اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢٩ أيار ٢٠٢٥
لساعات يقف حسن ابن بلدة عيترون الحدودية أمام بئر البلدة الارتوازية ليصل دوره، فالمياه مقطوعة عن البلدة منذ ما بعد توقّف الحرب، ولم تتمكّن فرق صيانة مصلحة مياه لبنان الجنوبي من إصلاح كافة أعطال المياه التي طالت شبكات المياه الرئيسة والفرعية.
ما يقرب من ربع سكان بلدة عيترون عادوا إلى بلدتهم، سكنوا في الأحياء التي لم تطلها الاعتداءات، غير أن مقوّمات الصمود الرئيسة غير متوفّرة أبرزها المياه والكهرباء.
تكاد لا تتوقف حركة صهاريج المياه في طرقات عيترون، نتيجة الطلب الكبير على المياه، يصل سعر صهريج المياه إلى مليون و 500 ألف ليرة، في وقت يواجه أبناء البلدة ظروفاً اقتصادية صعبة.
عادة ما يعتمد أبناء بلدة عيترون على القطاع الزراعي في حياتهم، وتعدّ البلدة الثالثة بزراعة التبغ، إلى جانب زراعة الحبوب والبقوليات والخضار، هذا الموسم المشهد مختلف، تكاد تنحصر الزراعة في البلدة بالزراعات البعلية، فالمياه غير متوفرة ما حال دون زراعة كثير من المواسم الصيفية يقول أبو علي الذي لجأ إلى الزراعات البعلية كالبطيخ والشمام والخيار كمورد اقتصادي لمواجهة تداعيات الحرب الاقتصادية.
لم تصل مؤسسات الدولة إلى كثير من قرى الحافة الأمامية، بقيت الكهرباء مفقودة، يتّكل أبناء عيترون على الطاقة الشمسية لتأمين التغذية بالتيار الكهربائي أو مولّد خاص، وعدا ذلك، ما زالت أشرطة الكهرباء متدلّية على الطرقات منذ انتهاء الحرب، وما يثير استغراب أبناء بلدة عيترون غياب أجهزة الدولة بقوّة في قراهم التي عادة ما تتعرّض لاعتداءات.
قبل الحرب كانت مياه الدولة تصل لكل منزل في عيترون، هذا الأمر بدّلته الحرب، يقول أبناء البلدة إن شركة المياه قامت بإعادة ضخّ المياه غير أنها لم تصل للمنازل بسبب تضرّر الشبكة، وحتى اليوم لم يُصَر لإصلاحها.
تتغذّى عيترون اليوم من البئر الارتوازية التابعة لبلدية عيترون، وتصطفّ أمامها طوابير من صهاريج المياه، فالأزمة خانقة في البلدة، وأسعف توفر الطاقة الشمسية للبئر الناس، وإلّا كانت البلدة دون مياه يقول أبو علي كزبرة المسؤول عن البئر من قبل البلدية.
يظهر حجم الأزمة من ارتفاع عدد نقلات المياه اليومية والتي تصل إلى أكثر من 100 نقلة بحسب أبو علي: 'كل أربع ساعات تتمّ تعبئة 50 نقلة وهو رقم مرتفع، ما في مي عند الأهالي. علماً أن أزمة المياه لم تبدأ بعد. فهي تبدأ مع بداية حزيران وتصل إلى ذروتها في تموز وآب غير أنها هذا العام بدأت باكراً'.
أمام صهريجه ينتظر محمود المواسي دوره. بدأ مشروعه ببيع المياه المكرّرة مع عودة الأهالي إلى البلدة، ويضطرّ للانتظار بين ثلاث وأربع ساعات لتعبئة صهريجه ليتمكّن من تكرير المياه الأمر الذي دفعه إلى رفع سعر جرة المياه المكرّرة، وقال: 'يتحدّى أبناء عيترون واقعهم الجديد، عادوا إلى بلدتهم واستعادوا بعضاً من حياتهم غير أن المعوقات تبدو كبيرة أبرزها المياه'. ويطالب حسن مثل غيره من أبناء البلدة بتدخّل وزارة الطاقة والمياه لمعالجة الأزمة وصيانة الشبكة.
مصادر في مؤسسة مياه لبنان الجنوبي أشارت إلى أنها بدأت بتنفيذ خطة طارئة لكافة القرى الحدودية، وبدأت بالدرجة الأولى بتأمين بدائل بعد تدمير الجيش الإسرائيلي محطة الوزاني بالكامل وتضرّر محطة الطيبة وتوقّفها عن العمل، واللتين تغذيان أغلب القرى الحدودية.
وأشارت إلى أنها 'قامت بتأمين خزانات مياه كبيرة سعة 5000 و 10000 ليتر لكافة البلدات بما فيها عيترون وتمّ تأمين تعبئتها دورياً بالصهاريج بالتعاون مع شركائنا.
وبعد إنجاز الكشف على الأضرار في المحطات والآبار والشبكات عملت فرق الصيانة على إصلاح الأعطال على الشبكات والوصلات المنزلية تباعاً في البلدات التي عاد إليها أهلها.
لم يكف ما عاشه أبناء عيترون من تهجير لأكثر من عام ونصف وتدمير 80 في المئة من البلدة، حتى بات عليهم مواجهة أزمة مياه حادة، مع ارتفاع كلفة تأمينها بين شراء الصهريج بـ 20 دولاراً كل ثلاثة أيام ودفع اشتراكات المياه السنوية، وبين الاثنين يسأل أبناء عيترون متى تتوفر مقوّمات الحياة بشكلها الطبيعي لتستعيد القرى حياتها!