اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٩ أب ٢٠٢٥
أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، صباح اليوم السبت، بأن جميع قادة الأجهزة 'الأمنية الإسرائيلية' رفضوا خطة احتلال غزة ، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير.
وأشارت الصحيفة إلى أن اجتماع المجلس الأمني امتد 10 ساعات، وشهد نقاشا حادا عبّر خلاله قادة الأجهزة الأمنية عن معارضتهم لاحتلال غزة بدرجات متفاوتة، مؤكدين وجود 'خيارات أكثر ملاءمة' لتحقيق الأهداف نفسها.
وأكدت أن الاجتماع كان مسرحا لخلافات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان إيال زامير، كما واجه بعض الوزراء أيضا زامير بسبب موقفه.
ووفقا ليديعوت أحرنوت، قال رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي خلال اجتماع أمس إن الصور التي نُشرت مؤخرا لأسرى إسرائيليين تبدو عليهم آثار الهزال والمعاناة من الجوع لا تسمح له بدعم خطة 'كل شيء أو لا شيء'، مضيفا 'لست على استعداد للتنازل عن فرصة إنقاذ ما لا يقل عن 10 أسرى.. وقف إطلاق النار سيمكننا من محاولة التوصل إلى اتفاق بشأنهم'.
'لن تعيد الأسرى ولن تهزم حماس'
من جانبها، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن نقص القوى العاملة من بين قيود رئيسية تواجه 'إسرائيل' للسيطرة على غزة، وأوضحت أن العميد المتقاعد أمير أفيفي يرى أن التقدم السريع سيتطلب عدة فرق عسكرية تضم عشرات آلاف الجنود، وهو ما دفعه لترجيح اختيار عملية أكثر تدرجا تقلل الضغط على القوى البشرية.
وأوضحت أن جنودَ احتياط في الجيش الإسرائيلي هددوا بعدم العودة للقتال في غزة إذا تم استدعاؤهم مرة أخرى، في ظل حالة إرهاق واستنزاف يشهدها جيش الاحتلال بسبب طول أمد الحرب.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال الإسرائيلي المتقاعد غادي شامني أن خطة السيطرة على غزة لن تعيد المحتجزين الإسرائيليين، ولن تؤدي لهزيمة حركة حماس أو دفعها للتخلي عن سلاحها، وقال إنه بات واضحا تماما أن الضغط العسكري لن يعيد المحتجزين فحسب، بل سيقتلهم أيضا.
وأضاف أن خطة السيطرة على غزة ستفاقم معاناة العائلات وتضر بمكانة إسرائيل في العالم، كما أنها ستقوض الاقتصاد الإسرائيلي، وتعمق أزمة الثقة بين الحكومة الإسرائيلية والجيش.
خلاف نتنياهو وزامير... صراع على الكلفة أم شكل الإبادة؟
ويعكس الخلاف المحتدم بين رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير، بشأن خطط إعادة احتلال قطاع غزة، صراعًا داخليًا في المؤسسة الإسرائيلية بين أجندات متنافسة، لا صلة لها بأي اعتبارات أخلاقية أو إنسانية.
ووفق ما يؤكده خبيران في الشأن الإسرائيلي، فإن الجدل لا يدور حول الإبادة الجارية بحق الفلسطينيين، بل حول حجم الأثمان التي قد تتحملها (إسرائيل) نفسها، من خسائر الجيش ومصير الأسرى الإسرائيليين، إلى تآكل الجاهزية العسكرية للجيش.
وبينما يصر نتنياهو على مواصلة التصعيد لتحقيق مكاسب سياسية تخدم بقائه في الحكم، ترى المؤسسة العسكرية أن توسيع الحرب قد يتحول إلى عبء استراتيجي لا طائل منه، في هذا المشهد، يغيب الفلسطيني تمامًا عن النقاش، إلا باعتباره عائقًا أمام مصلحة إسرائيلية بحتة.
ورأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية د. محمد هلسة أن الخلاف المحتدم بين نتنياهو وزامير بشأن خطط إعادة احتلال قطاع غزة يعكس صراعًا داخليًا بين أجندتين متنافستين في (إسرائيل)، مشددًا على أن هذا الصراع لا يمت بأي صلة لاعتبارات أخلاقية أو إنسانية تتعلق بالفلسطينيين.
وأوضح هلسة لصحيفة 'فلسطين'، أن الجدل الإسرائيلي الدائر حول توسيع الحرب لا يرتبط إطلاقًا بما قد تخلّفه من مآسٍ بحق المدنيين الفلسطينيين، بل يتمحور فقط حول الأثمان التي قد تدفعها (إسرائيل) نفسها، من حيث خسائر الجيش ومصير الأسرى.
وقال: 'لا يوجد وخز ضمير في المجتمع الإسرائيلي تجاه المقتلة الجارية في غزة، ولا إحساس بتجاوز أخلاقي. هناك تصالح تام مع الذات بأن هذه حرب مبررة وصفرية: إما نحن أو هم'.
وأكد أن الموقف الذي يعبر عنه زامير ومؤسسة الجيش نابع من تقدير بأن توسيع الحرب سيضر بمصالح (إسرائيل)، وسيعرض حياة الأسرى للخطر، ويؤدي إلى تآكل قدرات الجيش على المدى الطويل. وفي المقابل، يتمسك نتنياهو وأقطاب اليمين بخيار الاجتياح الكامل لتحقيق 'نصر سياسي'، دون الاكتراث بتكلفة ذلك.
ومن جهته، قال المختص في الشأن الإسرائيلي، د. مهند مصطفى، إن الخلاف بين نتنياهو وزمير، هو 'خلاف جدي وجوهري، لا ينبع فقط من اختلاف في الرؤى، بل من تباين عميق في تقدير الأثمان التي يجب دفعها'.
وأوضح مصطفى في تصريحات لقناة 'الجزيرة'، أن نتنياهو مستعد لدفع أي ثمن، سياسيًا أو عسكريًا، من أجل تحقيق أهدافه من الحرب وضمان بقائه في الحكم، مضيفًا: 'هو لا يسعى بالضرورة إلى توسيع العملية العسكرية إذا وافقت حماس على اتفاق يتماشى مع الشروط الإسرائيلية؛ هدفه الأساسي هو اتفاق بشروطه، لا غير'.
في المقابل، يرى زمير، بحسب مصطفى، أن توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة سيكون مكلفًا للغاية، سواء على صعيد الخسائر البشرية في صفوف الجنود، أو من ناحية الإرهاق الكبير الذي يعانيه جيش الاحتلال، إلى جانب المخاطر المتزايدة على الجنود والاحتياط، والأهم – التضحية بمصير الأسرى الإسرائيليين في غزة، 'وهو أمر لا يقبله زمير إطلاقًا، بخلاف نتنياهو الذي لا يضع هذه القضية في صدارة أولوياته'.
وفي قراءته لطبيعة إدارة هذا الخلاف وتسريبه للإعلام، قال مصطفى إن نتنياهو يحاول توظيف الخلاف لصالحه، للضغط على حركة حماس ودفعها نحو اتفاق بشروط إسرائيلية، مشيرًا أن نتنياهو يسعى لمنح انطباع لحماس ولشركائه في اليمين المتطرف بأنه ماضٍ في العملية العسكرية، حتى لو لم يكن يريدها فعلًا.
وأقر مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي ليل الخميس الجمعة خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو هدفها 'السيطرة' على مدينة غزة في شمال القطاع المحاصر الذي يشهد أزمة إنسانية حادة ودمارا هائلا بعد 22 شهرا من الحرب.
وأثارت الخطة ردود فعل محذرة ومعارضة، فيما أكدت حماس الجمعة أنها 'ستكلف إسرائيل أثمانا باهظة'. ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ترتكب 'إسرائيل' بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و330 شهيدا و152 ألفا و359 مصابا من الفلسطينيين، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.