اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٨ حزيران ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
- السعودية تسعى للتحول إلى مركز عالمي للنقل الجوي يربط القارات الثلاث بدعم من رؤية 2030.
- سجلت المملكة عام 2024 أكثر من 905 آلاف رحلة و1.2 مليون طن شحن بنمو لافت.
- التعاون مع دول كفرنسا واستثمارات ضخمة يعززان موقع السعودية كمحور لوجستي عالمي.
تشهد المملكة العربية السعودية تحولاً نوعياً في قطاعات الطيران والشحن، إذ تسير بخطى واثقة نحو تحقيق موقع ريادي عالمي في الربط الجوي بين القارات.
وتسعى المملكة ضمن أهداف طموحة إلى تحويل موقعها الجغرافي إلى نقطة التقاء عالمية، مدفوعة برؤية 2030 التي تضع النقل الجوي ضمن ركائز التنمية الاقتصادية والسياحية والاستثمارية.
شراكات استراتيجية
ويمثل التعاون الدولي ركيزة أساسية في مساعي السعودية للتحول إلى مركز عالمي في قطاع الطيران، وانطلاقاً من هذه القناعة، تعمل الهيئة العامة للطيران المدني على بناء شراكات استراتيجية مع الدول ذات الخبرات العريقة، وفي مقدمتها فرنسا، لتعزيز القدرات الوطنية في مجالات الشحن ونقل الركاب.
وفي هذا السياق، عقد رئيس الهيئة العامة للطيران المدني، عبدالعزيز الدعيلج، اجتماع الطاولة المستديرة السعودي - الفرنسي، الذي ضم نخبة من كبرى الشركات الفرنسية المتخصصة في صناعة الطيران المدني، وذلك على هامش معرض باريس للطيران 2025.
وقال رئيس الهيئة العامة للطيران المدني السعودية، في مقابلة مع 'العربية Business '، في 18 يونيو 2025، إن المملكة تهدف إلى أن تصبح مركزاً محورياً لربط القارات الثلاث في مجالات الشحن ونقل الركاب.
وأوضح الدعيلج أن هذا الاجتماع يأتي في إطار توسيع التعاون الثنائي ونقل المعرفة التقنية وتعزيز الاستثمارات المشتركة في القطاع.
وتسعى المملكة إلى استثمار موقعها الجغرافي الفريد، الذي يتيح الوصول إلى 80% من سكان العالم خلال أقل من 7 ساعات طيران من أي مطار سعودي، مما يمنحها أفضلية تنافسية لتحقيق رؤيتها بأن تكون نقطة الوصل بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا.
ويُعزز هذا التوجه وجود فرص كبيرة للتعاون مع فرنسا في مجالات متعددة، من بينها التحول الرقمي، وأتمتة أعمال الطيران، وتحسين تجربة المسافر، والاستدامة البيئية، وتطوير الكفاءات البشرية.
كما قدّمت جهات حكومية سعودية، مثل وزارة الصناعة والثروة المعدنية ووزارة الاستثمار، عرضاً للوفد الفرنسي يتضمن الحوافز والمميزات الاستثمارية المتاحة في قطاع الطيران.
ويلفت الدعليج إلى أن الاستراتيجية الوطنية للطيران تُعدّ محوراً رئيسياً في هذه الجهود، إذ تهدف إلى نقل أكثر من 300 مليون مسافر وربط المملكة بأكثر من 250 وجهة مباشرة بحلول عام 2030، فضلاً عن تجاوز 4.5 مليون طن من الشحن الجوي سنوياً.
وأكد الدعيلج أن الهدف الأساسي من توسيع شبكة الربط الجوي هو دعم وتمكين عدد كبير من الاستراتيجيات الوطنية الأخرى، مثل استراتيجية السياحة التي تستهدف 150 مليون زائر.
وقد بدأت المملكة في تحقيق نتائج ملموسة، حيث تجاوز عدد المسافرين في عام 2024 حاجز 128 مليوناً، بزيادة تفوق 15% عن العام السابق، إلى جانب توسع الربط الجوي من أقل من 100 وجهة في عام 2019 إلى أكثر من 170 وجهة حالية، بنسبة نمو تزيد على 70%.
تقدم لوجستي
يشهد قطاع الخدمات اللوجستية في المملكة تحوّلاً كبيراً بدعم مباشر من الحكومة واستراتيجية وطنية طموحة، وهو ما أكّده وزير النقل والخدمات اللوجستية صالح الجاسر، في أكتوبر الماضي، خلال افتتاح المنتدى اللوجستي العالمي 2024 بالرياض.
وبيّن الجاسر أن 'الدعم الحكومي المالي أسهم في تحقيق تقدم بارز في قطاع اللوجستيات'، مشيراً إلى أن المملكة تستهدف استثمار أكثر من تريليون ريال (266.296) مليار دولار،في هذا القطاع بحلول عام 2030.
وأوضح الجاسر أن القطاع اللوجستي العالمي يمرّ بـ'نقطة حاسمة'، ما يفرض على الدول تعزيز أمن واستمرارية سلاسل الإمداد.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن المملكة 'مستمرة في تطوير بنيتها التحتية اللوجستية بدعم من استثمارات حكومية كبيرة تهدف إلى تعزيز كفاءة سلاسل الإمداد وربط الأسواق العالمية'.
وبيّن أن أكثر من 200 مليار ريال (53.2 مليار دولار) قد تم إنفاقها حتى الآن ضمن الاستراتيجية، وهو ما مكّن المملكة من التقدّم بشكل لافت على الساحة الدولية، حيث 'قفزت 17 مرتبة في مؤشر الأداء اللوجستي للبنك الدولي، و14 مرتبة في مؤشر الاتصال العالمي الصادر عن إياتا'.
فرص ومخاطر
ويقول الباحث الدكتور حبيب الهادي أن السعودية تتميز بموقع جغرافي فريد، يطل على البحر الأحمر والخليج العربي، وبالقرب من خليج عدن وبحر عمان والبحر العرب والبحر المتوسط.
ويوضح لـ'الخليج أونلاين' أن هذا الموقع يمثل رصيداً حيوياً كبيراً للمملكة للمضي قدماً في ترسيخ وجودها على الخارطة العالمية للنقل واللوجستيات والموانئ البرية والبحرية والجوية.
ويشير الهادي إلى أن هذا الموقع الجغرافي المتميز يمثل عاملاً حاسماً لنجاح المملكة في المنافسة كمركز عالمي للشحن والنقل.
كما يضيف أن التواصل والشراكة مع دول مثل فرنسا، المعروفة بشركاتها العديدة في مجال النقل البحري، تعطي دفعة إضافية لهذه المقومات والعوامل.
ويرى الهادي أن المملكة بإمكانها أن تصبح من بين أفضل عشر دول عالمياً في مجال النقل، وأن رؤيتها في هذا الجانب لديها إمكانية كبيرة للتحقق.
ويبين أن جميع الظروف مهيأة ومواتية للمملكة للاستحواذ على هذا الجانب، لكنه يشير إلى وجود مخاطر معينة تتمثل في المخاطر الأمنية والعسكرية والسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
كما يؤكد أن هذه المخاطر تمثل جانباً سلبياً قد يعرقل هذا النمو ومحاولة الوصول إلى هذه المكانة المرموقة.
ويختتم الهادي بالقول، إن هذه المخاطر قد تؤخر أو تضعف من هذا التوجه، لكنه يؤكد أنه إذا حصل استقرار وحُلت جميع المشاكل الإقليمية، فإن الوضع سيكون مواتياً جداً لتبوء المملكة هذه المكانة العالمية في اللوجستيات والنقل البري والبحري والركاب.
قوة صاعدة
وبعد أكثر من ثماني سنوات على إطلاق 'رؤية السعودية 2030'، تحوّلت المملكة إلى قوة صاعدة في الشحن الجوي والخدمات اللوجستية بفضل موقعها الاستراتيجي، والاستثمارات الضخمة، والإصلاحات التنظيمية.
وكشفت الهيئة العامة للطيران المدني، في تقرير أداء الحركة الجوية الذي أصدرته في فبراير 2025، وصول عدد الرحلات الجوية عبر مطارات المملكة خلال العام 2024 إلى نحو 905 آلاف رحلة بزيادة 11% مقارنة بعام 2023، منها 431 ألف رحلة جوية دولية.
وشهد نطاق الربط الجوي زيادة بنسبة 16% وأصبحت المملكة مرتبطة بأكثر من 170 وجهة حول العالم تنطلق إليها الرحلات من وإلى المملكة، فيما سجل الشحن الجوي نمواً استثنائياً بنسبة 34% ليصل إلى أكثر من 1.2 مليون طن خلال عام 2024.
ووفقاً لتقرير الشركة البريطانية 'OAG' المتخصصة في البيانات الخاصة بالرحلات الجوية، فقد شهد مسار (جدة - الرياض) أكبر زيادة في السعة عالمياً بين المسارات المحلية في عام 2024.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية السعودية للشحن، لؤي مشعبي 'تعكس نتائج عام 2024 التزامنا الراسخ بتقديم حلول شحن مبتكرة ومرنة تدعم التجارة العالمية وتواكب تطورات السوق.
وأعرب مشعبي بتصريحاته في 30 يناير 2025 عن تطلعاتهم إلى مواصلة النمو وتقديم قيمة مضافة، مع التركيز على الاستدامة والتميز لتحقيق الهدف في أن تكون 'السعودية للشحن' ضمن أفضل 10 شركات شحن جوي عالمياً بحلول 2030.
ويشير تقرير (Shipa Delivery) المتخصصة بخدمات الشحن، في 5 ديسمبر 2024، إلى ارتفاع حجم سوق الخدمات اللوجستية في المملكة من 19 مليار دولار في 2016 إلى 136.3 مليار دولار عام 2024، مع توقعات بوصوله إلى 198.9 مليار دولار بحلول 2030.