اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٧ حزيران ٢٠٢٥
أثارت الضربات الصاروخية الإيرانية، التي طالت مدنًا مركزية في عمق دولة الاحتلال الإسرائيلي، ارتباكًا واسعًا داخل المجتمع الإسرائيلي، كاشفة عن هشاشة الجبهة الداخلية، وعجز الاحتلال عن حماية مستوطنيه على الرغم من حديثه عن تفوقه التكنولوجي.
فمع سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، وتسجيل دمار واسع في مناطق مثل بات يام ورحوفوت في (تل أبيب) وسط دولة الاحتلال، بدأت ملامح هشاشة الجبهة الداخلية بالظهور، لا سيما مع فشل المنظومات الدفاعية في اعتراض عدد كبير من الصواريخ، وتزايد الانتقادات في أوساط السلطات المحلية.
في هذا السياق، توقع مراقبون تراجع حالة الإجماع الإسرائيلي التي رافقت بدء الحرب على إيران، وتصاعد الدعوات لإعادة النظر في جدوى المواجهة، وسط شعور بالعجز أمام ضربات صاروخية مباشرة طالت البنية المدنية والعسكرية على حد سواء.
وبدأت (إسرائيل) فجر الجمعة هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات، أسمته 'الأسد الصاعد'، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة، واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين.
وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، خلفت خلال أيام مئات القتلى والجرحى، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات.
وأعلنت سلطات الاحتلال حالة الطوارئ القصوى، وجرى إنشاء مركز ميداني للتعرف على القتلى في المناطق المتضررة، في وقت انهارت فيه عدة مبانٍ سكنية، وتحوّلت أحياء كاملة إلى مناطق مغلقة تحت سيطرة فرق الإنقاذ.
تشظي إسرائيلي
ويقول المختص في الشأن الإسرائيلي، نزار نزال، إن الصواريخ التي نجحت في الوصول إلى عمق الجغرافيا في دولة الاحتلال واستهدفت أحياء كاملة في (رشون لتسيون)، والقدس المحتلة، وحيفا، و(تل أبيب) الكبرى، كان لها وقع بالغ التأثير على الشارع الإسرائيلي، الذي بدأ يظهر عليه حالة من التململ والاضطراب.
وأوضح نزال لصحيفة 'فلسطين'، أن (إسرائيل) تشهد اليوم شللاً اقتصادياً فعلياً، وحصاراً داخلياً خانقاً بفعل الضربات الصاروخية الإيرانية التي أثبتت فاعليتها، سواء في استهداف المواقع العسكرية أو الأحياء' الاستيطانية، مضيفًا أن الاحتلال 'لا يمتلك في هذه المرحلة أدوات حقيقية لفك هذا الحصار'.
وأشار إلى أن مؤشرات التذمر الداخلي ظهرت بوضوح في تصريحات رؤساء المجالس المحلية الإسرائيلية، الذين بدأوا في التعبير عن قلق متصاعد من العجز أمام الهجمات، ومن طريقة إدارة الحكومة للأزمة.
وذهب نزال إلى أن حالة المنازلة المفتوحة بين (إسرائيل) وإيران – والتي تتسم بردود فعل متبادلة – من شأنها أن تُعمّق الانقسام الداخلي الإسرائيلي وتؤدي إلى تشظي الجبهة الداخلية. وقال: 'في لحظة من اللحظات، ستجد (إسرائيل) نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما جرّ الولايات المتحدة إلى دخول الحرب بشكل مباشر، أو الدفع نحو تسوية سياسية تحقن الدماء وتعيد ترتيب الأوراق'.
تذمر وتململ
من جانبه، قال المحلل السياسي حسين الديك إن اللحظة الأولى لانطلاق ما أسمتها (اسرائيل) عملية 'الأسد الصاعد' ضد إيران، شهدت إجماعًا واضحًا داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث التفت الحكومة والمعارضة معًا خلف المجهود الحربي، وهو ما يُعد سلوكًا معتادًا في (إسرائيل) في حالات المواجهة الخارجية.
لكن ذلك الإجماع، بحسب الديك، استمر حتى مساء الجمعة، وتحديدًا الساعة التاسعة، عندما بدأت الصواريخ الباليستية الإيرانية تضرب المدن والبلدات الإسرائيلية، حيث بدأ التململ والتذمر يتسلل إلى الشارع الإسرائيلي، وارتفعت الأصوات المطالبة بتجنّب التصعيد، وتحميل الدولة مسؤولية حماية المواطن'.
وأوضح الديك أن المنظومات الدفاعية الإسرائيلية، وعلى رأسها مقلاع داوود، ومنظومة 'حيتس'، والقبة الحديدية، فشلت في التصدي للصواريخ الإيرانية، على خلاف التقديرات السابقة التي أكدت قدرتها على تحييد أي تهديد صاروخي، مشيرا إلى أن 'المفاجأة كانت أن هذه المنظومات لم تصمد أمام صواريخ دقيقة وعالية القدرة التفجيرية، ما أدى إلى سقوط عدد كبير منها في المدن (المحتلة)، محدثة قتلى وجرحى ودمارًا واسعًا'.
وأشار إلى أن الاعتماد الإسرائيلي على الدعم الأمريكي وقواعده العسكرية في المنطقة أيضًا لم يكن كافيًا لتحييد الهجمات الإيرانية، قائلاً: 'رأينا بأعيننا الأثر التدميري للصواريخ في قلب (تل أبيب)'.
وفيما يتعلق بصمود الجبهة الداخلية، قال المحلل السياسي، إن استمرار الضربات الصاروخية وارتفاع الكلفة البشرية والمادية، سيؤديان حتمًا إلى تصاعد الضغوط على حكومة الاحتلال. فكلما ازدادت قوة الضربات الإيرانية، كلما اهتزّ التماسك الداخلي، وساد القلق والخوف داخل المجتمع.
وختم الديك بالقول: 'مدى صمود الجبهة الداخلية الإسرائيلية مرهون بحجم الخسائر والتدمير الذي تخلفه هذه الصواريخ. فكل موجة جديدة تحمل معها ارتباكًا مضاعفًا وضغطًا أكبر على المستوى السياسي والعسكري في (إسرائيل)'.