اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٦ أيار ٢٠٢٥
يمثل إعلان اليمن فرض حصار جوي شامل على دولة الاحتلال الإسرائيلي واستهداف مطار 'بن غوريون' بشكل متكرر، تحوّلًا نوعيًا في طبيعة المواجهة، ويكشف عن تصاعد غير مسبوق في التنسيق بين جبهات محور المقاومة.
وعدَّ محللان سياسيان أن هذه الخطوة تُربك الحسابات الإسرائيلية، وتوجّه رسائل سياسية ونفسية قوية مفادها أن الاحتلال بات محاصرًا من جهات متعددة، وأن معركة غزة تجاوزت حدود الجغرافيا لتتحول إلى مواجهة إقليمية شاملة، تهزّ صورة (إسرائيل) بصفتها قوة مهيمنة على الجو.
وأعلنت القوات المسلحة اليمنية، مساء 4 مايو 2025، فرض حصار جوي شامل على كيان الاحتلال الإسرائيلي، في خطوة استراتيجية جديدة ضمن معركة 'طوفان الأقصى'، ردًا على تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقال المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، في بيان متلفز: 'نعلن اليوم عن فرض حصار جوي شامل على العدو الصهيوني، وسنستهدف بشكل متكرر المطارات والمنشآت الحيوية داخل الكيان، وفي مقدمتها مطار بن غوريون، حتى يتوقف العدوان على أهلنا في غزة.'
وتأتي هذه الخطوة لتؤكد تصعيدًا نوعيًا في تنسيق الجبهات بين قوى محور المقاومة، حيث لم تعد جبهات الدعم مقتصرة على البيانات أو التهديدات، بل باتت تؤثر فعليًا في المشهد الميداني، وتستنزف الاحتلال على أكثر من جبهة.
ويأتي الدور اليمني في وقت تصمت فيه كثير من الأنظمة العربية، بل وتواصل بعضها التطبيع مع الاحتلال، في حين يقدم اليمن صورة مغايرة لجبهة مقاومة تصنع الفعل رغم الجراح.
كسر هيبة الطيران الإسرائيلي
ويرى المحلل السياسي خليل شاهين أن إعلان اليمن عن فرض حصار جوي شامل على كيان الاحتلال الإسرائيلي يمثل نقطة تحوّل استراتيجية في معادلة الردع، ويعكس انتقال محور المقاومة من موقع الدفاع إلى الهجوم المنسق متعدد الجبهات.
وقال شاهين لـ 'فلسطين أون لاين': 'نحن لا نتحدث عن مجرد تصريح إعلامي من صنعاء، بل عن عمليات متكررة على الأرض تستهدف مطار بن غوريون، وهو الرمز الأول لحركة الكيان الاقتصادية والسياحية والعسكرية. هذه ضربة تحت الحزام لكل ما تروّجه إسرائيل عن سيطرتها الجوية وقدرتها على حماية سمائها'.
واعتبر أن ما يحدث يؤكد تنسيقًا عالي المستوى بين الجبهات الفاعلة في محور المقاومة 'ما يجري ليس عملًا عشوائيًا، بل هو تعبير عن غرفة عمليات واحدة تتشارك فيها غزة، اليمن، حزب الله، وربما أطراف أخرى، والرسالة واضحة: لا أمن ولا طيران ولا استقرار حتى يتوقف العدوان على غزة'.
وهاجم المواقف الرسمية العربية التي وصفها بـ'المخزية'، قائلاً: 'اليمن المحاصر منذ سنوات، والمُجوّع، يرسل طائرات مسيّرة تعطل الملاحة الجوية في دولة تعتبر نفسها قوة إقليمية عظمى، في حين تجلس أنظمة التطبيع على الأرائك في فنادق الغرب تتحدث عن السلام الاقتصادي!'.
وتابع حديثه بالقول: 'ما يجري هو عودة للأصل، أن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية، واليمن اليوم يعيد ترتيب أولويات الأمة من موقع الفعل، لا من موقع الشكوى'.
رسائل تحدٍّ
أما المحلل السياسي وديع أبو نصار، فيرى في الاستهداف اليمني لمطار بن غوريون 'مفاجئ من حيث التوقيت وحساسية الموقع'.
وأوضح أبو نصار لـ'فلسطين أون لاين': 'لا يمكننا النظر إلى إعلان اليمن فرض حصار جوي على (إسرائيل) بمعايير القوة التقليدية، لأن اليمن ليست دولة تمتلك منظومة دفاع جوي أو قوة جوية كلاسيكية. لكن في الواقع، نحن أمام استخدام ذكي للأدوات المتاحة، أبرزها الطائرات المسيّرة التي باتت تقلق الجيش الإسرائيلي بشدة'.
وأضاف: 'الرسالة هنا مزدوجة: أولاً، أن معركة غزة ليست محصورة بين حماس و(إسرائيل)، بل هي معركة إقليمية؛ وثانيًا، أن كلما طال العدوان، زادت الجبهات التي تتحرك، حتى من أماكن بعيدة جغرافيًا'.
ورأى أبو نصار أن التأثير على مطار بن غوريون – حتى لو لم يكن تدميريًا – له تبعات استراتيجية، مفسرًا 'حركة الطيران بالنسبة لإسرائيل ليست فقط حركة اقتصادية أو سياحية، بل مؤشر على بيئة الأمن الداخلي. إذا تعطلت أو أصبحت غير موثوقة، فهذا يضرب العمق النفسي للشارع الإسرائيلي، ويعطي انطباعًا بأن لا مكان آمن'.
كما حذّر أبو نصار من الاستهانة بهذه التطورات، قائلاً: 'يبدو أن تل أبيب لم تعد تقرأ خريطة الصراع بشكل صحيح. كل جبهة تُفتح تعني المزيد من الاستنزاف، وهذا سيؤثر عاجلاً أم آجلاً على القرار السياسي داخل المؤسسة الإسرائيلية'.
وختم حديثه بالقول: 'نعم، هناك أبعاد رمزية في ما يفعله اليمن، لكنه أيضًا مؤشر على أن موازين القوة تتغير بشكل تدريجي، وأن عصر التفرد الإسرائيلي في السماء بات على المحك'.