باحث: "طُعم المساعدات" أداة الاحتلال لتنفيذ مخططاته في غزة

'أونروا': غزة بحاجة إلى 600 شاحنة يوميًا لإنقاذ سكانها

الإعلام الحكومي: المخابز والمستشفيات والآبار تحتاج إلى 50 شاحنة وقود

الصحة العالمية: لا تأكيدات إسرائيلية على دخول المساعدات الطبية

بعد 80 يوماً من الإغلاق العسكري المشدد على جميع معابر ومنافذ غزة، سمح رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بإدخال 'مساعدات مؤقتة' إلى القطاع، بناءً على توصية من الجيش الذي بدأ عمليته العسكرية الموسعة 'عربات جدعون'.

ووصفت وسائل إعلام عبرية كمية المساعدات التي دخلت غزة منذ إغلاق المعابر في 2 مارس/آذار الماضي – التي تسببت في انتشار المجاعة بين السكان – بأنها 'مساعدات محدودة' و'رمزية'، جاءت استجابة لضغوط أمريكية وأوروبية.

ورغم إقرار نتنياهو بوجود مجاعة في غزة أمس، فإنه تمسّك بمواصلة الإبادة الجماعية المستمرة منذ 19 شهراً، وقال: 'سنحتل جميع أراضي غزة، هذا ما سنفعله'، فيما توعّد وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش بـ'تجويع وتدمير ما تبقى من القطاع وتهجير الفلسطينيين من جنوبه'.

'تهجير قسري عبر الطعام'

وبحسب المتحدث الإعلامي لوكالة 'أونروا'، عدنان أبو حسنة، فإن جيش الاحتلال سيسمح بدخول 9 إلى 30 شاحنة بشكل مؤقت، بحسب وسائل إعلام عبرية، في حين تمتلك الوكالة ومنظمات أخرى 9 آلاف شاحنة متكدسة أمام معابر غزة.

وأشار أبو حسنة، في حديث تلفزيوني أمس، إلى أن هيئات الأمم المتحدة لديها آلاف الشاحنات العالقة على الجانب الآخر من غزة، مؤكداً أن 'غزة ليست بحاجة إلى شاحنة أو 10 أو 30... بل إلى 600 شاحنة يومياً لإنقاذ سكانها من المجاعة والكارثة الإنسانية'.

واستنكر اعتراف نتنياهو بـ'وجود مجاعة' في غزة رغم التقارير الأممية والحقوقية المتكررة، معتبراً أن إدخال هذه الكمية الرمزية من المساعدات جاء استجابة لضغوط أوروبية وغيرها، لكنه أكد أن 'الصادم في الأمر' هو العدد القليل جداً للشاحنات التي سيسمح بإدخالها بشكل مؤقت.

كما انتقد استبعاد الاحتلال لوكالة 'أونروا' ومنظمات أممية أخرى من عملية توزيع المساعدات، لأسباب سياسية تتعلق بالقضية الفلسطينية، مشدداً على أن 'أونروا' هي أكبر مؤسسة أممية عاملة في القطاع وتمتلك الآليات واللوجستيات الكافية لتوزيع المساعدات بفعالية.

وجدد أبو حسنة رفض مؤسسات الأمم المتحدة للآلية الإسرائيلية – الأمريكية المقترحة لتوزيع المساعدات في جنوب القطاع، واصفاً إياها بأنها 'تُكرّس التجويع والتهجير'.

وأكد أن هذه الآلية ستفشل كما فشل الميناء الأمريكي العائم على شاطئ غزة في صيف 2024، وفشلت أيضاً الخطة الإسرائيلية لتشكيل لجان عشائرية لتوزيع المساعدات.

وبالتفاف على المؤسسات الأممية، تستعد مؤسسة إغاثية مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل للعمل في غزة قبل نهاية مايو/أيار الجاري، وهو ما أثار انتقادات حادة من منظمات أممية وغير حكومية عاملة في القطاع.

50 شاحنة وقود يومياً

وأكد المكتب الإعلامي الحكومي أن الوضع الكارثي في غزة هو نتيجة مباشرة لسياسات إسرائيلية ممنهجة تستهدف المدنيين في معيشتهم وأجسادهم، في انتهاك صارخ للأعراف والمواثيق الدولية.

وأوضح، في بيان أمس، أن غزة تحتاج إلى أكثر من 500 شاحنة مساعدات يومياً، بالإضافة إلى 50 شاحنة وقود لتشغيل المخابز والمستشفيات ومحطات ضخ المياه والصرف الصحي.

وطالب المكتب بتمكين المنظمات الأممية والدولية من العمل بحرية وأمان داخل غزة، دون انتهاك للقانون الدولي الإنساني أو تجاوز للمعايير الإنسانية العالمية.

مساعدات طبية بلا ضمانات

من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إن لديها 31 شاحنة محمّلة بالمعدات الطبية، لكنها لم تتلقَ أي تأكيدات إسرائيلية بشأن توقيت دخولها إلى القطاع.

وأعلنت المنظمة، في بيان أمس، وفاة 57 طفلاً جوعاً، ووجود أكثر من 10 آلاف مريض وجريح – منهم 4 آلاف طفل – بحاجة إلى رعاية طارئة خارج القطاع.

وأكدت المنظمة أن طواقمها تعمل في ظروف شديدة الصعوبة داخل غزة بسبب نقص المعدات والكوادر الطبية، مشددة على ضرورة عدم استهداف المنشآت والطواقم الصحية.

كما شددت على أن الحل الوحيد لتوفير الرعاية الطبية هو وقف إطلاق النار فوراً.

5% فقط من المساعدات

من جانبه، يرى الباحث الفلسطيني علي أبو رزق أن كمية المساعدات التي دخلت غزة تشكل فقط 5% من المعدل الطبيعي الذي كان يصل في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، والذي بلغ 600 شاحنة يومياً.

ووصف أبو رزق، في منشور عبر صفحته، ما تروّج له إسرائيل بأنه يمثل 'هندسة المجاعة' أو 'إدارة المجاعة'، مشيراً إلى أن المساعدات التي دخلت حتى الآن تقتصر على الطحين والمعلبات، دون أي شاحنات تجارية تحمل فواكه أو خضروات أو لحوماً أو دواجن.

وأشار إلى ما وصفه بـ'أقذر السيناريوهات'، والمتمثل في قصف طائرات الاحتلال لمستودع الأدوية في مستشفى ناصر بخان يونس، بالتزامن مع الزعم بالسماح بدخول مساعدات طبية.

وأكد أبو رزق أن قرار إدخال المساعدات الرمزية لا يمكن فصله عن السياق السياسي والعسكري العام، مشيراً إلى أن الاحتلال يستخدم سياسة 'الإلهاء' و'طُعم المساعدات' لتمرير خططه الأوسع، وفي مقدمتها تكرار نموذج اجتياح رفح وسط صمت دولي مخزٍ.