اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٥ كانون الأول ٢٠٢٥
في الصباحات الرمادية لسماء غزة المثقلة بغبار الحرب، يبحر الصيادون على متن قوارب صغيرة نجت بأعجوبة من الغارات والضربات الجوية الإسرائيلية، ليجدوا أنفسهم أمام وحش آخر على هيئة زوارق حربية مجهزة بأحدث الأسلحة، تلاحقهم وتنغص عليهم رحلات الصيد المميتة.
صباح أمس، وبعد أن أبحر 4 صيادين على متن قاربهم الصغير مئات الأمتار فقط، داهمهم زورق حربي يعتليه جنود بحرية الاحتلال الإسرائيلي، واعتقلتهم على حين غرَّة.
لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، لكنها شكلت أيضًا انتهاكًا آخرًا للاتفاق المبرم بوساطة مصرية وقطرية ورعاية من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
يروي رئيس نقابة العاملين في قطاع الصيد والإنتاج البحري زكريا بكر، تفاصيل الانتهاك الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن الصيادين الأربعة اعتقلتهم بحرية الاحتلال عندما كانوا يمارسون الصيد في مناطق شاطئية.
وأوضح بكر لصحيفة 'فلسطين'، أن زورقًا حربيًا إسرائيليًا اقترب من قارب الصيد، وأجبر جنود بحرية الاحتلال، الصيادين على خلع ملابسهم والنزول إلى المياه الباردة، قبل أن تجبرهم على الصعود إلى الزورق الحربي الذي اقتادهم إلى جهة مجهولة.
والصيادين الأربعة المعتقلين هم؛ حمزة عبد الوهاب كتوع، عبد اللطيف زكي طروش، عرفات مالك طروش، رشدي عبد الله العطار، حسبما أفاد بكر.
وأكد أن هؤلاء الصيادين لم يشكلوا أي خطر على قوات بحرية الاحتلال سوى أنهم كانوا يمارسون الصيد باستخدام وسائل صيد تعد بدائية مقارنة بما كانوا يملكونه قبل الحرب، ويبحثون بواسطتها عن قوت عائلاتهم الناجية من الإبادة.
وحتى قبل الحرب التي بدأها جيش الاحتلال يوم 7 أكتوبر 2023، واستمرت سنتين، كما يضيف بكر، لم تتوقف انتهاكات بحرية الاحتلال بحق الصيادين، إذ كانت تتلاعب بالمساحات المسموح للصيادين الإبحار والصيد فيها، وتلاحقهم وتمارس القتل العمد والاعتقال، وتدمر قوارب الصيد وتغرقها أيضًا.
لكن الدمار الأوسع لحق بقطاع الصيد في خضَّم حرب الإبادة، حيث دمر جيش الاحتلال 95 بالمئة منه، وجعل أكثر من 4 آلاف صياد يواجهون مصيرًا مجهولاً، في وقت يواصل فيه الاحتلال ملاحقة الصيادين في مناطق قريبة من الشاطئ، ويحاصر غزة، ويحول دون توفر بدائل في ظل غياب الدعم الإنساني، والقول لبكر.
وبين أن جيش الاحتلال قتل خلال الحرب 230 صيادًا في مناطق مختلفة من قطاع غزة، بينهم صيادين استشهدوا خلال ممارسة الصيد.
كما اعتقلت بحرية الاحتلال قرابة 60 صيادًا، بينهم 24 منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، عادًّا ذلك انتهاكًا واضحًا يتطلب وضع حد له.
وتابع بكر: إن 'الصمت الدولي على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا، يشجعه على ارتكاب المزيد من الانتهاكات بحق الصيادين وقطاعات أخرى في غزة، ويدفعه إلى عدم الالتزام بأي اتفاق.'
وأكمل حديثه: 'إن الصيادين يعتبرون وقف إطلاق النار، اتفاقًا مزيفًا بسبب استمرار ملاحقتهم في عرض البحر واعتقالهم.'
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، كانت قوات بحرية الاحتلال اعتقلت 4 صيادين بينهم 3 أشقاء من عائلة الهسي، عندما كانوا يمارسون الصيد قرب ميناء الصيادين، غرب مدينة غزة.
والأشقاء الثلاثة، هم أبناء الصياد الفلسطيني المعمر رشاد الهسي (81 عامًا)، والذي لا يعرف مصيرهم منذ اعتقالهم. وفي صباح كل يوم يغادر منزله في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة متجهًا إلى رصيف الميناء، ويبحث في وجوه الصيادين المنهكين عن ملامح تشبه أبنائه المعتقلين.
وأضاف الهسي لـ'فلسطين'، 'الصيادون يبحرون لتأمين قوت أبنائهم، لكن الزوارق الإسرائيلية تلاحقهم وتستهدفهم بإطلاق النيران والاعتقال وتدمير القوارب.'
وهذا ما يخشى منه الصياد خالد الأقرع (28 عامًا)، من سكان مدينة دير البلح، وسط القطاع، مشيرًا إلى الانتهاكات الإسرائيلية تطال الصيادين ليس في بحر مدينة غزة، بل في جميع المناطق الساحلية المتبقية أمام الصيادين بعد مصادرة مساحات شاسعة منه.
وأضاف الأقرع لـ'فلسطين'، أن الاحتلال لم يكتفِ بتدمير 4 قوارب كان يملكها والده ويمارس الصيد على متنها مع أشقائه، ويعيلون بواسطتها عوائلهم، بل تلاحقهم الزوارق الحربية باستمرار.
وتابع: 'إن رحلات الصيد صارت مليئة بالمخاطر رغم أننا نبحث عن الأسماك قرب الشاطئ، لكن الكثير منَّا لا ينجوا من ملاحقة بحرية الاحتلال ونيرانها الموجهة صوبنا.'

























































