اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يُشكّل قطاع الإنتاج الحيواني في غزة أحد الأعمدة الأساسية للأمن الغذائي المحلي، إذ يعتمد عليه عشرات آلاف المزارعين ومربي الدواجن والأغنام والأبقار في توفير اللحوم والحليب والبيض للسكان.
غير أن الدمار الواسع الذي لحق بالمزارع والبُنى التحتية الزراعية خلال حرب الإبادة الإسرائيلية، أدى إلى تراجع الإنتاج الحيواني بصورة غير مسبوقة، ما انعكس سلبًا على الأمن الغذائي ومستويات المعيشة في القطاع، وأحدث أزمة اقتصادية وصحية حادة بين المواطنين.
وفي هذا السياق، حذّر عدد من الخبراء والمختصين من تداعيات انهيار هذا القطاع الحيوي، داعين إلى تدخلٍ عاجل لإنقاذ ما تبقّى منه وإعادة إحيائه.
وقال استشاري الطب البيطري د. سعود الشوا إن تدمير القطاع الحيواني في غزة أدى إلى كارثة غذائية وصحية واقتصادية واسعة النطاق، مشيرًا إلى أن ذلك تسبب في فقدان الأمن الغذائي وازدياد حالات سوء التغذية وفقر الدم والأنيميا بين المواطنين والنازحين، خصوصًا بين الأطفال والنساء.
وأوضح الشوا أن الأزمة نجمت عن فقدان المصادر الغذائية الأساسية ذات القيمة العالية، مثل اللحوم البيضاء من الدجاج اللاحم والديك الرومي وبيض الدجاج، واللحوم الحمراء من العجول والأبقار والأغنام، إلى جانب الأسماك التي كانت تُشكّل جزءًا رئيسيًا من النظام الغذائي في غزة.
وأشار إلى أن الآثار الاقتصادية كانت مدمّرة، إذ فقد آلاف العاملين في قطاع الدواجن مصادر دخلهم بالكامل بسبب قصف وتدمير الفقاسات والمزارع وشاحنات التوزيع ومسالخ الدواجن، إضافة إلى منع استيراد الأعلاف الجاهزة وتدمير مصانع الأعلاف المحلية، ما أدى إلى توقف شبه كامل لإنتاج الدجاج والبيض والديك الرومي في القطاع.
وبيّن الشوا أن أسعار الدجاج المجمد المستورد شهدت ارتفاعًا حادًا، ما زاد من معاناة المستهلكين وأثقل كاهل الأسر محدودة الدخل.
وأضاف أن مزارع الأغنام والماعز المنتجة للحليب واللحم تعرّضت لتدميرٍ شبه كامل، إذ نفق أو دُمّر أكثر من 50 ألف رأس من الماشية، ما أدى إلى فقدان أصحابها مصادر رزقهم. كما دُمّرت مزارع الأبقار الحلوب التي كانت تضم نحو 5 آلاف بقرة، فتوقّف إنتاج الحليب الطازج وتعطّلت مصانع الألبان المحلية بالكامل.
أما مزارع تسمين العجول، التي كانت تضم قرابة 20 ألف عجل لحم، فقد لحقت بها أضرار جسيمة أدت إلى انعدام إنتاج اللحوم الحمراء محليًا.
وناشد الشوا الجهات المختصة والمنظمات الدولية تقديم دعم عاجل لقطاع الطب البيطري في غزة، عبر توفير الأدوية والمستلزمات البيطرية لعلاج ما تبقى من الطيور والحيوانات، موضحًا أن القطاع يضم نحو 80 طبيبًا بيطريًا يعملون في 35 عيادة ومؤسسة بيطرية، إلى جانب تخريج 50 طبيبًا بيطريًا جديدًا من جامعة الأزهر بغزة مؤخرًا، يمكن أن يسهموا في إعادة إنعاش هذا القطاع الحيوي.
من جانبه، دعا م. نائل العمور، رئيس جمعية الفخاري الزراعية، إلى ضرورة توفير قروض ميسّرة أو منح عاجلة لمربي الدواجن والأغنام لتمكينهم من إعادة بناء مشاريعهم الزراعية المتضرّرة.
وأكد العمور أن قطاع تربية الدواجن والأغنام يُعدّ من أهم ركائز الأمن الغذائي المحلي، وأن دعمه لم يعد خيارًا بل ضرورة وطنية. وشدّد على أهمية توفير المعدات والأدوات الأساسية للمربين، مثل الأعلاف والأدوية البيطرية والمعدات اللازمة، إلى جانب إعادة تأهيل المزارع المتضرّرة وتخصيص مساحات آمنة لتربية الحيوانات.
كما دعا العمور إلى تحسين نظم الري وتوفير مصادر مياه نظيفة وصالحة للاستخدام الزراعي، إضافة إلى تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لتأهيل المربين وفق أحدث الممارسات العلمية، بدعم من خبراء في مجالي الزراعة والثروة الحيوانية.
وحثّ العمور على تشكيل تعاونيات زراعية بين المربين لرفع قدرتهم التفاوضية وتقليل التكاليف، وتوفير منصات تسويق محلية ودولية لتصريف المنتجات الزراعية والحيوانية.
وشدّد على أهمية تشجيع البحث العلمي في مجال تربية الدواجن والأغنام لتطوير سلالات أكثر مقاومة للأمراض وأكثر إنتاجية، إلى جانب تبادل الخبرات مع دول أخرى لتحديث أساليب الإنتاج والإدارة.
واختتم العمور بالتأكيد على ضرورة توفير برامج تأمين للمزارع ضد الكوارث الطبيعية والأمراض، ووضع سياسات حكومية واضحة لدعم واستقرار القطاع الزراعي، مع تشجيع استخدام الأساليب الصديقة للبيئة في تربية الحيوانات وإدارة النفايات الحيوانية بطريقة تقلل من التلوث وتحافظ على الصحة العامة.

























































