اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شهاب للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٧ نيسان ٢٠٢٥
خاص - شهاب
أكد أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، محمد مهران، أن تصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الأخيرة تشكل دليلاً دامغًا على نية ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وترقى إلى مستوى الاعتراف العلني بارتكاب جرائم حرب.
وفي تصريح خاص لوكالة شهاب، قال مهران إن تصريحات بن غفير بشأن ضرورة قصف مصادر الطعام في غزة وتفجير المولدات الكهربائية تشكل أدلة قانونية خطيرة يمكن استخدامها في المحاكم الدولية، حيث تكشف بوضوح عن نية متعمدة لتجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، وهو ما يُعد جريمة حرب صريحة وفقًا للقانون الدولي الإنساني.
وأضاف أن هذه التصريحات لا تنتهك فقط المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف التي تحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، بل تشكل أيضًا دليلاً على توافر القصد الخاص لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948
وأوضح أستاذ القانون أن تصريحات بن غفير بمثابة اعتراف صريح بارتكاب فعلين من الأفعال الخمسة المكونة لجريمة الإبادة الجماعية، وهما: إخضاع الجماعة عمدًا لظروف معيشية يُراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا من خلال تجويعهم، وإلحاق ضرر جسدي أو روحي جسيم بأعضاء من الجماعة من خلال حرمانهم من الكهرباء وما يترتب عليه من توقف للخدمات الصحية الأساسية.
وأكد مهران أن الإعلان العلني عن نية تجويع السكان المدنيين يُعتبر بحد ذاته جريمة دولية وفقًا للمادة 8(2)(ب)(25) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تعتبر تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم جريمة حرب.
وأشار الخبير الدولي إلى أن هذه التصريحات ليست مجرد خطاب سياسي، بل هي توجيهات من مسؤول حكومي رفيع المستوى يمتلك سلطة فعلية على قوات الأمن، ما يجعلها أكثر خطورة من الناحية القانونية، وتثبت مسؤوليته الجنائية الفردية عن أي جرائم تُرتكب تنفيذًا لهذه التصريحات.
وعن المسؤولية القانونية المترتبة على هذه التصريحات، قال الدكتور مهران: هناك مستويان للمسؤولية؛ الأول هو المسؤولية الجنائية الفردية لبن غفير نفسه، حيث يمكن محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة التحريض على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، والثاني هو المسؤولية الدولية لدولة الاحتلال، التي تتحمل تبعات تصريحات وأفعال مسؤوليها الرسميين.
وتابع مهران أنه من المهم هنا التأكيد على أن هذه التصريحات تشكل دليلاً قويًا يمكن استخدامه في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية، حيث تثبت وجود نية محددة وواضحة لتدمير الشعب الفلسطيني في غزة من خلال تجويعه وحرمانه من مقومات الحياة الأساسية.
واستطرد: كما تقوي هذه التصريحات الدعوى التي يمكن أن ترفعها المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤولين الإسرائيليين، بما فيهم بن غفير نفسه، بموجب التحقيق المفتوح حاليًا في الوضع في فلسطين.
وحذر الدكتور مهران من استمرار حرب الإبادة الجماعية المنهجية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة في ظل صمت دولي مخزٍ، مشيرًا إلى أن تصريحات بن غفير تكشف عن نهج رسمي إسرائيلي ممنهج يستهدف تدمير مقومات الحياة في القطاع.
واعتبر أن ما يجري في غزة هو تطبيق فعلي لما صرّح به بن غفير، حيث تعمدت إسرائيل استهداف مخازن الغذاء ومحطات تحلية المياه ومحطات الكهرباء والمخابز، بهدف تجويع السكان وإجبارهم على النزوح، في إطار سياسة ممنهجة تهدف لخلق ظروف معيشية يستحيل فيها البقاء على قيد الحياة.
كما أضاف أن هذه الممارسات، المدعومة بتصريحات علنية كالتي أدلى بها بن غفير، تشكل مخالفة صارخة للمادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، والمادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني، اللتين تحظران تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.
ودعا الدكتور مهران المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لإنهاء هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، من خلال تفعيل آليات العدالة الدولية المتاحة، وفي مقدمتها المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، كما دعا المنظمات الحقوقية الفلسطينية والدولية إلى الاستمرار في توثيق هذه التصريحات وإضافتها إلى ملفات جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، واستخدامها كدليل في الدعاوى القانونية المقامة حاليًا أو التي ستُقام مستقبلاً.
وشدد على ضرورة الضغط على الدول الأطراف في اتفاقية منع الإبادة الجماعية للوفاء بالتزاماتها القانونية بموجب المادة الأولى من الاتفاقية، التي تلزمها بمنع وقوع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وهو ما يستوجب اتخاذ إجراءات فورية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.