اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢١ نيسان ٢٠٢٥
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ *اصبِروا وَصابِروا وَرابِطوا* ﴾
وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران200
عشت محرقة غزة بأيامها القاسية ولياليها حالكة السواد، ما زاد عن سنة عسرة ولم تنتهِ بعد، ولا أعلم إن كنت سأكون من الناجين من المحرقة أو يختم الله كما الأبناء والأقارب والأصدقاء والآلاف من أبناء شعبنا المظلوم أو غير ذلك { لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } الروم 4.
ومع دقائقها الطويلة ووقتها الممتد ووقائعها الساخنة الصعبة ووقائعها المتجددة القاسية بأشكال متنوعة، ويومياتها الدموية، اعتمدت السجن الاختياري وحرمت على نفسي وسائل التواصل أخذًا بالأسباب واتقاءً لغطرسة آلهة القوة التي تعتمد الذكاء الصناعي للتدمير والقتل والسحق من عصابة إبادة عنصرية تسكنها عقيدة الأغيار (الجويم) 'ليس علينا في الأميين سبيل'.
وفي أيام وليالي المحرقة عشت مع آيات الله تعالى في كتابه المنظور وكذلك في كتابه المسطور، ومن ذلك ترى مستوى الانسجام بينهما، فكانت المطابقة بقراءة للكتاب المنظور بعيني آيات الله في كتابه المسطور، فكانت (رسالة قرآنية)؛ مع كل موقف وخاطرة وفكرة وتضحية وألم لتقرأ ما بعد الوقائع وما أعمق من الأحداث الآنية رغم قسوتها، والمهام لتعيش أصل المعركة وسنن القانون الإلهي في الواقع، فكانت المحرقة والطوفان نعمة { عَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } البقرة 216.
فتعيش مع قدر الله الغلاب أن الحياة على قسوتها رحلة، إذا أدركت الغاية، خالطت قلبك طمأنينة عجيبة وتسليم مطلق وإيمان كامل، بل وأكثر من ذلك ترى في المحرقة ومعايشتها شرف معايشة محطات في صراع الحق والباطل بين شعب مظلوم تحت الاحتلال مقاوم بالأظافر والأسنان في مواجهة آلهة القوة المتغطرسة.
ترى آيات الله في كتابه المسطور تنطق محدثة آياتٍ ونحن العبيد الفقراء الضعفاء المساكين، بل وترى فيها من آيات الكتاب المنظور كم تتشابه مع آيات ووقائع وأحداث ونتائج عظيمة كانت مع سلسلة النبوة المشرفة ومع صاحب السيرة العطرة ﷺ، لتحيا معنى آخر لشرف متجدد لقوم مساكين مثلنا من أهل غزة وفلسطين، حيث شرف المكان والزمان وشرف الدور والرسالة وشرف الجهاد والرباط بمواجهة محتل ظالم من يهود وليس غيرهم، بل وزيادة شرف تطابق بين وقائع الكتاب المنظور مع آيات الكتاب المسطور، وزيادة تطابق مع وقائع وأحداث عايشها رسول الله ﷺ، فتطمئن ثقة بوعد الله واصطفائه بالاستعمال المشرف وترقب شرف ختامي بشارة الفتح بتحقق وعد الله { لِيَسُوؤُوا وَجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا } الإسراء 7.
ومن آيات الله تعالى في كتابه المسطور والمنظور يتعمق الإدراك أن النصر والهزيمة ليست خبط عشواء ولا ضربة حظ، وإنما سنن غلابة من مقتضياتها تكوين النفوس ورص الصفوف وإعداد العدة واتباع المنهج والتزام السنن الإلهية والتقيد بالطاعة وسيادة للنظام مع يقظة لخلجات نفس وحركات ميدان { وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } يوسف 21.
الثمن الفادح والآلام القاسية والدماء الغزيرة والتدمير الكامل والسحق لكل شيء، فضلاً عن { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } البقرة 155، حملت عظيم التضحية والفداء والبذل الذي قدمته غزة طيبة راضية مستسلمة تأمل ما عند الله تعالى؛ وكل هذه التضحيات تحمل البشارة بضخامة الآثار وعظيم النتائج المترتبة عليها والتي ستتحقق بفعل الطوفان والمحرقة { فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } يوسف 90.
فلن يضيعنا ربنا وهذه الدماء البريئة الشجاعة، وسيعقبها فتح عظيم ونصر كبير وتغير استراتيجي وزوال الاحتلال الظالم { وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } الصف 13، فضلاً عن الغاية العظمى { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ } آل عمران 133، بما عند الله تعالى { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } الرعد 24.