن في مرحلة انتقالية، ولسنا في وضع يسمح بإجراء انتخابات عامة مباشرة'.
وأضاف 'هذه خطوة موقتة إلى أن تتوافر البيئة الأمنية والسياسية لإجراء انتخابات مباشرة يشارك فيها كل السوريين'، وهو غير ممكن حالياً بسبب 'ضياع الوثائق'، ووجود عدد من السوريين خارج البلاد من دون وثائق.
وانتقد حقوقيون صلاحيات الشرع في تشكيل مجلس الشعب الذي سيضطلع بمهام واسعة تشمل اقتراح القوانين وتعديلها، والمصادقة على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة.
وقالت 14 منظمة سورية ضمن بيان مشترك منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي إن الآلية تمكن الرئيس من 'تشكيل غالبية برلمانية من أشخاص يختارهم بنفسه أو يضمن ولاءهم، مما قد يحول المجلس إلى هيئة ذات لون سياسي واحد ويقوض مبدأ التعددية'.
وعدت أن مجمل الترتيبات المتبعة تجعل 'الانتخابات شكلية'.
وقال بسام الأحمد المدير التنفيذي لمنظمة 'سوريون من أجل الحقيقة والعدالة'، ومقرها باريس، 'يمكن أن نسمي هذه العملية أي شيء إلا انتخابات، هي تعيين'. وتوقع تشكيل برلمان 'الغالبية الساحقة فيه من لون سياسي واحد'.
على هامش اجتماع عقدته أخيراً لجنة انتخابات دمشق في المكتبة الوطنية، أقرت المرشحة المهندسة ميساء حلواني (48 سنة) بوجود ثغرات وانتقادات، معتبرة أن 'الحكومة جديدة على السلطة، ونحن أيضاً جدد على الحرية'.
ويشارك في عملية الاختيار نحو 6 آلاف شخص موزعين على الهيئات الانتخابية. وأفاد التلفزيون الرسمي بأن بعض المراكز بدأت بفرز الأصوات مباشرة، وستعلن النتائج رسمياً خلال وقت لاحق.
وتثير آلية تشكيل المجلس انتقادات خصوصاً في شمال شرقي البلاد، حيث مناطق نفوذ الإدارة الذاتية الكردية المتباينة مع سلطات دمشق إزاء تقاسم الصلاحيات ودمج المؤسسات. كذلك الحال داخل محافظة السويداء (جنوب) معقل الأقلية الدرزية، التي شهدت أعمال عنف خلال يوليو (تموز) الماضي أودت بأكثر من 1600 قتيل، القسم الأكبر منهم دروز، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات في أغسطس (آب) الماضي تأجيل اختيار أعضاء المجلس في محافظات السويداء والرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق)، بسبب 'التحديات الأمنية'.
لكنها شكلت خلال سبتمبر الماضي لجان انتخاب فرعية، داخل بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطات في الرقة والحسكة.
وقالت المرشحة وعضو اللجنة الانتخابية في دمشق هالة القدسي 'أمام مجلس الشعب القادم مسؤوليات كبيرة تتمثل في التوقيع والمصادقة على الاتفاقات الدولية. هذا الأمر سيقود سوريا لمرحلة جديدة، وهو مسؤولية كبيرة'.
وركزت قدسي خصوصاً على المفاوضات الجارية بين سوريا وإسرائيل، مؤكدة أنها 'سترفض أي اتفاق أمني لا يخدم مصالح الشعب السوري'.
وقال المصرفي بسام دغمش وهو مرشح أيضاً 'أعتقد أنني أستطيع فعل شيء ما في هذه المرحلة. هناك من ينتقد أن العملية جرت بسرعة، لكن الناس أيضاً ينتظرون نتائج على الأرض بسرعة'.
ويشترط نظام الانتخاب الموقت ألا يكون المرشح 'من مؤيدي النظام السابق أو داعياً للتقسيم أو الانفصال'.
وتحمل السلطة الانتقالية على الإدارة الكردية مطالبتها بلا مركزية موسعة، وعلى مطالبة مرجع درزي في السويداء بتدخل إسرائيل لحماية الطائفة، بعدما أحدثت أعمال العنف شرخاً كبيراً مع دمشق.
ويقول الناشط الدرزي برهان عزام 'عمدت السلطة الحالية إلى إنهاء الحياة السياسية واجتثاثها'، معتبراً أن إجراءات 'تعيين مجلس الشعب لم تراع الحدود الدنيا من الديمقراطية'.
وفي مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، يعد المدرس الكردي نيشان إسماعيل (40 سنة) أن 'الانتخابات كان يمكن أن تشكل بداية سياسية جديدة في سوريا بعد سقوط النظام السابق، لكن تهميش عدد من المناطق يدل على فقدان أدنى معايير المشاركة السياسية في سوريا الجديدة'.