اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٤ نيسان ٢٠٢٥
بينما تنزف الدماء في غزة، لم يختلف المشهد في افتتاح اجتماع الدورة الـ 32 للمجلس المركزي لمنظمة التحرير والمنعقد عن الاجتماعات السابقة، سوى مزيد من تصفيق الجلوس في قاعة الاجتماعات برام الله للرجل الذي تجاوز منتصف الثمانينات من عمره ولا زال يرفض فكرة مقاومة الاحتلال ويعتبر ذلك منهجا سياسيًا، وأقر في أحد تصريحاته 'أنه يعيش تحت بساطير الاحتلال'.
وأثارت تصريحات رئيس السلطة محمود عباس غضب عموم أبناء الشعب الفلسطيني وامتد ليشمل قطاعات واسعة من أبناء الأمتين العربية والإسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي خطابه هاجم عباس المقاومة، وطالبها بتسليم أسرى الاحتلال دون مقابل، كما طالب حركة حماس بما سماه 'تسليم سلاحها' للسلطة، ووصف ضحايا الشعب الفلسطيني خلال حرب الإبادة بالقتلى وليس شهداءً.
فيما عد مراقبون، تصريحات عباس بمثابة تبرير لاستمرار الجرائم الإسرائيلية.
وعد تجمع عوائل الشهداء، تصريحات عباس 'طعنة في ظهر تضحيات أبناء شعبنا وشهدائنا ومقاومتنا الباسلة في غزة والضفة، في وقت يخوض فيه شعبنا معركة وجود في قطاع غزة، يُقصف فيها الأطفال والنساء وتُباد العائلات'.
وتساءل التجمع في بيان وصل صحيفة 'فلسطين' نسخة منه 'أين كان دور القيادة الفلسطينية طوال خمسمائة وأربعة وستين يوماً من العدوان؟ أين كانت السلطة عندما كانت غزة تُحاصر، تُجوع، وتُباد ؟
وأكد التجمع، أن المقاومة بكل أشكالها هي حق مشروع لشعبنا، ولا يمكن التخلي عنه، ولا نقبل التفريط به أو تفويض أحد للتنازل عنه.
وعد اتهام المقاومة بفصائلها والتي اعتبرها جزءاً أصيلاً من نسيج الشعب الفلسطيني، بأوصاف نابية خلال كلمة عباس، هو سقوط أخلاقي وسياسي، لا يليق بمقام الشهداء ولا بعظمة صمود شعبنا، ويؤكد حجم الانفصال بين السلطة والواقع الفلسطيني المقاوِم.
واستهجن التجمع وصف الشهداء الذين ارتقوا في معركة “طوفان الأقصى” بأنهم 'قتلى'، فهذا الوصف لا يُعبّر إلا عن جهلٍ بمكانة الشهادة في وجدان شعبنا، واستهانة بدماء من قدّموا أرواحهم فداءً للوطن.
وبينما ترفض السلطة مقاومة جرائم الاحتلال تساءل ناشطون، عن سبب سيطرة الاحتلال على مناطق واسعة من الضفة، وانتشار الاستيطان، والتي كان اخرها مصادرة 167 دونمًا من أراضي مدينة البيرة قبل أيام، ومصادرة 10 آلاف دونمًا من أراضي الظاهرية قبل أيام، ومصادرة 2000 دونمًا من أراضي قرية أم صفا في رام الله خلال الأسبوع الماضي.
كما تساءل أخرون عن سبب انتشار مئات الحواجز التي تنغص حياة الأهالي، وسبب منع عباس من السفر جوًا إلى سوريا ؟ وما سبب منع رئيس وزراء حكومة رام الله من زيارة قرى فلسطينية بقرار من ضابط صغير في جيش الاحتلال؟.
موجة غضب
وأثارت تصريحات عباس موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الصفحات الإخبارية التي نشرت فيديو للخطاب، رد كثيرون الشتائم التي نعت بها عباس المقاومة عليه، وكتب حساب shiam maher)) في ردها: 'كمية الخزي من شخص المفروض انه رئيس دولة، كيف لك ان تكون بهذا الخوف والذل، عار عليك والله، شيء يبكي على حال دولنا العربية ووضعها الذي اصبح يخجلنا جميعا' فيما تسال حساب: ' ayman sheikh': 'معقول أنت فلسطيني!؟'.
فيما اعتبر حساب (عصام علي) في رده على نفس التصريح: 'أنه خنجر مسموم بخاصرة شعبنا المكلوم'، أما (غسان البقاعي) فقال: 'اللي استحوا ماتوا'، وردت إيلياء أحمد: 'فاقد الشرف يدافع عن الجزار ويدين الضحية'.
أما (ايهاب حسونة) فنشر : 'طيب هيهم سادين كل الذرائع بالضفة وزيادة حبة ومش سلمانيين منهم ولا من شرهم، إيش مطلوب من الفلسطيني يعمل لحتى يعيش بارضه بسلام وأمان ويسترجع حقوقه المسلوبة؟'.
واستشهد جمال أبو حلوة ببيت شعر: 'قل للحمير وإن تعالى صوتها، ما قص أجنحةُ الصقور نهيقُ'، فداء سويدان أيضا ردت عن فترة الصمت الطويل لعباس عن الجرائم المرتكبة بغزة: 'صمت دهرا ونطق كفرا'.
أما حساب Lovely peral) ) من لبنان فكتب في رد آخر: 'هالشهدا يلي راحت بغزة دمن برقبتك لانك ما تحركت عم تتفرج، شعبك عم يباد وانت قاعد على الكرسي عم تتفرج'.
وعلى منصة اكس قال (Nasser natsheh) عن حال الضفة 'ما شافوا من التاريخ عبر، لو يجوا أهل غزة يشوفوا كيف الضفة مقسمة، وعلى كل مدينة باب بيسكروه ويفتحوه على كيفهم، لما المجندة تسكر بوابة الحاجز ويروحوا يرتاحوا أربع ساعات. في كل مدن الضفة مشاكل. سلم سلاحك، سلم روحك'.
سقوط وطني
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف إن ما قاله عباس وهو فاقد للشرعية أولاً عن المقاومة لم يكن هو الجديد، بل وخلال العام الماضي تهجم وشتم المقاومين.
وأضاف عساف لصحيفة 'فلسطين': 'لم أفاجأ اليوم بما قاله'، معتبرا تصريحاته صفعة لمن يراهن على إمكانية أن يكون عباس ملتزما ولو بالحد الأدنى بالعمل الوطني المشترك أو إمكانية القبول بوجود حديث مع عباس'.
وعبر عن لومه الشديد للمشاركين باجتماع المجلس المركزي، مشددًا، لا يجب أن يكون هناك عمل مشترك مع هذه المجموعة غير المقبولة وطنيا وشعبيا، لأن تصريحات عباس إدانة 'للقيم الفلسطينية والتراث، ويتناقض مع رأي كل الشعب الفلسطيني'.
ولفت إلى أن تصريحات عباس، تعكس أن قيادة السلطة بعيدة عن هموم الشعب الفلسطيني منذ زمن، ولا علاقة لها بقضايا ومزاج الشعب، وأنها منعزلة عن تضحياته.
كما استغرب من استمرار المشاركة بهذه الاجتماعات من قبل فصائل منظمة التحرير كالجبهة الديمقراطية وقوى أخرى تحت 'إبط وفي جيب عباس'، والذين لم يستفيدوا من تجربة سنين طويلة، متهما إياهم بالمشاركة بتصريحات عباس، وأنها 'لا تصلح لقيادة الشعب، والمطلوب نزع شرعيتها والذهاب للشعب لاختيار قيادته'.
ويتقاطع مطلب عباس بتسليم المقاومة للسلاح، مع مطلب الاحتلال والذي قدم للوسطاء بنزع سلاح المقاومة، وعن ذلك يقول رئيس مركز آفاق للدراسات الاستشرافية بهاء عبد الرحمن: 'حين تُطرح مبادرات 'نزع سلاح المقاومة'، يبدو الخطاب مُبسَّطًا، كأن المطلوب هو مجرد تسليم بضع بنادق وقذائف وصواريخ، لكن الحقيقة الأعمق تكشف أن الهدف ليس 'السلاح'، بل إرادة المقاومة ذاتها'.
وأضاف عبد الرحمن ' الاحتلال لا يطالب فقط بالتخلّي عن أدوات القتال، بل يسعى إلى تهشيم البنية النفسية والعقائدية للمقاومة و منع أي إمكانية لبناء القوة مستقبلًا، وفرض حالة استسلام معرفي واستراتيجي، وتكريس مبررات دائمة للاستهداف والإنهاك العملياتي'.
وتابع 'المطلوب ليس نزع الأدوات بل تجريد المشروع المقاوم من قابلية الحياة والتجدد، وهو ما يتطلب تفكيك الحاضنة والمجتمع ، وتجريم الوعي، وتجفيف الموارد، وتحويل البيئة إلى 'منطقة آمنة' للاحتلال.